كيف نجح البنك المركزي المصري في سد الفجوة من الدولار في مصر؟

في السنوات الأخيرة، واجهت مصر تحديات اقتصادية كبيرة تمثلت في فجوة دولارية أثرت على استقرار الاقتصاد الوطني، واستجابة لذلك نفذ البنك المركزي المصري بقيادة محافظه حسن عبدالله سلسلة من الإجراءات والسياسات النقدية الهادفة إلى سد هذه الفجوة وتعزيز الاحتياطي النقدي الأجنبي.ويستعرض هذا التقرير، من بانكير، الخطوات التي اتخذها البنك المركزي المصري والنتائج المترتبة عليها.تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدةوفي 6 مارس 2024، اتخذ البنك المركزي المصري قرارًا جريئًا بتحرير سعر صرف الجنيه المصري، مما أدى إلى خفض قيمته بنسبة 60% أمام الدولار الأمريكي.وتزامن ذلك مع رفع أسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس (6%) في اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقديةن وهذه الخطوة، التي وصفها خبراء بأنها “تعويم حقيقي”، هدفت إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحقيق استقرار الأسعارتعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتحسين بيئة التمويلوساهم البنك المركزي في تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الكبيرة والتحسن الملحوظ في بيئة التمويل سيساهمان في تحقيق استقرار الأسعار، وهذه العوامل من شأنها دعم الاقتصاد المصري وتقليل الضغوط على العملة المحليةزيادة احتياطي النقد الأجنبيأدت الإجراءات المتخذة إلى زيادة ملحوظة في احتياطي النقد الأجنبي لمصر، وفي فبراير 2025، ارتفع الاحتياطي إلى 47.394 مليار دولار، مقارنة بـ47.265 مليار دولار في يناير من نفس العام، بزيادة قدرها 129 مليون دولارمكافحة السوق السوداء وضبط سوق تداول النقد الأجنبيواتخذ البنك المركزي المصري إجراءات للحد من تسرب الدولار ومنع المضاربة في السوق السوداء.وشملت هذه الإجراءات توجيه البنوك بخفض حدود استخدام بطاقات الائتمان، وغيرها من الإجراءات التي ساهمت في ضبط سوق التداول، ذلك بالإضافة إلى جهود الجهات المعنية في ضبط مروجي العملات الأجنبية في السوق السوداء.البنك المركزي المصريتعزيز الصادرات لتوفير العملة الصعبةوأكد رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، في تصريحات سابقة، على حرص الدولة على زيادة الصادرات لسد الفجوة الدولارية.وتسعى الحكومة إلى تحقيق الاستقرار في سعر الصرف وضبط سوق تداول النقد الأجنبي من خلال تطبيق سياسة سعر الصرف المرن بالتنسيق مع البنك المركزي المصريالتعاون مع المؤسسات المالية الدوليةوتوصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لزيادة حجم القرض الأخير من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولار.كما أمنت مصر قروضًا من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، مما ساهم في تعزيز احتياطي النقد الأجنبيتحسين التصنيف الائتماني وجذب التمويل المستداموأشارت وكالة فيتش إلى أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية مؤخرًا لجذب التمويل الأجنبي ستساعد مصر على تغطية احتياجاتها التمويلية على المدى المتوسط، ولكي يصبح الانخفاض في تصور المخاطر دائمًا، ستحتاج السلطات إلى المضي قدمًا بسرعة في خطة الخصخصة والإصلاحات الهيكلية لتحسين بيئة الأعمال وجذب التمويل المستدام والاستثمار الأجنبي المباشرتعزيز احتياطيات الذهبوفي فبراير 2025، ارتفعت قيمة أرصدة الذهب لدى البنك المركزي المصري بقيمة 435 مليون دولار لتصل إلى 11.85 مليار دولار.ويعتبر تعزيز احتياطيات الذهب جزءًا من استراتيجية البنك المركزي لتنويع مكونات الاحتياطي النقدي الأجنبي وتقليل المخاطر المرتبطة بتقلبات العملات الأجنبية.التنسيق بين الجهات الحكومية والبنك المركزيوعقدت الحكومة المصرية اجتماعات دورية لمتابعة الإجراءات المتخذة لخفض معدلات التضخم وتوفير السلع الأساسية وسد الفجوة الدولارية.وشارك في هذه الاجتماعات وزراء التخطيط، والتعاون الدولي، وقطاع الأعمال العام، والتجارة والصناعة، بالإضافة إلى نائب محافظ البنك المركزي، مما يعكس التنسيق الوثيق بين الجهات الحكومية والبنك المركزي في مواجهة التحديات الاقتصادية.ونجح البنك المركزي المصري، بالتعاون مع الجهات الحكومية، في تنفيذ حزمة من السياسات النقدية والإصلاحات الاقتصادية التي ساهمت في سد الفجوة الدولارية وتعزيز الاحتياطي النقدي الأجنبي.وشملت هذه السياسات تحرير سعر الصرف، رفع أسعار الفائدة، جذب الاستثمارات الأجنبية، تعزيز الصادرات، ومكافحة السوق السوداء، وتظهر المؤشرات الاقتصادية الحالية تحسنًا ملحوظًا في استقرار الاقتصاد المصري، مما يعكس فعالية الإجراءات المتخذة في مواجهة التحديات الاقتصادية.

close