توقعات التضخم في مصر خلال فبراير 2025.. انفراجة أم مزيد من ارتفاع الأسعار؟

شهدت مصر خلال شهر فبراير 2025 تطورات ملحوظة في معدلات التضخم، حيث أشارت التقديرات الأولية إلى انخفاض كبير في نسبة التضخم السنوي، الأمر الذي أثار تساؤلات حول ما إذا كان الاقتصاد المصري قد بدأ في التعافي الفعلي أم أن هذا التراجع مجرد هدوء مؤقت يسبق موجة جديدة من ارتفاع الأسعار.يأتي هذا التراجع بعد فترة طويلة من التقلبات الاقتصادية التي شهدتها البلاد، حيث بلغ التضخم ذروته عند 38% في سبتمبر 2023 نتيجة الأوضاع الاقتصادية العالمية، وارتفاع تكاليف الاستيراد، والتغيرات في قيمة العملة المحلية.ومع ذلك يبدو أن الإجراءات الحكومية الأخيرة، إلى جانب بعض العوامل الاقتصادية الدورية، قد ساهمت في كبح جماح التضخم، ما دفع بعض الخبراء إلى التفاؤل الحذر بشأن مستقبل الاقتصاد المصري خلال الأشهر المقبلة.وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض توقعات التضخم خلال شهر فبراير المنصرم، وآراء المؤسسات الدولية في وضع التضخم في مصر.تراجع ملحوظ في معدلات التضخمووفقًا لاستطلاع أجرته وكالة “رويترز”، من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 14.5% في فبراير، مقارنة بـ24.0% في يناير.ويعزى هذا الانخفاض إلى تلاشي تأثير سنة الأساس وارتفاعات الأسعار السابقة، كما يتوقع أن ينخفض التضخم الأساسي إلى 15.4% من 22.6% في يناير.وهذا التراجع يأتي بعد أن بلغ التضخم ذروته عند 38% في سبتمبر 2023، مما يشير إلى تحسن تدريجي في المؤشرات الاقتصادية.وقد ساهم في ذلك نمو المعروض النقدي (M2) بنسبة 32.1% على أساس سنوي في يناير، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة، بما في ذلك استثمار إماراتي بقيمة 24 مليار دولار وحزمة دعم بقيمة 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي في أوائل عام 2024.توقعات متفائلة من الخبراء والمسؤولينوأعرب رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، في تصريحات سابقة، عن تفاؤله بانخفاض أكبر في معدلات التضخم خلال فبراير، مشيرًا إلى أن السياسات الاقتصادية الحالية تسير في الاتجاه الصحيح لتحقيق استقرار الأسعار.من جانبه، توقع بنك “بي إن بي باريبا” انخفاض التضخم إلى 19.8%، مشيرًا إلى أن هذا التراجع قد يكون مدفوعًا بعوامل متعلقة بآثار المقارنة السنوية، كما أشار إلى إمكانية حدوث انخفاض ملحوظ في التضخم اعتبارًا من فبراير 2025.التضخم في مصروفي استطلاع أجرته “CNBC عربية” شمل 11 محللاً وخبيرًا اقتصاديًا، توقع 55% منهم أن ينخفض التضخم بشكل حاد في فبراير بنسب قد تتجاوز 10%، بينما رجح الباقون تباطؤ التضخم بمعدل يتراوح بين 0.5% و1.5%.سياسات نقدية حذرةوفي ظل هذه المؤشرات، قرر البنك المركزي المصري في اجتماعه الأخير بتاريخ 20 فبراير 2025، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.ويهدف هذا القرار إلى منع تفاقم التضخم مجددًا وضمان استقرار الأسعار على المدى الطويل، وقد أشار خبراء إلى أن تثبيت الفائدة في هذه المرحلة مناسب لمنع أي ارتفاعات مستقبلية في معدلات التضخم.وعلى الرغم من التراجع الملحوظ في معدلات التضخم، لا تزال هناك تحديات قد تؤثر على استدامة هذا التحسن، ومن أبرزها الضغوط التضخمية المحتملة خلال موسم شهر رمضان، حيث يزداد الطلب على المنتجات الغذائية والمشروبات، مما قد يسرع وتيرة التضخم.كما أن أي زيادات سعرية جديدة للمحروقات قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم مرة أخرى.ويظهر الاقتصاد المصري بوادر تحسن مع تراجع معدلات التضخم خلال فبراير 2025، ومع ذلك فإن استدامة هذا التحسن تتطلب سياسات نقدية ومالية حذرة، بالإضافة إلى مراقبة مستمرة للعوامل الموسمية والتطورات العالمية التي قد تؤثر على الأسعار المحلية.ويبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه الفترة تمثل انفراجة حقيقية أم مجرد هدوء مؤقت قبل موجة جديدة من ارتفاع الأسعار.

close