سأوصي أبنائي من بعدي بها

في قلب مدينة الغردقة حيث تتعانق أمواج البحر الأحمر مع روح المحبة والتسامح بين المصريين، يقف محارب رمزي عجايبي، مصري قبطي بأصوله الصعيدية العريقة التي ورثها عن اجداده، ليضرب مثالًا فريدًا في العطاء والتآخي، وعلي مدار سنوات كثيرة تجاوزت عقدًا من الزمان، يحرص محارب على إقامة مائدة إفطار رمضانية للمسلمين، في عادة ورثها عن والده الذي أوصاه بها، وهي وصية لا ينوي التفريط فيها، بل يسعى لنقلها لأبنائه من بعده، ليحمل ابنه الصغير كارتس علي كتفيه واقفًا داخل مطبخٍ كبير وخيمة رمضانية تسع لمئات الصائمين، ليعلمه كيف يرزع المحبة وينقل رسالة الحب والخير والمودّه من بعده.

يقول محارب رمزي عجايبي وهو في العقد الخامس من العمر، إن والده واسرته كانت وما زالت تقيم موائد رمضانية مشابهة في محافظة الأقصر، حيث نشأ وترعرع علي فعل هذا العمل كعادة سنوية، وكان يعتبرها جزءًا من رسالته الإنسانية قبل أن تكون مجرد عمل خيري، قائلًا: “أبي علمني أن الخير لا يُفرَّق بين مسلم ومسيحي، فكلنا أبناء وطن واحد، وعلينا أن نكون سندًا لبعضنا البعض”، بهذا الكلمات عبر محارب عن بدايته من هذه المبادرة التي ورثها وتحولت إلى تقليد سنوي ثابت.

بعد انتقاله إلى الغردقة، قرر محارب أن يكمل المسيرة، وبدأ بإقامة مائدة إفطار في شارع النصر امام مقر شركته الخاصة وظل يتوسع في المائدة حتي اصبحت مكانًا يجتمع فيه المصريين مسلمين ومسيحيين، حتى أصبحت مقصدًا للعشرات من الصائمين الذين يجدون فيها ليس فقط وجبة الإفطار، بل أيضًا رسالة حب وتسامح تتجاوز الأديان والأعراق.

أهل الغردقة: محارب رمز للمحبة الحقيقية والخير والتآخي بين المصريين

يصف أهالي مدينة الغردقة محارب بأنه نموذج للمصري الأصيل، يقول محمد عبدالكريم، أحد رواد المائدة “اعتدنا انه في كل عام نري مائدة محارب عجايبي، فهي ليست مائدة طعام فقط، ولكن لنلتقي ونتحدث ونتبادل الدعوات الطيبة، فهو لا يعتبرها مجرد مائدة، بل فرصة لنشر المحبة بين الجميع”.

ويضيف الشيخ محمود عبدالسلام، أحد أئمة المساجد القريبة: هذا هو الإسلام الحقيقي، وهذا هو المسيحية الحقيقية أيضًا، فالأديان تدعونا للتآخي والتراحم، ومحارب يقدم نموذجًا لمحبة المصريين وروح التسامح والتآخي بينهم، حيث يجسد هذه القيم بأفعاله قبل أقواله.

لم يكن محارب وحده في هذا المشوار فأسرته بالكامل تدعمه، وأهله في الأقصر لا يزالون يحافظون على المائدة هناك، كجزء من إرث العائلة، أما أبناؤه فقد نشأوا على رؤية والدهم وهو يجهز المائدة بحب وسعادة، قائلًا “أوصيت أبنائي كما أوصاني أبي، وسأظل أوصيهم حتى أطمئن أن هذا العمل والخير لن ينقطع بعدي”.







IMG_4551



IMG_4549


IMG_4549



IMG_4525


IMG_4525



IMG_4521


IMG_4521



IMG_4513


IMG_4513



IMG_4528


IMG_4528

close