قفز أرباح تجار العملة في غزة وسط معاناة الفلسطينيين.. ما سر الاستغلال؟

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في غزة، بات الحصول على سيولة نقدية من التحديات اليومية التي تواجه آلاف الفلسطينيين، حيث يؤثر استغلال تجار العملة على حياة الأسر بشكل مباشر ويؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية بشكل غير مسبوق في القطاع.

الأزمة النقدية في غزة وتأثير استغلال تجار العملة على السكان

تدهور الحالة المالية في غزة جراء الظروف الراهنة أجبر مواطني القطاع على اللجوء إلى تجار العملة للحصول على الرواتب نقدًا، وسط قيود تعسفية على إدخال السيولة وأعمال البنوك المغلقة؛ ما دفع العمولة المطلوبة مقابل تحويل الرواتب إلى نسب خيالية تُثقل كاهل العائلات. عبد الله عبد ربه، أب لأربعة أطفال، يعاني من فقدانه حقه في راتبه نتيجة عمولات بلغت 55%، ما جعله عاجزًا عن تأمين أبسط مستلزمات أسرته، خصوصًا مع تفاقم نقص السيولة وتآكل العملة الورقية بسبب اهترائها، الأمر الذي يزيد معاناة سكان غزة كل يوم.

تفاصيل الأزمة النقدية: لماذا تنهار البنوك ويزداد استغلال تجار العملة في غزة؟

منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، أغلقت البنوك أبوابها تقريبًا، ومنعت إسرائيل إدخال العملات، وبالتالي تراجع التعامل النقدي النظامي، مما أجبر الناس على الاعتماد على الصرافين والتجار الذين يفرضون عمولات باهظة مقابل تحويل رواتبهم. في الأسواق الشعبية بغزة، يرفض التجار النقود الورقية المهترئة، ما يُضاعف أزمة السيولة ويطرح تحديات كبيرة للناس الذين يواجهون ارتفاعًا جنونيًا في الأسعار واحتكارًا للبضائع. محمد الحلاق، بائع متجول، يوضح أن رفض التجار للأموال التالفة يؤدي أحيانًا إلى خسارة البضائع، وهو جزء فقط من معاناة المتضررين من استغلال سوق العملة السوداء.

الأرقام الاقتصادية وآثار استغلال تجار العملة على الأوضاع الاجتماعية في غزة

تشير الإحصاءات الرسمية إلى فقدان نحو 1.2 مليار شيكل من السيولة من النظام المصرفي، مع انقلاب سوق الحوالات إلى السوق السوداء التي يهيمن عليها وسطاء غير رسميين يفرضون عمولات تصل إلى نصف قيمة الرواتب أو أكثر. هذا الاستغلال يفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع يعاني من معدلات فقر تتجاوز 85% وبطالة تصل إلى 90%، ما ينعكس في ارتفاع معدلات الطلاق والجريمة وانهيار الأمان الاقتصادي والنفسي. بحسب المحلل الاقتصادي سمير أبو مدلله، فإن انهيار البنية التحتية المصرفية ونشاط السوق السوداء يزيد من معاناة المواطن ويُورط الأسر في دائرة مستمرة من الفقر والتدهور.

الجانب القانوني والجهود المطلوبة لوقف استغلال تجار العملة في غزة

يشكل منع إدخال السيولة النقدية إلى غزة خرقًا لاتفاقيات اقتصادية دولية، خاصة اتفاقية باريس لعام 1994، ما يفتح المجال أمام تصنيف هذه الممارسات كجرائم اقتصادية جماعية. يُطالب المختصون بتفعيل رقابة سلطة النقد الفلسطينية على الصرافين غير المرخصين، ومصادرة أرباحهم، فضلًا عن إنشاء بوابات رسمية لتحصيل شكاوى المواطنين ودعم المحافظ الإلكترونية المعتمدة. كما يتطلب الوضع المالي الراهن تفعيل بعثات رقابية دولية للحد من تأثير السوق السوداء، والعمل على إعادة نظام مصرفي مستقر يضمن حق المواطنين في أموالهم دون استغلال.

النتائج الاجتماعية والإنسانية لاستغلال تجار العملة في غزة

تفاقم أزمة السيولة واستغلال تجار العملة ينعكس بشكل مباشر على أوضاع الأسر الفلسطينية، إذ يشير تدهور الأوضاع الاقتصادية إلى زيادة ملحوظة في مشاكل اجتماعية مثل الفقر المدقع، ونقص الخدمات الأساسية، وانهيار الروابط الأسرية بسبب الضغوط المالية. وارتفاع معدلات الجريمة والاحتيال وعدم الاستقرار النفسي يؤكد حجم الأزمة التي يعيشها القطاع، خصوصًا مع استمرار النزاع وتصاعد حدته بعد أحداث أكتوبر 2023، ما يجعل الحاجة ملحة لحلول عملية توقف استغلال الأموال وتؤمن السيولة الضرورية لحياة كريمة.

• تحسين رقابة الأجهزة المختصة على سوق الصرافة والوسطاء
• تفعيل الدعم الرسمي للمحافظ الإلكترونية الرسمية
• فرض عقوبات على المتورطين في الاستغلال والممارسات غير القانونية
• تعاون دولي لتأمين السيولة ورفع الحصار الاقتصادي على غزة