جدل «الست» يشعل حماس صناع الدراما للسير الذاتية

السير الذاتية أصبحت محور نقاش واسع في الأوساط السينمائية والدرامية العربية، خاصة بعد إثارة فيلم «الست» الذي يتناول حياة أم كلثوم، موجة من الجدل النقدي منذ الإعلان عنه قبل أشهر، وازدادت حدته مع إصدار البرومو الترويجي ودخوله دور العرض في مصر وبعض الدول العربية مؤخراً. رغم الإيرادات المليونية التي حققها الفيلم وتصدره لقوائم الإيرادات، يستمر التباين بين المؤيدين والمعارضين، مع اتفاق كثيرين على أن هذا الجدل عزز من شهرته ودفع الجمهور نحو مشاهدته.

دور الجدل في تعزيز جاذبية السير الذاتية

الجدل المحيط بفيلم «الست»، الذي قامت ببطولته منى زكي، أشعل حماس بعض الصناع لاستكشاف سير حياة مشاهير آخرين، مثل الرائد طه حسين أو الفنانتين سعاد حسني وفاتن حمامة، كما أفصحوا عن ذلك في تصريحات حديثة. هذا التوجه يعكس رغبة في إعادة إحياء الذاكرة الثقافية من خلال أعمال سينمائية أو درامية تعتمد على وقائع حقيقية. ومع ذلك، يتساءل الكثيرون إن كان هذا الضجيج الناتج عن «الست» هو السبب الرئيسي في إعادة فتح الباب أمام مثل هذه المشاريع، أم أنه مجرد صدى لاتجاهات سابقة في السوق الفني.

رأي النقاد في مصداقية السير الذاتية

يؤكد الكاتب والناقد الفني عماد يسري أن أعمال السير الذاتية ليست جديدة على المنطقة العربية، لكن الضجة حول فيلم «الست» أعادت إحياء الاهتمام بها بقوة. في حديثه لصحيفة «الشرق الأوسط»، شدد يسري على أن الجدل غالباً ما يكون إيجابياً، إلا أنه قد يؤدي إلى ردود فعل معاكسة في بعض الحالات، وأبرز خصوصية شخصية أم كلثوم كعامل يجعل القصة أكثر تعقيداً. وأضاف أن السير الذاتية الحقيقية تنبع من رواية الشخص نفسه أو شهادات مباشرة منه، بينما ما يُقدم اليوم غالباً ما يكون تفسيراً شخصياً من الكاتب أو المخرج، مما يستدعي توخي الحذر لضمان الدقة.

لضمان نجاح أي عمل من السير الذاتية، يدعو يسري الصناع إلى الالتزام بمعالجة شاملة تغطي جوانب الحياة المتنوعة، مع الاعتماد على صناع ذوي خبرة كبيرة؛ فالجمهور اليوم أكثر وعياً بتغيرات الثقافة والذائقة، وأي إخلال قد يحول العمل إلى تجربة ناقصة. هذا النهج يساعد في تجنب الوقوع في فخ التعميم أو التركيز على جانب واحد فقط من الشخصية.

مشاريع قادمة تركز على السير الذاتية لمشاهير

في الفترة الأخيرة، أعلن صناع في الدراما والسينما المصرية عن خططهم لإنتاج أعمال مستوحاة من حيوات شخصيات بارزة؛ فالكاتب أحمد مراد، الذي ساهم في فيلم «الست»، أعرب في مقابلة تلفزيونية عن نيته صياغة قصة عن طه حسين، عميد الأدب العربي. كما كشف المخرج مجدي أحمد علي في تصريحات متلفزة عن عمله على سيرة سعاد حسني، بينما أفادت الفنانة إلهام صفي الدين، ابنة شقيقة إلهام شاهين، برغبتها في تقديم فيلم عن فاتن حمامة، مستندة إلى الشبه الجسدي بينهما الذي يجعل التجسيد أكثر إقناعاً.

من جانب آخر، ترى الكاتبة والناقدة صفاء الليثي أن الجدل المستمر حول السير الذاتية، كما في حالة «الست»، يدفع الجمهور نحو البحث والمشاهدة بمزيد من الشغف، ويُعزى حماس الصناع إلى الرغبة في كشف تفاصيل مجهولة عن حيوات المفضلين لدى الناس. في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، وصفت الليثي هذا الاتجاه بأنه مكسب للمشاهدين من كل الأعمار، إذ يتيح الوصول إلى قصص خفية تعمق الارتباط بالشخصيات التاريخية. ومع ذلك، حذرت من أن بعض الأعمال قد تسبب صدمة للجمهور الذي يميل إلى تقديس هذه الشخصيات، متجاهلاً جوانبها السلبية أو الإنسانية، مما يتطلب توازناً دقيقاً في السرد.

لكتابة سيرة ذاتية ناجحة في الزمن الحالي، يجب اتباع خطوات مدروسة تشمل:

  • إجراء بحث معمق في الوثائق التاريخية والأرشيفات المتاحة.
  • جمع شهادات من معاصري الشخصية أو أقاربهم لضمان الدقة.
  • تجنب الاعتماد على الشائعات المنتشرة، مع التركيز على الحقائق الموثقة.
  • صياغة السرد بطريقة تتناسب مع ذائقة الجمهور المعاصر، مع الحفاظ على الاحترام.
  • التعاون مع فريق إبداعي ذي خبرة في الدراما التاريخية.

لتوضيح بعض المشاريع المعلنة، إليك جدولاً يلخص الشخصيات والمسؤولين عنها:

الشخصية الصانع المسؤول
طه حسين أحمد مراد
سعاد حسني مجدي أحمد علي
فاتن حمامة إلهام صفي الدين

مع تزايد الاهتمام بهذه الأعمال، يبقى السؤال مفتوحاً حول كيفية تحقيق التوازن بين الترفيه والصدق التاريخي، مما يعزز من قيمة السينما في حفظ التراث العربي.