قفزة مفاجئة للجنيه المصري أمام الدولار اليوم.. ماذا يخبئ المستقبل للأزمة الاقتصادية؟

صعد الجنيه المصري أمام الدولار بعد أن بلغ أدنى مستوياته في أبريل 2025 عند 51.6 جنيها، مسجلاً تحسناً ملحوظاً منذ نهاية يونيو ليقترب من 48.6 جنيها، وهو الأعلى منذ أكتوبر 2024، مما أثار تساؤلات حول استمرار هذا التحسن وأثره على الاقتصاد والأسعار المحلية.

كيف أثر تحسن الجنيه المصري على الأسعار المحلية؟

بالرغم من تحسن الجنيه المصري أمام الدولار، لم ينعكس هذا الارتفاع بشكل ملموس على أسعار السلع والخدمات، حيث أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن الأزمة الاقتصادية التي واجهتها مصر تم تجاوزها، مع تحسن مؤشرات الاقتصاد بشكل عام، إلا أن معدلات الأسعار لا تزال مرتفعة ولا تتناسب مع هذا التطور الإيجابي. وأضاف مدبولي خلال اجتماع مع التجار والمصنعين ضرورة إيجاد أسباب تدفع الأسعار للنزول؛ إذ كما رفعت الأسعار سابقاً بفعل تحديات اقتصادية، يجب أن تنخفض الآن بشكل مستدام. وأوضح أن انخفاض الأسعار هو المؤشر الحقيقي لتحسن الاقتصاد، مشيراً إلى أن فترة الأزمة شهدت تسعير الدولار على أساس السوق السوداء، إضافة إلى نقص مواد الخام ومستلزمات الإنتاج التي أثرت على قدرة المصانع، وهو ما تم تجاوزه حالياً. وتُعد الاجتماعات المرتقبة مع اتحاد الغرف التجارية خطوة مهمة لإعادة النظر في أسعار السلع المختلفة وخفضها بما يعزز معيشة المواطنين.

تحسن الجنيه المصري: أسباب وأبعاد بين الارتفاع والتحسن الحقيقي

يرى الخبير المصرفي محمد عبد العال أن تحسن الجنيه المصري ليس مجرد ارتفاع عابراً، بل يأتي نتيجة عدة عوامل داخلية وخارجية عززت أداء العملة، رغم أنه لا يضمن استمرار هذا المسار بسهولة. من بين هذه العوامل ضعف الدولار عالمياً بسبب حالة عدم اليقين التي تسببت بها السياسات الأميركية والتوترات التجارية، إلى جانب ارتفاع مصادر النقد الأجنبي من خلال عوائد السياحة وتحويلات المصريين بالخارج. إضافة إلى ذلك، لعبت الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خصوصاً من دول الخليج، وتحسن ملف برنامج الطروحات الحكومية دوراً رئيسياً في دعم الجنيه. كما ساعد الإقبال الكبير على أدوات الدين الحكومية التي تحقق عوائد تزيد عن 27.5% في تعزيز السيولة بالدولار. ورغم تراجع معدل التضخم إلى نحو 15%، ما زال البنك المركزي يثبت معدل الفائدة عند 25% لضمان جاذبية هذه الأدوات.

مستقبل الجنيه المصري وتحسن الأسعار: توازن هش بين الفرص والضغوط

بالنسبة لتوقعات سعر صرف الجنيه المصري، يوضح محمد عبد العال أن المتوسط الحالي لفترة الاستقرار يدور حول 49.75 جنيهاً للدولار، مع احتمالات تحرك محدود بنطاق جنيه صعوداً أو هبوطاً. لكن انعكاس هذا التحسن على تخفيض الأسعار لن يكون فورياً، إذ تحتاج العقود التجارية وأغلبها آجلة إلى إتمام دورة كاملة من التعاقد حتى الاستيراد، وهي فترة زمنية ضرورية لبدء رؤية الآثار الإيجابية بشكل واضح. وفي السياق ذاته، يؤكد وائل جمال، رئيس وحدة الحقوق الاقتصادية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن تحسن الجنيه مدعوم بخفض قيمة الدولار عالمياً، وزيادة تحويلات المغتربين وارتفاع عائدات السياحة، إلى جانب تحسين السيولة التي صبّت في صالح أدوات الدين الحكومية. لكنه يحذر من أن هذا التحسن ليس مستداماً على المدى الطويل، في ظل التزامات مالية ضخمة للدولة من ديون ودعم، والتي قد تضغط مجدداً على الاحتياطيات النقدية الأجنبية وتضعف الاستقرار. ويشير جمال إلى ضرورة خفض مستويات الدين العام إلى حدود أكثر أمناً، خاصة مع التحديات الجيوسياسية التي تزيد من عدم اليقين. ويضغط واقع السوق وعدم وجود منافسة فعلية بجانب احتكار جزء كبير من كبار التجار والمصنعين على ارتفاع الأسعار، إذ تغلب هذه العوامل على سيناريوهات الانخفاض رغم تحسن سعر الصرف، مما يحد من فرص تخفيف العبء على المواطنين في الوقت الراهن.

العامل تأثيره على تحسن الجنيه
ضعف الدولار عالمياً خفض الضغط على الجنيه ورفع قيمته نسبياً
عوائد السياحة وتحويلات المصريين بالخارج زيادة مصادر النقد الأجنبي
الاستثمار الأجنبي المباشر تحسين السيولة وتعزيز الثقة الاقتصادية
الإقبال على أدوات الدين الحكومي حماية العملة من التقلبات عبر جذب رؤوس الأموال
الدين العام والتزامات الحكومة المالية تهديد الاستقرار على المدى الطويل