تقرير يكشف فجوة تمويل عالمية ضخمة لمشاريع التنوع البيولوجي.. ما تداعياتها؟

تمويل التنوع البيولوجي هو في قلب التحديات البيئية العالمية، حيث قدَّر اتحاد شركات التأمين فجوة تمويلية تقدر بنحو 700 مليار دولار سنوياً لسد هذه الفجوة الحيوية التي تؤثر على حماية الأنواع المهددة بالانقراض نتيجة التغيرات التي تحدث بفعل الأنشطة البشرية. إن الاستثمار في تمويل التنوع البيولوجي يعد خطوة ضرورية لضمان استمرار النظم البيئية التي تشكل الأساس للحياة على كوكب الأرض.

دور تمويل التنوع البيولوجي في مواجهة تهديدات فقدان التنوع البيولوجي

يُعرف التنوع البيولوجي بتعدد الكائنات الحية والنظم البيئية التي تشمل الأراضي، والبحار، والمياه العذبة، إلى جانب المجمعات البيئية المكونة منها، وهو أمر جوهري للحفاظ على التوازن البيئي. توضح التقارير الحديثة، ومنها تقرير المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية (IPBES)، أن تراجع التنوع البيولوجي يعود بشكل رئيسي إلى تغيّر استخدام الأراضي والبحار، والاستغلال المفرط للموارد الحية، والتغير المناخي، والتلوث، والأنواع الغازية، إلى جانب عوامل اجتماعية واقتصادية مترابطة تؤدي إلى ضعف مرونة النظم البيئية وتقليل قدرتها على التجدد. هذا الانخفاض لا يؤثر فقط على البيئة بل يمتد ليطال النظم الاقتصادية والاجتماعية التي تعتمد عليها، مسبباً أضراراً مادية، واضطرابات مالية، وانعداماً في الأمن الغذائي والمائي.

آليات قطاع التأمين في دعم تمويل التنوع البيولوجي والتخفيف من المخاطر

يُسبب تراجع التنوع البيولوجي مجموعة من المخاطر المادية والانتقالية والنظامية التي تهدد استقرار الاقتصادات والمجتمعات. يأتي قطاع التأمين كرافد حيوي لتخفيف هذه المخاطر عبر تقديم حلول تأمينية معيارية تُسهم في الاستجابة السريعة للكوارث البيئية، مثل الفيضانات الناتجة عن إزالة الغابات أو تراجع الشعاب المرجانية، من خلال وثائق تأمين تعتمد على مؤشرات بيئية توفر مدفوعات فورية. كما يضمن تمويل التنوع البيولوجي تغطية الشركات المتضررة بفعل اضطرابات التنوع البيولوجي، كتعطل سلاسل التوريد نتيجة فقدان الموارد الطبيعية، ومنها انهيار مصائد الأسماك أو فشل المحاصيل بسبب انخفاض أعداد الملقحات. وتشمل آليات التمويل كذلك:

• خطط تأمين تمنح الحكومات تمويلاً سريعاً لمواجهة الكوارث ذات الصلة بالتنوع البيولوجي
• دعم ضوابط تفشي أمراض الحيوانات وتحسين خدمات النظم البيئية
• إنشاء مجمعات أخطار سيادية إقليمية وعالمية لتقاسم المخاطر المالية المتعلقة بالتنويع البيولوجي وتغير المناخ
• تنسيق الاستثمارات في مجال تعزيز مرونة النظم البيئية وتقليل مخاطر الكوارث الطبيعية

استراتيجيات الاكتتاب ودور الاتحاد المصري للتأمين في تعزيز تمويل التنوع البيولوجي

تشير الدراسات إلى أن إدماج تقييمات مخاطر فقدان التنوع البيولوجي ضمن سياسات الاكتتاب الخاصة بشركات التأمين يمثل نهجاً استباقياً لإدارة التعرضات وحماية الاستثمارات. فهذا يسمح بتعديل التغطيات والأسعار بما يتناسب مع مستوى المخاطر البيئية القائمة. علاوة على ذلك، تشجع شركات التأمين الاستثمار في أدوات مالية لدعم مشاريع استدامة البيئة، مثل إعادة التشجير وترميم المواطن الطبيعية، وبالتالي تساهم في التحول نحو اقتصاد مستدام يحقق عوائد مالية مستمرة. كما يعزز تمويل التنوع البيولوجي من خلال آليات تمويل مختلط تستجمع بين الموارد العامة والخاصة، ما يتيح تقاسماً أفضل للمخاطر بين القطاعين ويزيد قدرة شركات التأمين على دعم المبادرات البيئية التي قد تحمل مخاطر عالية.

أكد الاتحاد المصري للتأمين على أهمية دمج اعتبارات البيئة والتنوع البيولوجي ضمن استراتيجيات إدارة المخاطر والاستثمار، فضلاً عن ضرورة تعزيز الشراكة بين شركات التأمين والجهات الحكومية والمنظمات البيئية لتطوير حلول تمويل تأميني مستدامة. ويحض الاتحاد على توسيع نطاق الوعي داخل القطاع التأميني بضرورة حماية التنوع البيولوجي ودمجه في الأطر التشريعية والتنظيمية. ويُشدد على أن تحقيق هذه الطموحات يتطلب تنسيقاً وثيقاً بين شركات التأمين والجهات التنظيمية والمجتمعات المحلية والجهات المانحة، لتأسيس بيئات داعمة وتبني نماذج مالية مبتكرة تزيد من تغطية منتجات التأمين الخضراء، وتحقق توازناً حقيقياً بين الأهداف الاقتصادية والبيئية، بما يسهم في نجاح رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030.