هيمنة كبرى شركات التأمين في السعودية تتوسع.. ما تأثيرها على مستقبل الشركات الصغيرة؟

تشهد التحديات التي تواجه قطاع التأمين السعودي تصاعدًا واضحًا مع تعمق هيمنة الشركات الكبرى، مما يُقلص فرص نمو الشركات الصغيرة ويُحفز سوق الاندماجات خلال السنوات القادمة؛ إذ تستحوذ خمس شركات كبرى على نسبة بين 70% و75% من إجمالي إيرادات السوق، بينما تواجه بقية الشركات صعوبات كبيرة في تحقيق الربحية وسط منافسة حادة وضغوط تنظيمية متزايدة.

تأثير المنافسة السعرية والضغوط التنظيمية على نمو قطاع التأمين السعودي

تتصاعد المنافسة السعرية في قطاع التأمين السعودي بشكل ملحوظ، لا سيما في التأمين الصحي وتأمين المركبات، حيث تسعى الشركات لجذب العملاء عبر خفض الأسعار، وهذا يُثقل على أرباح الشركات الصغيرة التي لا تمتلك الموارد الكافية للمنافسة المستدامة؛ إضافة إلى ذلك، تُفرض تشديدات على متطلبات الملاءة المالية من الجهات الرقابية، ما يزيد من الضغوط على الشركات الصغيرة والمتوسطة، موجهًا إياها نحو خيار الاندماج أو الخروج من السوق. منذ عام 2018، بدأت موجة اندماجات داخل القطاع، ويجري حاليًا مفاوضات بين نحو ثماني كيانات بهدف الدمج، إلا أن الخلافات حول تقييم الأصول وسعر الصفقات تمثل عائقًا رئيسيًا يبطئ إتمام هذه الاندماجات.

فرص التقنية والذكاء الاصطناعي في تعزيز نمو قطاع التأمين السعودي

بالرغم من هذه التحديات، يظل قطاع التأمين السعودي يعتمد على الفرص التي يوفرها التحول الرقمي، خاصة مع مبادرات رؤية 2030 التي تعزز الطلب على التأمين من خلال توسيع التأمين الإلزامي وتحسين أنظمة الرعاية الاجتماعية. تلعب التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي دورًا محوريًا في تحسين الكفاءة التشغيلية وتقديم خدمة عملاء متميزة، إذ أظهر استطلاع أجرته شركة “كي بي إم جي” أن 74% من الرؤساء التنفيذيين في هذا القطاع متفائلون بمستقبل النمو، ويخطط 81% منهم للاستثمار في أدوات الذكاء الاصطناعي للتميز التنافسي وتطوير المنتجات والخدمات.

ارتفاع إنفاق الأفراد ورؤية القطاع المستقبلية لتعزيز مساهمته في الاقتصاد

أفاد تقرير هيئة التأمين السعودية بأن إنفاق الفرد على التأمين شهد زيادة بنسبة 16% في 2024 ليصل إلى 2367 ريالًا، نتيجة زيادة الوعي وتحسن جودة الخدمات وانتعاش الوضع الاقتصادي والتنظيمي؛ حيث يتركز الإنفاق بشكل رئيسي على التأمين الصحي بنسبة 55%، يليه التأمين العام بـ34%، ثم التأمين على الحماية والادخار بنسبة 10%. وقد ارتفعت مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي غير النفطي إلى 2.59% بنهاية 2024، مع خطة طموحة لرفع هذه النسبة إلى 4.3% بحلول 2030. تتوقع وكالة “إس آند بي غلوبال” تباطؤًا في نمو إيرادات شركات التأمين السعودية بنسبة تتراوح بين 10% و15% مقارنة بالعامين السابقين، إلا أن هذا الأداء يبقى الأبرز خليجيًا، مع الحفاظ على تصنيفات ائتمانية قوية تتراوح بين +BBB وA ونظرة مستقبلية مستقرة.

يبقى واقع التمركز في سوق التأمين السعودي واضحًا، حيث تواصل كبرى الشركات تعزيز هيمنتها، في حين تبحث الشركات الصغيرة عن طرق مبتكرة للبقاء، ويرتبط مستقبل قطاع التأمين بمدى قدرتها على التكيف والتوسع في الاستثمار في التكنولوجيا، لا سيما الذكاء الاصطناعي، لضمان النمو وزيادة مساهمتها في الاقتصاد بشكل مستدام.