زياد رحباني هو واحد من أعظم عباقرة الفن اللبناني، إذ ترك بصمة لا تُمحى من خلال شعره، موسيقاه، ومسرحياته التي تحمل عمقًا إنسانيًا ونقدًا اجتماعيًا لاذعًا. فجاءت كلماته، التي غنتها فيروز، تعكس مدى جماليته وتعقيد مشاعره، كما في أبياته التي يقول فيها:
أنا صار لازم ودعكم وخبركن عني،
أنا كل القصة لو منكن – ما كنت بغني،
موسيقيي دقوا وفلوا – والعالم صاروا يقلوا،
ودايماً في الآخر في آخر – في وقت فراق.
وداع زياد رحباني لجمهوره كان خلف الستار، بلا ظهورٍ يذكر، بعيدًا عن صوت السخرية الذي كان يوماً إرثه، فصوته أصبح أنيناً مثخنًا بالحزن. لم يكن مجرد فنان عادي، بل كان عاصفة من الجمال ودمعة من الفوضى والتعبير المؤلم، نجل الأب وأحزان الأم الذين ترسخوا في كيانه. في إحدى لحظاته المؤثرة، وقف على تلة يصرخ بوجه لبنان، معبرًا عن ألمه العميق: “أنا الأم الحزينة، وما من يعزيها”.
زياد رحباني كفنان شامل وتطوره الفني المتميز
زياد كان كغيره من أهل الرحابنة، لكن بموهبة فريدة وعبقرية متجددة، حيث جمع بين كونه شاعراً موسيقياً، مسرحياً، ممثلاً، كوميدياً، وكاتبًا بارعًا، ليس كأي فنان تقليدي بل في مستوى نبوغ متفرد. جاء حضوره الفني متجددًا في كل جانب، سواء في موسيقاه أو طرقه المبتكرة التي مزج فيها بين إرث العائلة والأشكال الموسيقية التي تحداها وتمرد عليها.
كان زياد دائمًا متألقًا، لكنه كان أيضًا كئيباً يعاني من شعور بالفشل الداخلي رغم النجاحات المتتالية، وهو شعور يعكس شخصيته العميقة والمعقدة. في حياته العامة، اختار الانتماء إلى الفقراء والبائسين، مبتعدًا عن أسرة الفن السائدة، وعن المألوف الذي لم يُرضِه، فنال بذلك مكانة فريدة مختلفة عن الأب والأعمام، جذرًا فنيًا آخر. وعبّر في عزفه على البيانو السريع بنغمات جاز عالية، وكأنه يقول للعالم: عودك رنان، لماذا وكيف؟!
رحلة زياد رحباني بين الكوميديا والدراما والغربة والانتماءات السياسية
عاش زياد رحباني عدة عقود داخل وخارج الدائرة اللبنانية؛ بدايةً من السخرية من قامته، والتي استعار شخصيتها من شارلي شابلن، وحتى تحويله موضوعات حياته الشخصية الحزينة، مثل الزواج الفاشل، إلى سخرية ذاتية عميقة. لم يكن أحد يعِي الحقيقة العميقة لحالة البؤس التي عاشها، فقد عاش في غربة داخلية وخارجية عن كل شيء، فشعر باللا انتماء، ووجد في الانضمام للحزب الشيوعي مجرد تعبير عن شكل من أشكال العبث، لا أكثر.
وصلت مظاهر العبث إلى ذروتها في مسرحيته الشهيرة “بالنسبة لبكرا شو”، التي تطرقت إلى الحالة الأخلاقية المنهارة في المجتمع اللبناني الذي تقطعه الحرب والفقر، وحاول من خلالها رسم صورة الإنسان اللبناني المنكسر الذي يحاول بناء عزة نفس مصطنعة.
العبثية والتمرد الاجتماعي في مسرحيات زياد رحباني والكلمات الخالدة
في مسرحيات زياد رحباني وأشعاره، يتميز نقده الاجتماعي بجرأة غير مسبوقة؛ حيث يستعرض بأسلوب ساخر ومرير ما يحدث في المجتمع من فساد وأزمات، مستخدمًا أسلوبًا مميزًا يجذب المتلقي ويجعل من الفن وسيلة لطرح الأسئلة الصعبة:
- لماذا تعيش حالة من الانكسار والخذلان؟
- هل نملك مواد أولية للبناء النفسي والاجتماعي؟
- كيف نواجه عبثية الواقع الذي يلف حياتنا؟
يطرح زياد في مسرحياته كلمات تختصر أوجاع اللبنانيين، مثل قوله: “وليه، ما بتستحي على حالك وليه؟ مش شايف في نقص بالمواد الأولية؟”؛ وهو سؤال يتركز حول غياب الضمير والأخلاق في ظل ظروف وأزمات متفاقمة، تعرّض حياة الإنسان اللبناني لتشوهات عميقة.
العنصر | الوصف |
---|---|
مسرحية “بالنسبة لبكرا شو” | تجسيد للعبثية في المجتمع اللبناني وتأثير الحروب عليه |
أسلوب زياد الفني | مزج بين السخرية والدراما والكوميديا والتمرد |
موضوعات بارزة | الغربة، العبث، الفشل، الانتماء، الفقر، الحرب |
زياد رحباني ليست مجرد قصة نجاح فنية، بل هو حركة فنية متكاملة تعبر عن كل أبعاد الوجدان اللبناني؛ من العبثية إلى الجمال، ومن التمرد إلى الحزن، ما يجعله شخصًا لا يشبه أحدًا؛ فكان جذرًا جديدًا لموسيقى وجمال ينتظر من يشبهه، دائمًا يعزف عذابات الحياة بإيقاعات الجاز العالية، تلك التي تجعلك تردد داخلك: “عودك رنان!”
انطلاق المعسكر الصيفي لرابطة لاعبي كرة القدم السعوديين في أبها 2025
«صدى التحدي» علوان يقترب من الاحتراف في الدوري العراقي وماذا ينتظر اللاعب؟
وزارة الداخلية تعلن القبض على عصابة خطيرة في جنزور.. تعرف على التفاصيل
عبد الكريم مصطفى يعود للمشاركة في مران الإسماعيلي بعد التعافي من الإصابة
«قمة نارية» تسجيل دوران ثنائية في مباراة الاتحاد ضد فنربخشة يغير مجرى اللقاء
الأهلي يكشف أسباب زيارة الخطيب إلى برشلونة وتأثيرها على الفريق
ترامب يعلن عن أكبر صفقة استثمارية تاريخية مع اليابان.. ما تفاصيلها؟
إنتر ميلان يترقب نهاية يوليو لاتخاذ قرار بشأن دومفريس بعد اهتمام برشلونة