«رمضان كريم» على بيوت الأزياء العالمية… يُنعشها اقتصادياً ويحفزها فنياً

من التقاليد المُستحدثة التي أصبحت المنطقة العربية تنتظرها قبل حلول رمضان الفضيل بأسابيع، إن لم نقل بأشهر، مجموعات بيوت الأزياء الرمضانية. فهي خاصة بها ويفترض أن تختلف عما تقدمها لغيرها. وفي كل الأحوال تتلون بالذهب ودرجات الرمال والزمرد وكل ما يغذي الحواس. انتظارهم له مبرراته. فهذا الشهر، إلى جانب ما يعنيه من عبادات وروحانيات، هو أيضاً مناسبة تتواصل فيها الأسر والأصدقاء في أجواء تتطلب مظهراً أنيقاً يعكس أهمية المناسبة. لا تقل أهمية لدى بيوت الأزياء العالمية. تترقبه بالحماس واللهفة نفسهما، بعد أن أكد أنه «كريم» عليها، يُنعشها ويسعدها، بحيث إن ما بين 20 إلى 30 في المائة من مبيعاتها السنوية في المنطقة تتم فيه.

العارضة نورا عتال في إطلالة تعتمد أسلوب الطبقات (كارولينا هيريرا)

أصبحت تُعوِل على مجموعاتها الرمضانية اقتصادياً وتجتهد فيها فنياً لاقتطاع أكبر نسبة من الأرباح، خصوصاً مع تزايد عدد المسلمين على مستوى العالم، من 1.7 مليار في عام 2014 إلى 2.2 مليار بحلول عام 2030، وتنامي فئة من الشباب يريدون دمج العصري مع ثقافتهم وبيئتهم. كل هذا جعل العملية ممتعة وتقليداً أتقنه العديد مع الوقت.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه العملية بدأت متعثرة في سنواتها الأولى، واستقبلت ببعض الغضب. كانت التُهمة آنذاك استسهالهم المنطقة. كان همهم الأول والأخير تحقيق الربح من دون بذل أي جهد لقراءتها جيداً.

حتى «فكتوريا سيكريت» صورت حملة رمضانية خاصة بباب شم (فكتوريا سيكريت)

لم يمر سوى وقت قصير حتى استوعبوا الدرس. أعادوا النظر في استراتيجياتهم، واجتهدوا في تقديم تصاميم تليق بالشهر الكريم وتحترم الذوق العربي وتحولاته. صحيح أن بعضهم لا يزال يستسهل الأمر بتلاعبه على تنسيق ما يطرحونه في باريس أو ميلانو أو نيويورك بشكل أكثر احتشاماً، معتمدين على أسلوب الطبقات المتعددة، لكن الغالبية أصبحت تُخصص تشكيلات حصرية ربما يكون المأخذ الوحيد عليها كم البريق والترصيع الذي يخصونها به، لاسيما في حقائب اليد والأحذية. فتشفع لهم نيتهم في زيادة جرعة الفخامة والتميز.

رغم أن «فندي» صورت حملتها في روما لكن ألوانها وتصاميمها كانت رمضانية (فندي)

للتقرب أكثر من زبون المنطقة، بدأوا يستعينون في حملاتهم الترويجية بوجوه ومبدعين ومؤثرين من أبنائها، بل ويطلقون على حملاتهم أسماء عربية مثل «نور»، الذي أطلقته «فندي» هذا العام، أو يستعملون الخط العربي مثلما قامت به «بالنسياغا».

المهم أن هذه المنافسة الشرسة لجذب الزبون الرمضاني تصب في صالح هذا الأخير بتنوعها وحرفيتها. من بين بيوت الأزياء العالمية، التي أصبحت مشاركتها في هذا الشهر بمثابة تقليد، نذكر:

كارولينا هيريرا

العارضة نورا عتال في لقطة جمعت فيها فستاناً طويلاً مع بنطلون واسع (كارولينا هيريرا)

اختارت العارضة المغربية المعروفة نورا عتال بطلة لحملة صورها بيبي كونيخو. فهذه تشتهر باستخدامها التصوير التناظري والإضاءة الطبيعية لالتقاط مدى الأناقة الكلاسيكية المعاصرة التي تتمتع بها الدار، وهذه التشكيلة مركزة على حقائب يد تنبض بالجمال. فكارولينا هيريرا مثل باقي المصممين تعرف جيداً أن الإكسسوارات هي الأكثر مبيعاً وتحقق الربح، لهذا قدمت مجموعة لا يستهان بها منها، مثلاً:

حقيبة Doma Insignia، التي تُعبِر عن شغفها بركوب وترويض الخيول وتعرف مسبقاً أنها ستلمس وتراً حساساً في بلد يعشق الخيول الأصيلة ويُقدِرها.

«نور» من «فندي»

من مجموعة «فندي» (فندي)

أرادتها الدار أن تُكرم المرأة العربية والشهر الفضيل، من خلال سرد يجسد أجواء مشرقة وجوانب مضيئة، رغم أن تصويرها جرى في مقرها الرئيسي في روما وليس في المنطقة. ومع ذلك نجحت في دمج رموز الأناقة والأنوثة بتفاصيل دافئة استمدتها من ألوان الصحراء ونباتاتها، مثل ألوان الخوخ الناعم والوردي المطفي و التيراكوتا وما شابهها. فيما يتعلق بالنباتات، برزت في قطع من الساتان الحريري بنمط جاكارد تتداخل فيها الأزهار بألوان غروب الشمس. أما فيما يتعلق بتصاميمها، فإن أقمشتها المترفة مثل الحرير والساتان الحرير ساعدت على انسدالها بسلاسة. حقائب اليد والأحذية والإيشاربات أيضاً تراقصت على النغمة المضيئة والألوان نفسها.

توم فورد…وأول تجربة رمضانية

أبدعت دار «توم فورد» مجموعة تعتمد على الكيف لا الكم (توم فورد)

في بداية العام الحالي، أعلنت الدار إطلاق أول مجموعة خاصّة بشهر رمضان. حسب بيانها الصحافي الذي وزَعته آنذاك، قالت إنها ستحرص فيها على «مفهوم التأمُّل وتجديد الهِمم وهو ما يُعدُّ جوهر الشهر الفضيل». منذ أسابيع قليلة، طرحتها في محلاتها بعدد محدود وحصري. فهي لا تتعدى أربع إطلالات للمرأة وثلاثاً للرجل، شملت قفاطين وفساتين راقية مع إكسسوارات ذهبية أو رملية، وقمصان وسراويل وسترات لرجل يميل إلى الأسلوب الرياضي.

نظراً لأهمية الحقائب والأحذية في المنطقة، استلهمها الفريق الإبداعي في الدار من ألوان من الفجر وأخرى من الغروب، حتى ترافق صاحبها وصاحبتها من الصباح إلى المساء.

«ديور غولد» تعود مرة أخرى

من اقتراحات دار «ديور»… حقيبة مطرزة بالذهب (ديور)

منذ فترة و«ديور» تتوجه إلى المنطقة في الشهر الفضيل. هذه المرة أيضاً تتوجه بالذهب.

تشمل المجموعة فساتين بأقمشة معززة بخيوط معدنية؛ بالإضافة إلى أخرى مصنوعة من قماش التول الذي تتفنن فيه مصممة الدار ماريا غراتزيا كيوري، إضافة إلى إكسسوارات، وعلى رأسها حقائب اليد.

تم تزيين حقيبة «ديور بوك توت» Dior Book Tote، مثلاً بنمط «ديور شاردون» Dior Chardons المصنوع من قماش الرافيا، المرقط بلمسات ذهبية، فيما أضيف اللون البنفسجي إلى حقيبة «ليدي ديور» Lady Dior، إضافة إلى تدرجّات لونيّة أخرى تتراوح من الأسود إلى الذهبي.

«لايدي ديور» زادها اللون الذهبي بهاء (ديور)

ولإثراء هذه المجموعة الاستثنائية، أُعيد ابتكار طبعة «ميس ديور» Miss Dior كنمط يزيّن القبعات والأوشحة وغيرها. لا بأس من الإشارة إلى أن «ديور غولد» رغم تودده الواضح لمنطقة تعشق كل ما هو غني ونفيس، فإنه جزء من تاريخ الدار الفرنسية، بدليل أن الفنان جان كوكتو قال إن النصف الثاني من اسم صديقه كريستيان على وزن «أور» أي الذهب. أما هذا الأخير فكان كلما أراد أن يضخ تصميماً بالأنوثة استعمله، وهو ما يشهد عليه تصميم «باكتول» الشهير

جيمي تشو… مجموعة حصرية

«جيمي تشو» استعانت بالعارضة المحجبة إكرام عبدي (جيمي تشو)

باستعانتها بالعارضة المحجبة إكرام عبدي، اكتسبت حملة «جيمي تشو» الترويجية بُعداً «إسلامياً». مثل «توم فورد» ركزت على الكيف عوض الكم. اكتفت بستة تصاميم التقطتها كاميرا المصور «فرانشسكو سكوتي» في مدينة دبي القديمة. وكانت النتيجة مجموعة ديناميكية بألوان غنية تزهو بالذهبي والأخضر المائي، إضافة إلى موادها المتنوعة مثل كريستال «هوتفيكس»، والجلود المطبّعة، وجلد النابا.

close