السنوسي بسيكري.. مدير المركز الليبي ينشر مقالاً في عربي 21

العملية السياسية في ليبيا تواجه عقبات عميقة، كما يرى مدير المركز الليبي للبحوث والتنمية، السنوسي بسيكري، في مقال نشره موقع “عربي 21” المدعوم من قطر؛ فقد أفصحت هانة تيتيه، ممثلة الأمم المتحدة، عن قناعة ترى فيها أن هذه العملية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالطبقة السياسية الحاكمة التي تسعى للحفاظ على الوضع الحالي. وفي إحاطتها أمام مجلس الأمن، أكدت عدم تحقق تقدم في الركائز الثلاث لخارطة الطريق، خاصة في إنهاء الركيزن الأوليين اللذين كان يُفترض الانتهاء منهما خلال شهرين.

ركائز خارج السيطرة في العملية السياسية

الركيزان الأساسيان يتمثلان في إعادة تشكيل المفوضية العليا للانتخابات ومراجعة قوانين الانتخابات، وهو أمر لم يرَ تيتيه أي تطور ملموس فيهما؛ فاللجنة المشتركة 6+6، وفق الظروف السائدة ومواقف الأطراف المعنية، غير قادرة على إحداث تغيير جوهري في مسار تلك القوانين. يبقى الانسداد قائمًا، وحظوظ نجاح ركيزة القوانين لا تتجاوز حظوظ ركيزة المفوضية، بل إن التحدي أشد تعقيدًا هنا بسبب الخلافات المتشابكة؛ لذا، بدا حديث تيتيه محملًا بروح الفشل الذي حاولت تلطيفه بتعبيرات مهذبة، معتمدة على نهج يركز على الإيجابيات المحدودة.

دور الحوار المهيكل في دفع العملية السياسية

مع ذلك، أظهر خطاب تيتيه تفاؤلًا أكبر عند الحديث عن الركيزة الثالثة، وهي الحوار المهيكل، الذي ترى فيه فرصة للوصول إلى مبادئ توجيهية لبناء الدولة، بالإضافة إلى توصيات حول الحكم والأمن والاقتصاد والمصالحة؛ فهذه الركيزة تبدو الأكثر إمكانية للتقدم في الوقت الحالي. وأشارت تيتيه صراحة إلى نيتها استكشاف بدائل للمضي قدمًا في ركيزتي المفوضية وقوانين الانتخابات، من خلال التشاور مع آليات الحوار هذه، مما قد يعني اعتماد آلية جديدة يُتوقع طرحها في فبراير المقبل.

لتوضيح التحديات الرئيسية أمام تلك البدائل، إليك قائمة بالعناصر البارزة:

  • تصلب الأطراف المعنية بشكل مباشر حول مواقفها، والتي تعكس مصالح شخصية أكثر من الالتزام بالخطط العامة.
  • حاجة لدعم دولي يتجاوز جهود بعثة الأمم المتحدة لإجبار المعرقلين على التنازل.
  • محدودية دور الأجسام مثل اللجنة الاستشارية والحوار المهيكل في التنظير دون تنفيذ، مما يجعلهما مجرد تمارين فكرية.
  • إمكانية اصطدام الآلية الجديدة بالعوائق نفسها، مما يطيل أمد الأزمة الليبية.
  • افتقار الفعل الدولي إلى المواجهة المباشرة للمشكلات الجذرية.

عوائق التقدم وعدم الاعتماد على الأفكار وحدها

المشكلة الأساسية في العملية السياسية في ليبيا ليست نقص الأفكار أو الخطط، بل تصلب الجهات المسؤولة عنها، الذي ينبع من مصالحها الخاصة؛ فكلما ابتُدئت آليات جديدة، يتجاوز الأمر الحاجة إلى دعم أوسع يأتي من قوى دولية كبرى لتجاوز مجلسي النواب والدولة. وإذا بقيت هذه الأجسام الاستشارية تقتصر على تقديم اقتراحات، فإنها تظل مجرد إطالة لعمر النزاع، بعيدًا عن أي حل حقيقي.

لتلخيص الركائز الثلاث في إحاطة تيتيه، يمكن عرضها في الجدول التالي:

الركيزة الحالة الحالية
إعادة تشكيل المفوضية العليا عدم تحقق تقدم ملموس خلال الشهرين المحددين
مراجعة قوانين الانتخابات انسداد بسبب خلافات اللجنة 6+6 وتحديات أكبر
الحوار المهيكل أفضل آفاق للمبادئ التوجيهية والتوصيات في الحكم والأمن

في النهاية، تبقى العملية السياسية في ليبيا محكومة بقدرة الجهات الدولية على فرض تغيير حقيقي، بعيدًا عن الوعود المتكررة، معتمدة على آليات تجاوز المصالح الضيقة للأطراف المحلية.