طبق «الفلافل» يجمع حوله الصائمين من مسلمين ومسيحيين

يساهم شهر رمضان هذه السنة في توحيد اللبنانيين بجميع أطيافهم. فالصوم فيه لا يقتصر فقط على المسلمين بل على المسيحيين أيضاً. وبذلك حمل الشهر الفضيل رسالة تضامن غير مباشرة بين اللبنانيين. فقد صادف أن وقع توقيته في أيام الصيام نفسها عند المسيحيين الغربيين والشرقيين معاً. وفي حين يستعدُّ المسلمون في ختامه للاحتفال بعيد الفطر، فإن المسيحيين يحتفلون بنهاية الصَّوم بعيد القيامة.

وتشهد محلات السوبر ماركت وبيع الخضار كما المطاعم ومحلات الحلويات زحمة كبيرة، إذ يتوافد الصائمون لشراء حاجياتهم ومأكولاتهم في هذا الشهر.

ويأتي طبق «الفلافل» في مقدمة الأكلات التي تشهد إقبالاً من اللبنانيين في الشهر الكريم. فهو يوافق بمكوناته النباتية قواعد وأصول الصَّوم عند المسيحيين، التي ترتكز على الابتعاد عن تناول اللحوم ومشتقاتها طوال فترة الصَّوم. في حين تُعدُّه شريحة من المسلمين الطبق الأفضل للشعور بالشبع بعد يوم صومٍ طويل. فهو يزيّن المائدة بوصفه مقبلات وكذلك يحلو تناوله عند السحور.

فلافل بصلصة الطحينة والحامض (إنستغرام)

«الفلافل»: الفول مكونه الأساسي

وتتألف مكونات طبق الفلافل في لبنان من الحمص والفول والبصل والثوم المخلوطة بالكمُّون وملعقة صغيرة من كربونات الصُّوديوم. إلا أن طعم هذا الطبق يختلف بين محل وآخر حسب طريقة تحضيره.

أما عملية تقديمه فتُشكل عنصراً مهماً لتناوله بشهية، إذ يرفق بالنعناع والبندورة ومخلل اللفت والفلفل الحار مع صلصة «الطرطور» (طحينة مع عصير الليمون).

الميزة الأساسية التي يجب أن يتحلَّى بها هذا الطبق هي طعمه «المقرمش» وإلا فإنه يعدٌّ غير طازج. كما في استطاعتك أن تدرك جودة مطعم عن غيره من خلال رائحة الطبق، التي يجب ألا تكون مقرونة بأي أثر لروائح الزيت المقلي. ويقول أحد أصحاب محلات الفلافل في بيروت، ميشال فريحة لـ«الشرق الأوسط»، معلقاً: «يجب أن يُجدَّد الزيت الذي تٌقلى الفلافل فيه، وإلا اتَّخذ طعماً نتناً ورائحة غير ذكية». بعض اللبنانيين يُفضلون تناول الفلافل ملفوفة برغيف خبز لبناني صغير الحجم. في حين يُدرجه آخرون ضمن لائحة المازة اللبنانية التي تُزيِّن المائدة قبل تناول الأطباق الرئيسية.

أسعاره متاحة للجميع

لعلّ أكثر ما يساهم في رواج طبق الفلافل هو سعره الرخيص. جميع شرائح المجتمع اللبناني متاحٌ لها تناوله في أي وقت من السنة. وإذا ما تنقلت بين المناطق اللبنانية لاحظت أن سعر درزن أقراص الفلافل يختلف فيما بينها. ففي مدينة صيدا يبدأ سعرها بـ70 ألف ليرة، أي أقل من دولار ليُلامس 150 ألف ليرة لبنانية (دولار ونصف الدولار) في محلات أخرى. وفي طرابلس يُمكنك شراؤها بأسعار متفاوتة تبدأ بـ80 ألف ليرة وصولاً إلى 120 ألف ليرة.

أما في بيروت، فتتراوح أسعار الدرزن الواحد من أقراص الفلافل ما بين 100 و450 ألف ليرة. وكلما اقتربت من المناطق الشعبية والمكتظة بالسكان، انخفض سعر الفلافل. فيما المناطق التجارية في أحياء سكنية مرفهة كالجناح والأشرفية والصنائع ترتفع فيها أسعار هذا الطَّعام بشكل ملحوظ.

ساندويش الفلافل والملقّب بـ«بيّ الفقير» لا يزال يستقطبُ الشرائح الاجتماعية من أصحاب الدَّخل المحدود أو الطبقة العاملة. أما أسعاره فتتراوح ما بين 125 و250 ألف ليرة لبنانية. وعند محلات «خليفة» مثلا يبلغ سعر الدرزن من أقراص الفلافل 180 ألف ليرة. ويتضاعف هذا السِّعر ليبلغ 350 ألف ليرة إذا ما رافقه الخضار وصلصة الطرطور.

ساندويش الفلافل «بيّ الفقير» (إنستغرام)

وتنتشر المطاعم في لبنان التي تقدِّم هذا الساندويش لتشمل تلك المعروفة في بيروت تحت اسم «فلافل صهيون»، و«فلافل خليفة»، و«فلافل أبو الزوز»، و«فلافل بربر»، و«فلافل فريحة». وتشتهر في طرابلس بأسماء أخرى منها «فلافل البيك»، و«فلافل الصوفي». أما أهالي صيدا فينصحونك بمحلات «فلافل أبو رامي» و«فلافل عكاوي».

عادة ما يفضّل اللبنانيُّ تناول الفلافل في ساندويش، فإما يشتريها ويأكلها ساخنة وهو يقف مباشرة أمام محلات بيعها، أو يطلبها أحياناً أخرى بواسطة الخدمة إلى المنازل (دليفري). لكن ربات البيوت الفخورات بتحضيرهنَّ للطعام بأياديهن يُفضّلن صنعها في المنزل. أمّا السعرات الحرارية التي يتضمنها الساندويش الواحد فتبلغ نحو 600 سعرة حرارية.

close