ثقب أسود هائل يفر من مجرته.. دليل علمي أول لسرعات تفوق التصور

ثقب أسود هارب يتحدى الفهم التقليدي للكون بسرعته الاستثنائية، فقد أعلن باحثون في جامعة ييل برئاسة بيتر فان دوكوم عن جسم فلكي هائل انفصل عن مجرته الأصلية، كتلته تعادل عشرة ملايين مرة كتلة الشمس، وهو يندفع عبر الفضاء لمسافة تصل إلى 7.5 مليار سنة ضوئية، متركاً وراءه آثاراً من النجوم الناشئة حديثاً وموجات صدمية قوية، فيما يمثل هذا الاكتشاف أول إثبات تجريبي لنظريات تعود إلى نصف قرن من الزمن.

كيف كشف تلسكوب جيمس ويب عن ثقب أسود هارب

اعتمد الفريق على تلسكوب جيمس ويب الفضائي لتحليل الظاهرة بدقة عالية، مستخدمين أداة NIRSpec المتخصصة في الأشعة تحت الحمراء لرسم خريطة تفصيلية لتوزيع السرعة داخل الموجة الصدمية، حيث سجلوا اختلافاً يصل إلى 600 كيلومتر في الثانية بين الغاز أمام الجبهة وما خلفها، مدعوماً بانزياح أزرق يدل على حركة جسم ثقيل نحو أطراف المجرة؛ هذا يعني أن سرعة الثقب الأسود الهارب تصل إلى 954 كيلومتراً في الثانية، أي حوالي ثلث سرعة الضوء، ويعتمد على بيانات سابقة كانت غامضة نسبياً، كما يظهر كيف يخلق هذا الثقب أسود هارب ذيلاً يمتد لـ200 ألف سنة ضوئية مليئاً بنجوم تشكلت حديثاً بسبب الاضطرابات التي يولدها في الوسط الكوني.

ما الذي يدفع ثقب أسود هارب إلى الهروب السريع

يعود هذا الاندفاع الدراماتيكي إلى عملية الارتداد الجاذبي الناتجة عن اندماج ثقبين أسودين فائقي الكتلة بعد دمج مجرتيهما، مما ينتج موجات ثقالية عنيفة تدفع أحدهما بعيداً بقوة هائلة؛ يفصل الباحثون في دراستهم المنشورة على موقع arXiv كيف أن هذه الظاهرة كانت متوقعة منذ عقود، حيث يتجاوز الثقب الأسود الهارب سرعة الصوت الكوني، ويؤكد ذلك نماذج النوى المجرية المزدحمة، بالإضافة إلى فتح آفاق جديدة لاستكشاف كيفية تشتت هذه الأجسام في الفضاء البيني، بعيداً عن مراكز الجاذبية الرئيسية التي كانت تُعتبر مستقرة سابقاً.

لتلخيص السمات الرئيسية لهذا الثقب الأسود الهارب، إليك الجدول التالي الذي يبرز القيم الأساسية المكتشفة:

الخاصية القيمة
الكتلة عشرة ملايين ضعف كتلة الشمس
السرعة 954 كيلومتراً في الثانية
طول الذيل 200 ألف سنة ضوئية
المسافة المقطوعة 7.5 مليار سنة ضوئية

كيف يعدل اكتشاف ثقب أسود هارب من نظرتنا للكون

أطلق عليه الباحثون اسم RBH-1، اختصاراً لكونه أول ثقب أسود هارب فائق الكتلة مثبت علمياً، وهو يعزز الاعتقاد بوجود ملايين الثقوب السوداء الشاردة التي تتجول بين المجرات دون أن تُكتشف بسهولة، مما يعدل الديناميكيات الكونية المتوقعة؛ يرتبط هذا الاكتشاف بتطورات فلكية أخرى، مثل رصد ثقوب سوداء تطلق رياحاً سريعة أو تمزق نجوماً بعيدة أو تظهر إشارات لتلاشيها، وإليك أبرز هذه الروابط:

  • رصد ثقب أسود هائل يطلق رياحاً كونية فائقة السرعة لأول مرة، مشابهة لتأثير RBH-1 على الغاز المحيط.
  • ثقب أسود يمزق نجماً عملاقاً على بعد 10 مليارات سنة ضوئية، مستوحى من قوى الجاذبية في الاختلالات المشابهة.
  • علماء يلتقطون «الصرخة الأخيرة» لثقب أسود متلاشٍ، مما يبرز دورات حياة هذه الكيانات المتطرفة.
  • اندماج مجرات يولد موجات ثقالية، تماماً كالارتداد الذي أطلق RBH-1.
  • تأكيدات من تلسكوبات فضائية تكشف ثقوب سوداء شاردة أخرى محتملة في الظلام الكوني.

يظل RBH-1 دليلاً حياً على العنف الذي يسود مراكز المجرات، ويعد بكشوف إضافية تجعل الكون أكثر غموضاً وجاذبية.