غادة عون تختتم مسيرتها القضائية بالادعاء على ميقاتي وشقيقه ورياض سلامة

أنهت المدعية العامة السابقة في جبل لبنان القاضية غادة عون، يومها الأخير في القضاء بادعاء أقامته ضدّ رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وشقيقه رجل الأعمال طه ميقاتي وحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وبنك «عودة» بشخص رئيس مجلس إداراته سمير حنّا، بجرم «تبييض الأموال»، وأحالت الملفّ على قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، وطلبت التحقيق معهم واستجوابهم وإصدار المذكرات القضائية اللازمة بحقهم.

وأثار هذا الادعاء علامات استفهام حول أسبابه وتوقيته، خصوصاً أن القاضية عون التي انتهت مسيرتها القضائية يوم الجمعة، بإحالتها على التقاعد لبلوغها الثامنة والستين، سبق لها أن ادعت خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2019 على ميقاتي وشقيقه، بجرم «اختلاس أموال عامة وتبييض الأموال». وأفادت مصادر في قصر العدل في بعبدا، بأن الادعاء الجديد «جاء مطابقاً للادعاء السابق الذي أقامته عون على ميقاتي وشقيقه في عام 2019 على خلفية حصولهما على قروض من بنك (عودة) بفوائد متدنية جداً، والاستفادة منها بشراء سندات يوروبوندز من المصرف المركزي».

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «القانون لا يجيز الادعاء بالملفّ نفسه مرتين لوجود سبق ملاحقة، خصوصاً أن قاضي التحقيق الأول في بيروت (السابق) شربل أبو سمرا، أجرى تحقيقاته يومذاك، والرئيس نجيب ميقاتي حضر شخصياً إلى مكتب قاضي التحقيق وأدلى بإفادته ونفى كل ما ورد في الادعاء»، مشيرة إلى أن «قاضي التحقيق شربل أبو سمرا أصدر قراره في القضية، وعدّ الجرم المدعى به ضدّ الأخوين ميقاتي ساقطاً بمرور الزمن، من دون النظر في أساسه والخوض بما إذا كان صحيحاً أم لا».

وتترقب الأوساط القضائية ما إذا كان قاضي التحقيق نقولا منصور سيسير في هذا الملفّ، إلّا أن مصدراً قضائياً أشار إلى أن «القضية المدعى فيها تعود إلى عام 2010 وهي ساقطة بمرور الزمن حتى لو كانت المواد المدعى بها جنائية».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا يوجد تفسير لتوقيت ادعاء عون في اليوم الأخير من مسيرتها القضائية وقبل لحظات من إحالتها على التقاعد». وسأل: «طالما أن لديها معلومات جديدة تستدعي الملاحقة، لماذا انتظرت كل هذا الوقت حتى تدعي بشأنه؟». وقال إن «قاضي التحقيق أمام امتحان البتّ بهذا الملفّ سلباً أو إيجاباً، خصوصاً أن القاضي منصور أجرى تحقيقات بعشرات الدعاوى المالية التي طالت المصارف ومجالس إدارتها، ولم يتردد في حفظ بعض الدعاوى لعدم ضرورتها».

نجيب ميقاتي (رويترز)

وعلمت «الشرق الأوسط» أن أحد الوكلاء القانونيين لبنك «عودة» التقى النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، ونقل إليه استياءه من خطوة القاضية عون «التي لا تستند إلى مبرر قانوني». وأبلغ المحامي المذكور القاضي الحجار بأنه «سيتقدّم مع باقي وكلاء المدعى عليهم بدفوع شكلية أمام قاضي التحقيق فور تحديد جلسة للتحقيق بالملفّ، يطلبون فيها حفظ الادعاء لعدم قانونية».

وأشار مصدر مطلع على اللقاء لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «ادعاء عون الجديد لا علاقة له بملفّ القروض التي بتّ بها القضاء، بل يعود إلى عام 2010 عندما أقدمت شركات أجنبية على شراء أسهم في بنك (عودة)، وكانت هذه الشركات تحاول الهيمنة على المصرف وامتلاكه، فتدخل الأخوان ميقاتي لشراء تلك الأسهم حتى لا يستملك البنك من جهات خارجية، وحصل ذلك برعاية من حاكم مصرف (السابق) لبنان رياض سلامة»، مع العلم بأن سلامة لا يزال موقوفاً منذ 6 أشهر في ملفّ اختلاس أموال عامة بقيمة 44 مليون دولار من حساب الاستشارات في البنك المركزي.

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

وادعاء القاضية عون الجديد خالف التعميم الذي أصدره النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات، والذي حظر فيه عليها التحقيق بملفات مالية وأوكل هذه المهمة إلى المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي سامر ليشع، كما أنه خالف تعميم النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، الذي منعها من إجراء أي تحقيق يتعلق بملفات المصارف، وحصر التحقيق به شخصياً بعد طلب منها إيداعه جميع الملفات الموجودة لديها.

ومع تسلّم القاضي سامي صادر مهام النائب العام الاستئنافي بالإنابة (خلفاً للقاضية عون) سيكون له موقف من هذا الادعاء في وقت لاحق، وأوضحت مصادر مطلعة في قصر العدل لـ«الشرق الأوسط»، أن صادر «لا يمكنه حالياً أن يستعيد ادعاء القاضية عون أو يتبنّاه طالما أن الملف بات في عهدة قاضي التحقيق الأول نقولا منصور». وشددت على أنه «عندما يتقدّم وكلاء المدعى عليهم بدفوع شكلية، ستعرض هذه الدفوع على النائب العام الجديد، الذي يبدي رأيه فيها لجهة صحة الادعاء من عدمه»، مشيرة إلى أن «هناك أكثر من قنبلة فجرتها القاضية عون قبل رحيلها، إذ إنها ادعت أيضاً على وزارة المهجرين وعلى مدير عام الوزارة السابق أحمد محمود و11 موظفاً آخرين بجرم (اختلاس المال العام والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال)».

close