وائل الغول يفضح أسرار غزة الصغيرة في مقال مثير للحرية

الاستيطان في الضفة الغربية يتجاوز مجرد توسع استيطناني يروج له الجانب الإسرائيلي؛ إنه مشروع جذري للإزالة والاقتلاع، مدعوم بسياسات حكومية تجمع بين الدين والقومية المتطرفة، ترفض تمامًا فكرة إقامة دولة فلسطينية، سواء كانت مستقلة أو حتى محدودة الصلاحيات. تحت قيادة بنيامين نتنياهو، مع دعم من إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، يُعامل هذا الاستيطان كعقيدة سياسية، تحول الأرض إلى جزء أصيل من الهوية الإسرائيلية، بعيدًا عن أي التزامات قانونية دولية.

رؤية الحكومة الإسرائيلية للاستيطان في الضفة الغربية

الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تُدرج الضفة الغربية ضمن الأراضي المحتلة؛ بل تُسميها يهودا والسامرة، أرضًا توراتية مُوعدة، لا مجرد قضية سياسية تتطلب تسوية. هذا المنظور يحول الاستيطان من أداة تكتيكية إلى أساس للحكم، حيث يصبح الضم عملية حتمية تتقدم بخطى محسوبة، دون الالتفات إلى الاعتراضات الدولية. مع تصاعد التوترات في غزة، استغلت السلطات الإسرائيلية الانشغال العالمي لتسريع عمليات التقنين، مما يعكس تحولًا جذريًا في الاستراتيجية الاستيطانية. الاستيطان في الضفة الغربية يصبح هكذا جزءًا من مشروع أوسع يهدف إلى إعادة تشكيل الواقع على الأرض، مدعومًا بغطاء أمني يحمي المستوطنين ويوسع نفوذهم. هذا النهج يجعل أي محادثات سلمية تبدو بعيدة المنال، خاصة مع رفض صريح لأي تنازلات.

الأبعاد الديموغرافية للاستيطان في الضفة الغربية

تشير الإحصاءات الرسمية الإسرائيلية إلى وجود نحو 180 مستوطنة معترف بها رسميًا في الضفة الغربية، إلى جانب أكثر من 250 بؤرة استيطانية غير قانونية، كثير منها خضع لعمليات شرعنة سريعة خلال النزاع في غزة. يعيش في هذه المناطق أكثر من 700 ألف مستوطن إسرائيلي، نصفهم تقريبًا داخل حدود الضفة، مسلحين ومدعومين بقوة عسكرية، مقابل 2.7 مليون فلسطيني يواجهون ضغوطًا يومية. هذا التوازن السكاني ليس صدفة؛ إنه جزء من استراتيجية إحلال ديموغرافي، حيث تُصادر الأراضي، وتُقطع الطرق، وتُحاصر القرى، مما يسمح لعنف المستوطنين بالعمل كأداة تهجير غير مباشر. الاستيطان في الضفة الغربية يقسم المنطقة إلى جيوب معزولة، يفقد فيها الفلسطينيون الاتصالية الجغرافية، ويتآكل حقهم في أرض متصلة. كل توسع جديد يعزز هذا التمزيق، محولاً الضفة إلى كيانات مفصولة، بعيدة عن أي إمكانية لسيادة حقيقية.

لتوضيح الانتشار الاستيطاني، إليك جدول يلخص بعض الجوانب الرئيسية:

النوع العدد التقريبي
مستوطنات رسمية 180
بؤر استيطانية 250
عدد المستوطنين 700 ألف
عدد الفلسطينيين 2.7 مليون

الدوافع الدينية والسياسية خلف الاستيطان في الضفة الغربية

يغذي الاستيطان في الضفة الغربية تفسيرات متشددة لنصوص العهد القديم، ترى في الأرض وعدًا إلهيًا يمتد إلى إسرائيل الكبرى، حيث انتقلت هذه الأفكار من الهوامش الدينية إلى مراكز السلطة. نتنياهو أعلن رفضه القاطع لدولة فلسطينية، بينما يُصر سموتريتش على أن الضفة أرض إسرائيلية خالصة، غير قابلة للتنازل، وبن غفير يعاملها كفضاء مفتوح للقوة العسكرية. هذه الرؤى تحول الاستيطان إلى أداة للضم الشامل، مصحوبًا بتضييق أمني وتصعيد يدفع نحو هجرة قسرية تدريجية، غالبًا باتجاه الأردن. في هذا السياق، يظل الاقتراح المصري بدولة فلسطينية منزوعة السلاح خيارًا يركز على الاستقرار، لكنه يُرفض ليس بسبب عدم الجدوى، بل لأنه يعترف بوجود فلسطيني أصلاً. الاستيطان يصبح هكذا سياسة إشعال متعمدة، تهدف إلى تفريغ الأرض وإنهاء أي أفق لسلام عادل.

من العناصر البارزة في هذا المسار، يمكن ذكر الخطوات الرئيسية التي تُساهم في تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية:

  • صادرة الأراضي الزراعية لصالح المستوطنات الجديدة.
  • تقنين البؤر غير الرسمية تحت غطاء أمني.
  • حماية المستوطنين المسلحين من المساءلة القانونية.
  • قطع الطرق والحواجز لعزل المجتمعات الفلسطينية.
  • التوسع خلال النزاعات لتجنب الضغط الدولي.
  • ربط الاستيطان بتفسيرات دينية لتبريره سياسيًا.

هذه السياسات تحول الضفة إلى منطقة متوترة، حيث يهدد الانتشار الاستيطاني بإثارة تصعيد إقليمي واسع، يتجاوز الحدود المحلية ويؤثر على الاستقرار العام.