مصر تفرض تغييرات جذرية على سوق العقارات بعد 70 عاماً من القانون القديم.. ما تأثير القرار؟

رفع تدريجي لقيمة الإيجارات أصبح محور اهتمام واسع في مصر مع تطبيق القانون الجديد الذي يضمن زيادة الحد الأدنى للإيجار الشهري للوحدات السكنية، حيث حدد القانون سقفًا لا يقل عن 1000 جنيه في المدن، و400 جنيه في المناطق الريفية، و250 جنيهًا في المناطق الاقتصادية؛ بينما شهدت العقارات التجارية مثل المحلات والعيادات والمكاتب زيادة معتبرة تصل إلى خمسة أضعاف القيمة السابقة، مع تطبيق زيادة سنوية بنسبة 15% لمدة الفترة الانتقالية.

آليات رفع تدريجي لقيمة الإيجارات وتأثيرها على المستأجرين والمالكين

ينص القانون الجديد على رفع تدريجي لقيمة الإيجارات بهدف تنظيم القطاع العقاري وتقليل الفجوة بين الإيجار القديم والقيمة السوقية الحالية، حيث تشمل التعديلات نحو 3.016 مليون وحدة مستأجرة بنظام الإيجار القديم، منها 1.9 مليون وحدة سكنية تأوي أكثر من 1.6 مليون أسرة، تضم 600 ألف أسرة تدفع إيجارًا شهريًا أقل من 50 جنيهًا، فيما لا يتجاوز أعلى إيجار 900 جنيه؛ ما يبرز الحاجة الملحة لهذه الزيادة، التي رغم تأثيرها المباشر على ملايين المواطنين، تهدف إلى تحقيق قدر من العدالة في توزيع الإيجارات.

توفير بدائل سكنية مدعومة لضمان حماية المستأجرين في ظل رفع تدريجي لقيمة الإيجارات

ردًا على المخاوف الاجتماعية المترتبة على رفع تدريجي لقيمة الإيجارات، أعلنت الحكومة عن تجهيز 240 ألف وحدة سكنية جاهزة للسكن، يمكن تسليمها للمستأجرين الراغبين في الانتقال طوعًا، وذلك ضمن ثلاثة أنظمة أساسية تشمل الإيجار المدعوم والإيجار التمليكي ونظام التمويل العقاري؛ وبحسب المستشار القانوني أحمد البحيري، فإن الحكومة ملتزمة بكلمات الرئيس السيسي بعدم ترك أي مواطن يعاني من التشرد، ويأتي هذا العرض ضمن الاستعدادات لتوفير حلول مناسبة للمستأجرين خلال المرحلة الانتقالية.

وجهات نظر متباينة حول رفع تدريجي لقيمة الإيجارات والفرص التي يحملها القانون الجديد

بينما يصف المالكون القانون بأنه خطوة ضرورية لوضع سقف زمني لمعالجة تشريعات الإيجار القديمة التي استمرت لأكثر من قرن، يرى البحيري أن الحد الأدنى للإيجارات ما زال منخفضًا مقارنة بالواقع الحالي الذي لا يمكن إيجاد شقق تقل إيجاراتها عن 1000 جنيه؛ وتأتي المدة الانتقالية التي استفاد منها كلا الطرفين لتمنح المالكيين فرصة لاستعادة حقوقهم تدريجيًا بعد عقود شهدت دفع إيجارات رمزية، في حين يعبر المستأجرون عن خشيتهم من تداعيات هذه الزيادات خصوصًا أولئك الذين يمتلكون عقود إيجار وراثية منذ نصف قرن.

يتناول القانون أيضًا قضية الشقق المغلقة بنظام الإيجار القديم، إذ توجد نحو 1.5 مليون وحدة غير مستخدمة بالرغم من أزمة السكن في السوق العقاري المصري؛ ويشير البحيري إلى أن الكثير من المستأجرين يمتلكون عدداً من الوحدات التي لا يسكنونها، مما يحرم الملاك من استرداد حقوقهم وأيضًا يساهم في ترسيخ عدم العدالة في سوق السكن.

يواجه رفع تدريجي لقيمة الإيجارات في ظل القانون الجديد تحديات ملموسة، أبرزها تحديد الشقق المغلقة بدقة وصعوبة تحمل بعض الفئات ذات الدخل المحدود للزيادة؛ ورغم ذلك، يؤكد البحيري أن نسبة كبيرة من المستأجرين قادرون على الدفع، وأشارت الحكومة إلى تخصيص وحدات سكنية بديلة للفئات غير القادرة، في مناطق عدة مثل القاهرة والإسكندرية والمدن الجديدة والبحيرة، مشيرًا إلى أن تجربة تحرير الأراضي في الماضي نجحت في تحقيق التوازن، ما يبشر بأن النظام الجديد للأجور الإيجارية يمكن أن يُطبق بنجاح دون أزمات.

يطرح طرح هذا القانون نقاشًا مجتمعيًا داخل مصر بين مطالب الملاك الذين يسعون لاستعادة حقوقهم المستحقة، ومستأجرين يخشون من ضغوط اقتصادية قد تنتج عن رفع الأجور؛ وتحرص الحكومة على إبراز فلسفة القانون التي توازن بين الحقوق، مع توفير فترة انتقالية لإتاحة الفرصة للمستأجرين كي يتكيفوا مع المتغيرات أو ينتقلوا إلى بدائل مناسبة.

يظل التركيز منصبًا على الكيفية التي سيُطبق بها رفع تدريجي لقيمة الإيجارات خلال السنوات القادمة مع الوضع الاقتصادي الراهن، إذ يعتمد نجاح هذا الإجراء على القدرة في إدارة التفاوتات الاجتماعية وتوفير حلول قابلة للتنفيذ، من شأنها إعادة تفعيل العرض العقاري بشكل عادل وتحسين الاستفادة من الثروات السكنية المتوفرة ضمن منظومة متجددة تحقق توازنًا في السوق السكني المصري.