تفكيك القواسم الوطنية السورية

تفكيك القواسم الوطنية السورية

 
 
د. هيثم علي الصديان

ثمة ثلاث قيم سنّية جامعة للدولة السوريّة:
الإسلام والعروبة والعلمانيّة:
الإسلام يشمل الجميع إلّا المسيحيين.
والعروبة تشمل الجميع إلا الأكراد.
والعلمانيّة لا تشمل مكوّناً، لكنها تمثّل الجميع كونها تشمل المواطنة…
فلو طرح السنة مفهومي العروبة والعلمانيّة، واحتفظوا بالإسلام رصيداً احتياطيّاً خاصّاّ، هكذا سيتمكّنون من جمع الجميع، مع الحفاظ على هُويتهم… وهذا يجعلنا نتخلّص من الأطماع التركيّة والأمريكيّة والروسيّة، ونعود مرة أخرى إلى حاضنتنا العربيّة… هكذا نقدّم نظاماً وطنيّاً جامعاً… ويصير الخروج عليه من أيّ مكوّن خروجاً على القيم الوطنيّة الجامعة..
أمّا أن نقدّم نحن- السنّة- سلطةً لها سجلّ مخيف في مخيال الطوائف غير السنيّة… وكأنّها هي واجهتنا، وليس لدينا بديل سياسيّ حضاريّ أفضل منه، فهذا عيب سياسيّ ومثلب أخلاقيّ في رصيد هذه الطائفة…
إن التركيّ رابح، إن استبدّت هذه السلطة بالحكم أم حصل التقسيم(ولا يمكن أن يقبل بالفدرلة)…
وأمّا الأمريكيّ فيهمّه أن تكون هناك سلطة منفّرة، ومديونة له بوجودها؛ فهي إمّا تكون عامل انقسام أو تفي بدينها، وماذا تتوقعون من المديون لآخر بحياته؛ فكم هو ثمن الحياة والوجود؟!.
والروسيّ لا يخسر إن قُسّمت سوريا أم لم تُقسّم؛ فحصّته لا جدال عليها في الحالين…
الخطوة الأُولى والأَولى تكون في الواجهة التي تقدّمها السنّة ممثّلة لها. هذا مفتاح باب الوطنيّة للدولة السوريّة، مفتاح الدخول ومفتاح القفل أمام الأطماع الخارجية..
وتبقى على الطوائف الأخرى مسؤوليّة واجهاتها أوّلاً، التي ما يزال كثير منها ممّا لها سجلّ تشبيحيّ في مخيال الأكثريّة السنيّة المنكوبة، ثمّ عليها مسؤولية تبنّٰي خيارها الوطني ثانياً وتالياً…
نحن بحاجة إلى حكومة وطنيّة جامعة، لا سلطة إقصائيّة منفّرة…
لأنّ الكيان يصطاد في الماء العكر…
ولأنّ ذلك كذلك؛ فلا بدّ من سلطة سنيّة مقبولة من الجميع(وليس أكثر منهم) تسارع إلى  بناء حكومة جامعة، تكون عوناً على جمع السوريّين، لا معول هدم طارد، يمسي عن قصد أو غير قصد عوناً للمشروع الصهيونيّ في التقسيم….
الكيان يجيد الاستثمار في أشباه أشباه الفرص، فليس صعباً عليه الاستثمار في الوضع الحالي…
الحكومة الجامعة ضرورة وطنية…
والسلطة المقبولة ضرورة أخلاقيّة ومسؤوليّة قوميّة، تقع اليوم على عاتق السنّة تحديداً. بعدها تأتي المسؤوليّة الوطنيّة للمكوّنات الأخرى.
كاتب سوري

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم:

close