«تعاطف واسع» محمد صلاح يسأل لماذا قُتل بيليه الفلسطيني والقصة كاملة من عائلته

ظل يُركض سليمان العبيد خلف لقمة العيش في ظروف لا تتناسب مع موهبته كلاعب كرة القدم، فقد تحول الركض من ملاعب كرة القدم إلى ساحة معاناة يومية بحثًا عن المساعدات لأطفاله، ثم استشهد إثر هجوم مدمر بقنبلة كواد كابتر قرب نقطة توزيع المساعدات في غزة. هذه القصة تعكس معاناة الرياضيين الفلسطينيين الذين يعيشون بين حبهم لكرة القدم وواقع الحرب القاسي الذي يهدد حياتهم.

تفاصيل مقتل سليمان العبيد بقنبلة كواد كابتر قرب توزيع المساعدات

في ساعات الفجر الأولى، توجه سليمان العبيد مع عدد من أقاربه إلى نقطة توزيع المساعدات الأمريكية، حيث كانوا يتخذون موقعًا محميًا خلف جبل صغير داخل قطاع غزة — لكن الطائرات المسيرة قادمة بقوة، إذ اقتربت من المجموعة لتصويرهم ثم عادت سريعًا لإسقاط قنبلة من نوع كواد كابتر على سليمان مباشرة. واصفًا اللحظة، قال شقيقه طراد: “وقع إصابة قاتلة في صدره مع إصابة أخرى في القدم، مما أدى لمقتله على الفور”، وأضاف أنه أصيب هو الآخر بجروح نافذة لكنه حافظ على وعيه وسحب الشظايا وربط جرحه بينما كان يحاول مساعدة شقيقه. أربعة أشخاص آخرون من الأسرة أصيبوا وتم نقلهم للمستشفى لتلقي العلاج. تحمل طراد الذكرى المريرة وهو يردد أن استشهاد سليمان كان ألمًا غامرًا يصعب استيعابه على الرغم من حزنه العظيم.

تغيرات الحرب وأثرها على حياة سليمان العبيد الرياضي وعائلته

تسببت الحرب المستمرة في وضع مأساوي تحول فيه نجم كرة القدم الفلسطيني الملقب بـ”بيليه الفلسطيني” إلى رجل يكافح من أجل تأمين يوميات أطفاله الخمسة، فترتبت عليه غلاءً رهيبًا وعمولات قضت على راتبه حتى لم يعد يكفي سوى طعام يوم واحد. بتعبير شقيقته ميرفت، “سليمان استبدل الركض في الملاعب بالركض للحصول على مساعدات، وكان يحمل على الأكتاف قتيلاً غارقًا في دمه بدلاً من أن يُحمل على الأعناق احتفالًا بالبطولات”. بالرغم من ذلك، ظل اللاعب متمسكًا بكرة القدم، متدربًا بإصرار، متبعًا شغفه رغم محيطه القاتم، وأصرت أسرته على أن يلزم المكانة التي صنعها في ملاعب غزة.

تطلعات نسيم نجل سليمان العبيد وأمل إحياء إرث والده في الملاعب

ابن سليمان، نسيم، حمل المشعل بكل حنين وتحسر على فقدان والده، موضحًا: “لم يتبق لدي سوى حلم أن أصبح خليفته في كرة القدم، لكن فكرة غياب والدي ما زالت تفوق كل استيعاب”. تحدث عن اللحظات التي كان يشاهد فيها مباريات والده جنبًا إلى جنب، يحتفل بكل هدف وكل إنجاز، والآن لا يملك سوى ذكرى رحيله الفاجعة. كما ناشد نسيم أن يتمكن من السفر والتعليم بعيدًا ليتحقق حلم والده بتخريج جيل رياضي متميز، ليواصل إرث “بيليه الفلسطيني” بشكل مشرف.

دور المدرب الفلسطيني في تأريخ حياة سليمان وتأثير موته على الرياضة في غزة

يصف المدرب الفلسطيني عماد هاشم، الذي درب سليمان في نادي غزة الرياضي وخدمات الشاطئ، اللاعب المثالي الذي تميز بموهبة تهديفية فريدة وروح رياضية عالية، مؤكّدًا أنه بالرغم من عمره كان يتصدر اختبارات اللياقة البدنية، ومثالًا للتفاني في كرة القدم ومساعدة المدنيين في مناطق النزوح. أشار هاشم إلى أن استشهاد سليمان شكل فاجعة كبيرة لجميع الرياضيين في غزة، معربًا عن أمله في أن تُلهم تغريدة نجم الكرة المصرية محمد صلاح المجتمع الدولي لتكثيف الاهتمام بحقوق الرياضيين هناك، ويمنّي بأن يُقام له حفل تأبين يليق بذكراه فور انتهاء الحرب.

تُظهر هذه الأرقام تفاقم الأوضاع الرياضية في قطاع غزة مع استمرارية الحرب، حيث بات الرياضيون يعانون ليس فقط من صعوبة الحفاظ على مهاراتهم وممارسة لعبتهم، بل ومن خطر الموت أثناء البحث عن أبسط مقومات العيش مثل المساعدات والطحين، كما حصل مع سليمان العبيد.

يبقى صوت الرياضيين وعائلاتهم يصدح بالحاجة إلى دعم وحماية، فالواقع المأساوي الذي تعرض له “بيليه الفلسطيني” هو صورة عن معاناة آلاف الرياضيين في غزة الذين قضوا على أشواط الحياة وهم لا يزالون يحلمون بكرة القدم وكيفية إعادة بناء حياتهم في ظل تهديدات مستمرة.