لماذا يعتبر الماء سر استمرار الحياة؟ أبرز محاور خطبة الجمعة القادمة

الماء مقوّم أساسي للحياة وأحد أعظم نعم الله التي لا غنى عنها في استمرار البشرية والكائنات الحية بشكل عام؛ فهو العنصر الأساس الذي تستمد منه الأرض حيويتها ويعتمد عليه الإنسان في شتى مجالات حياته اليومية. إن إدراك أهمية المياه والحفاظ عليها مسؤولية تجاه أنفسنا وأجيال المستقبل.

نعمة الماء كمقوّم أساسي للحياة وضرورة الحفاظ عليها

الحمد لله الذي أرسل المطر وعمَّ به البر والبحر، فكانت المياه أساسًا لتشكيل الحياة على سطح الأرض، وبفضله تجددت الأرض وانتشرت الزرع والثمار، فبالماء تحيا الكائنات وتزدهر الأراضي، وبدونه تتوقف الحياة وتتلاشى كل مظاهر الخضرة والنماء؛ يقول الله تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. قد يغفل بعض الناس عن عظمة هذه النعمة ويعتبرون الماء من أرخص الموجودات، لكنهم لو شاهدوا حرمان من فقده، لما استهانوا به أو أهملوا الحفاظ عليه، إذ أن الإسراف في استخدام الماء من الأعمال المكروهة التي نهى عنها الإسلام، واعتبرها وصفًا لا يليق بالمؤمنين؛ حيث قال تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، والابتعاد عن الإسراف من علامات الحكمة وحسن التدبير.

الحرص على ترشيد استهلاك الماء في الإسلام وسنة السلف الصالح

إن الاقتصاد في الماء والتقليل من هدره لم يكن مقتصرًا على العصر الحديث فقط، بل كان جزءًا من تعاليم الإسلام التي دعا إليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسار عليها الصحابة والتابعون والعلماء الربانيون؛ فقد روى عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه كان يتوضأ بكمية قليلة من الماء جدًا، حتى يكاد لا يُبلل الأرض، وهذا دليل على أهمية تعظيم نعمة الماء. من هنا يتضح أن الحفاظ على الماء عبادة تؤدي إلى رضا الله، ولها مكانة عظيمة، فالتصرفات الحكيمة في استخدام المياه تعكس احترام الإنسان لنعمة الله وحسن تدبيره لها، وهذا يستوجب منّا جميعًا الانتباه إلى عدم ترك صنبور المياه مفتوحًا بلا ضرورة، أو رمي الماء أثناء غسل السيارات أو سقي الحدائق بشكل مفرط، فكل قطرة ماء تجمعها وتدخرها تمثل صونًا للحياة.

التكاتف الاجتماعي والتعاون للحفاظ على المياه والموارد المباركة

إن الحفاظ على الموارد الطبيعية، ومنها الماء، لا يتحقق فقط على المستوى الفردي، بل يحتاج إلى تضافر جهود المجتمع كله؛ إذ أن التعاون بين أفراد الأمة واجب إسلامي ومبدأ إنساني يرسخ قوة واستقرار المجتمع. كما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. فالحرص الجماعي على ترشيد استهلاك المياه والحفاظ عليها يعكس مدى وعي الأمة بالحفاظ على نعم الله، ويؤكد تماسكها في مواجهة تحديات الحياة. كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نموذجًا في العون والتكافل، يساعد الضعفاء والمحتاجين، ويرعى مصالح المجتمعات، وهذا يجعل من التعاون حجر الزاوية في الاستدامة والمحافظة على مواردنا مثل الماء، ليس فقط عبر شخص واحد وإنما من خلال التعاون المستمر بين أفراد المجتمع.

  • ترشيد استهلاك المياه في البيت والعمل
  • إصلاح الصنابير والتسريبات فور اكتشافها
  • استخدام التقنيات الموفرة للمياه في الري والتنظيف
  • توعية المجتمع بأهمية المياه وضرورة الحفاظ عليها
  • تطبيق التشريعات والإجراءات التي تحفز المحافظة على الموارد

تُعد المياه أعظم نعمة وهبنا الله إياها بعطاءٍ لا ينضب، وعلينا أن نُكثر من شكرها بحسن استخدامها، ونتجنّب إهدارها وتبذيرها؛ لأنها من أساسيات التوازن البيئي واستمرار الحياة على الأرض. فكل قطرة ماء نحافظ عليها تضمن لنا ولأجيالنا أرضًا خضراء ومجتمعًا صحيًا مزدهرًا.