الرئيس الأوكراني يُحذّر الغرب من نوايا بوتين الحقيقة وترامب يعتقد أنه “يريد السلام”.. وأوروبا تخشى من الوقوع في “الفخ”

الرئيس الأوكراني يُحذّر الغرب من نوايا بوتين الحقيقة وترامب يعتقد أنه “يريد السلام”.. وأوروبا تخشى من الوقوع في “الفخ”

بروكسل -(أ ف ب) – حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس حلفاء بلاده الغربيين من النوايا الحقيقية لنظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي قال عنه بالمقابل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه “يريد السلام”.
وطالب زيلينسكي واشنطن بالتوافق على موقف لـ”وضع حدّ” لروسيا قبل إجراء أيّ مفاوضات معها، في حين حذّر الأوروبيون من أنّ أيّ مفاوضات تتمّ “خلف ظهرهم” وتقصي كييف ستكون محكومة بالفشل.
وأعلنت كييف الخميس أنّها لا تخطط لحضور اجتماع في ميونيخ الجمعة مع مسؤولين روس أعلن عنه لتوّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال دميتري ليتفين، مستشار الرئيس فولوديمير زيلينسكي، للصحافيين “ينبغي أن يكون هناك موقف مشترك متّفق عليه (مع حلفاء كييف) على الطاولة للتحادث مع الروس. (…) حاليا، ليس هناك أيّ شيء على الطاولة. ليست هناك محادثات مرتقبة مع الروس”.
من جهته حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من سلام يكون بمثابة “استسلام” لأوكرانيا، متسائلا إذا كان نظيره الروسي فلاديمير بوتين مستعدا “بصدق” لوقف إطلاق نار “دائم”، وذلك في مقابلة مع صحيفة فايننشل تايمز نُشرت الجمعة.
ولم يستفق الأوروبيون بعد من صدمة المحادثة الهاتفية التي أجراها ترامب الأربعاء ببوتين بشأن أوكرانيا، فيما أعلن الكرملين أنّ كييف ستشارك “بطريقة أو بأخرى” في مفاوضات السلام التي تسعى واشنطن لإطلاقها.
– “يريد السلام” –
والخميس، أكّد ترامب أنّ أوكرانيا ستكون “طرفا” في المفاوضات التي يسعى لإطلاقها لوضع حدّ للحرب الدائرة بينها وبين روسيا، مبديا اعتقاده أنّ بوتين “يريد السلام”.
وقال الرئيس الجمهوري للصحافيين في البيت الأبيض غداة اتصاله ببوتين “أعتقد أنّه سيقول لي إذا كان لا يريد” السلام.
من جهته، أكّد الكرملين أنّه لم يتمّ اتّخاذ “أيّ قرار” بشأن توقيت ومكان الاجتماع المقرّر بين بوتين وترامب، مضيفا أن التحضير لقمة بين الرئيسين قد يستغرق “أشهرا”.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للتلفزيون الرسمي الروسي “حتى الآن لم يتم اتخاذ أيّ قرارات، لا على مستوى العمل ولا على أعلى مستوى… بالطبع، سيستغرق الأمر وقتا للتحضير لمثل هذا الاجتماع. قد يكون أسابيع، وقد يكون شهرا، وقد يكون أشهرا عدة”.
وأضاف أنّ “أوكرانيا ستشارك حتما، بطريقة أو بأخرى في المفاوضات. سيكون هناك في الوقت نفسه مسار لحوار ثنائي روسي اميركي، ومسار يتّصل بالتأكيد بمشاركة أوكرانيا”.
من جهته، دعا زيلينسكي إلى عدم الثقة بما أعلنه بوتين عن رغبته بالسلام، مشيرا إلى أنّه أجرى مباحثات هاتفية مع رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك و”حذّر القادة الدوليين من أن يثقوا بتصريحات بوتين الذي يقول إنّه مستعدّ لوضع حدّ للحرب”.
وفي السياق نفسه، حذر وزير الخارجية الاوكراني أندريه سيبيغا الخميس من باريس من أي محاولة “لتقسيم العالم” كما حصل إبان الحرب الباردة.
وبالفعل فقد شدّد القادة الأوروبيون على أنّ إحلال سلام دائم في أوكرانيا لا ينفصل عن أمن القارة.
– لا “خيانة” –
من جهتها، أكدت واشنطن على لسان وزير الدفاع بيت هيغسيث خلال اجتماع وزاري لحلف شمال الأطلسي في بروكسل أنّ هذه المفاوضات لن تكون بأيّ حال من الأحوال “خيانة” لأوكرانيا.
كما شدّد سيّد البنتاغون على وجوب “أن نعيد لحلف شمال الاطلسي عظمته”، مطالبا الأوروبيين بزيادة استثماراتهم في مجال الدفاع، ومشددا على أنّ “الرئيس ترامب لن يدع أحدا يقلل من أهمية الولايات المتحدة”.
من جهته، قال الرئيس الأوكراني إنّ ترامب أبلغه بأنه كان يرغب بالتحدّث إليه وإلى بوتين في مكالمة واحدة وليس في مكالمتين هاتفيتين منفصلتين كما فعل، من دون توضيح سبب عدم قيامه بذلك.
وأبدت الدول الأوروبية في الساعات الأخيرة شكوكا كبيرة في هذه المسألة، حتى إنّ مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أجرت مقارنة بين اليوم وعام 1938، عندما أدّت اتفاقية ميونيخ إلى ضمّ جزء من تشيكوسلوفاكيا إلى ألمانيا بقيادة أدولف هتلر.
وقالت إنّ “محاولات الاسترضاء هذه دائما تفشل”.
كما حذّر رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا من أنّ السلام في أوكرانيا يجب أن يكون أكثر من مجرد “وقف إطلاق نار بسيط”.
وكان الرئيس الأميركي أثار ضجة كبيرة عندما أعلن الأربعاء أنه سيلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في السعودية، وذلك بعيد محادثة هاتفية بينهما اتفقا خلالها على البدء “فورا” بالمفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وقالت كالاس إنّ “أيّ حلّ سريع سيكون أشبه بصفقة قذرة رأيناها سابقا في مينسك على سبيل المثال”، مشيرة إلى أنّه لا يمكن التفاوض على أيّ شيء “خلف ظهور” الأوروبيين أو الأوكرانيين، تحت طائلة “الفشل”.
وأدت اتفاقات مينسك التي تم التوصل إليها قبل عشر سنوات إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا، لكنها تعرضت لانتهاكات متكررة إلى أن غزت روسيا جارتها في شباط/فبراير 2022.
بدوره، قال المستشار الألماني أولاف شولتس إنه يرفض أي “سلام مفروض” على كييف.
كما حذّر شولتس من مفاوضات تفضي إلى انتصار روسي و”انهيار” لأوكرانيا، وقال “نعلم أنّ لا احد يطمح إلى السلام أكثر من أوكرانيا، ولكن في الوقت نفسه من الواضح تماما أنّ انتصارا لروسيا أو انهيارا لأوكرانيا لن يجلبا السلام بل على العكس”.
وفي صدى لموقف برلين، انتقدت كالاس أيضا استراتيجية ترامب التفاوضية، تماما كما فعل وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في وقت سابق.
وتساءلت “لماذا نعطيهم كل ما يريدونه قبل أن تبدأ المفاوضات؟”.
ومن بين الخطوط الحمر المختلفة التي عرضتها إدارة ترامب الأربعاء، اعتبرت الولايات المتحدة أنّ فكرة انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي غير واقعية، وكذلك الأمر بالنسبة لعودة هذا البلد إلى حدوده قبل عام 2014، أي مع شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في ذلك العام.
واعتبر الأميركيون أيضا أنّ الأوروبيين باتوا مسؤولين عن تقديم الجزء الأكبر من الدعم العسكري لكييف.
– “أمن أوروبا” –
وأثارت هذه المواقف الأميركية رضا القادة الروس الحريصين على توسيع نطاق المناقشات ليشمل “أمن أوروبا”.
وأكد الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن الكرملين يريد “نقاشا معمقا” يتخطى نطاق أزمة أوكرانيا ليشمل “الأمن في القارة الأوروبية” ككل و”المخاوف الأمنية” الروسية.
من ناحية أخرى، في الجانب الأوكراني، بدا الحذر سيد الموقف، في ظل الضبابية القوية السائدة.
وقال وزير الدفاع الأوكراني رستم أوميروف من بروكسل “الرسالة الآن هي أننا نواصل العمل. نحن أقوياء وقادرون”، من دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
وفي موسكو، رأى مقاتل روسي سابق استطلعت رأيه وكالة فرانس برس، العكس تماما، ملخصا الوضع بطريقته الخاصة قائلا “سننتصر، هذا واضح. عاجلا أم آجلا، سيستسلم الأوكرانيون”.
ميدانيا، أعلنت أوكرانيا أنها تسيطر على 500 كلم مربّع من منطقة كورسك الروسية تعتزم استخدامها في عملية تبادل مع موسكو، ما يعني أنّ قواتها خسرت ثلثي المساحة التي كانت تسيطر عليها في آب/أغسطس حين شنّت هجومها الخاطف على هذه المنطقة.
ويتفوّق الجيش الروسي على نظيره الأوكراني عديدا وعتادا، ما أتاح له أن يستعيد تدريجيا الأراضي التي تحتلّها قوات كييف في هذه المنطقة الحدودية الواقعة في غرب روسيا.
– “لحظة الحقيقة” –
وكان لإعلان الإطلاق “الفوري” لمفاوضات السلام بشأن أوكرانيا والخطاب الواضح لوزير الدفاع الأميركي الجديد الذي طالب فيه الأوروبيين بتولي زمام المبادرة، وقع صاعق في مقر الحلف في بروكسل.
وقال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو إن “هذه لحظة حقيقة كبرى” بالنسبة إلى مستقبل حلف شمال الأطلسي.
وأضاف “يقولون إنه التحالف العسكري الأهم والأكثر قوة في التاريخ. هذا صحيح تاريخيا، لكن السؤال الحقيقي هو: هل سيبقى كذلك بعد 10 أو 15 عاما؟”.
وحاول هيغسيث تبديد هذه الشكوك الخميس، مؤكدا أنّ ترامب هو “أفضل مفاوض على هذا الكوكب” والوحيد القادر على ضمان سلام “دائم” في أوكرانيا.
لكنّ نظيره الفرنسي سيباستيان لوكورنو أبدى قلقه من أن “تتنازل” إدارة ترامب “عن كلّ شيء” لروسيا في مفاوضات السلام حول أوكرانيا.
على صعيد متصل، أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أنّه يتوقّع التوصّل إلى اتفاق مع أوكرانيا بشأن ثرواتها المعدنية يعوّض الولايات المتّحدة جزئيا عن الأموال التي دفعتها لتزويد كييف بأسلحة تمكّنها من التصدّي للغزو الروسي.
ميدانيا، أوقعت هجمات روسية في شرق أوكرانيا وجنوبها ثلاثة قتلى على الأقلّ الخميس، فيما تقدّمت قوات موسكو نحو دنيبروبيتروفسك مما دفع سكان هذه المنطقة الصناعية إلى الفرار.

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم:

close