​مصر تأسف لاستمرار منع إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة

الاتفاق بين السلطات السورية والأكراد: أي مكاسب يحققها الطرفان؟

يحقق اتفاق وقعته الرئاسة السورية والقيادة الكردية، الاثنين، ويقضي بدمج مؤسسات الإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية، مصالح يحتاجها الطرفان في مرحلة حساسة من تاريخ البلاد، على ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» في تقرير لها، الثلاثاء.

فما أبرز بنود الاتفاق؟ وما هي المكاسب التي يجنيها الطرفان في حال تطبيقه بحلول نهاية العام؟

ماذا يتضمن الاتفاق؟

ينصّ أبرز بنود الاتفاق الذي وقَّعه الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي، في دمشق على «دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز».

ولم يتحدث الاتفاق عن حل «قوات سوريا الديمقراطية» الذراع العسكرية للإدارة الذاتية الكردية، في شمال شرقي سوريا، المدعومة أميركياً، أو تسليم سلاحها، بخلاف ما كانت السلطة السورية قد اشترطته للانضواء تحت مظلة الجيش الجديد.

الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي يتصافحان بعد توقيعهما على الاتفاق مساء الاثنين (أ.ف.ب)

ويتضمن الاتفاق الاعتراف بالمكون الكردي، الذي عانى طيلة عقود خلال حكم آل الأسد من تهميش وإقصاء، بوصفه «مجتمعاً أصيلاً في الدولة السورية». وينص على «ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في الحياة السياسية وكل مؤسسات الدولة»، في موازاة «رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية».

والاتفاق المؤلَّف من 8 بنود هو بمثابة «خريطة طريق» يُفترض أن تعمل لجان مشتركة على مناقتشها، ووضع آليات تنفيذها بمهلة لا تتجاوز نهاية العام.

ووصف عبدي الاتفاق بأنه «فرصة تاريخية» لبناء سوريا جديدة، بينما عمّت احتفالات شوارع مدن عدة في أنحاء البلاد.

ويتعهد الأكراد بموجب الاتفاق «دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد وجميع التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها» في إشارة ضمنية إلى أعمال العنف في الساحل السوري.

ماذا تجني سلطات دمشق؟

جاء توقيع الاتفاق على وقْع أعمال عنف شهدتها المنطقة الساحلية أطلقتها فلول النظام البائد في غرب سوريا، راح ضحيتها أكثر من ألف قتيل مدني؛ ما شكَّل اختباراً مبكراً للشرع الساعي إلى ترسيخ السلطات الجديدة على كامل التراب السوري، بعدما تعهد مراراً بالحفاظ على السلم الأهلي وإشراك كل المكونات السورية، بمن فيها الأقليات، في إدارة المرحلة الانتقالية.

سوريون يحتفلون باتفاق الشرع – مظلوم في القامشلي الاثنين (رويترز)

ويرى الباحث في الشأن الكردي، موتلو جيفير أوغلو، أن الشرع الذي يواجه ضغوطاً دولية كبرى خصوصاً بعد أحداث الساحل السوري، «يدرك ضرورة الانخراط مع الأكراد لتقوية موقفه»؛ إذ يمكّنه ذلك من «تقديم نفسه بوصفه قائداً ملتزماً بضمان تمثيل جميع الهويات في مستقبل سوريا»، ومن «تخفيف الضغوط» عنه.

وتحقق دمشق أهدافاً أخرى عبر الاتفاق، أبرزها بسط شرعية الدولة على منطقة جغرافية واسعة غنية بالنفط والقمح، وتحتاج السلطات مواردها بشدة على وقع انهيار اقتصادي يعصف بالبلاد بعد 13 عاماً من نزاع مدمر.

وتقع 90 في المائة من حقول النفط في مناطق سيطرة الأكراد، وفق الباحث في الشأن السوري، فابريس بالاش، الذي يؤكد أنهم يستحوذون كذلك على حصة أساسية من سلة القمح الغذائية.

ويكسب الجيش عبر الاتفاق قوة كردية عسكرية منظمة ومدرَّبة، يمكنه التنسيق معها في مواجهة أي تحديات أمنية.

وأشار مصدر من «قوات سوريا الديمقراطية» إلى عمليات مشتركة ستنطلق في الأيام المقبلة في البادية السورية لمحاربة تنظيم «داعش» الذي حذرت 5 دول، الأحد، بينها سوريا وتركيا، من خطر عودته وتعهدت العمل معاً لمواجهته.

ولم يتضح مصير إدارة السجون التي يتولاها الأكراد، وتضم الآلاف من مقاتلي التنظيم، والتي قال عبدي، الشهر الماضي، إن سلطات دمشق تريدهم تحت مسؤوليتها.

ماذا يحقّق الاتفاق للأكراد؟

منذ وصول السلطة الجديدة إلى دمشق، أبدى الأكراد انفتاحاً تجاهها، فرفعوا علم الاستقلال ذا النجوم الثلاث فوق مقراتهم، وأعربوا عن استعدادهم الانضمام إلى الجيش دون حل قواتهم.

يحتفلون باتفاق الشرع – مظلوم في القامشلي الاثنين (رويترز)

ويبدو أن الأكراد نجحوا في الحفاظ على تنظيمهم العسكري، وهو شرط رئيسي تمسكوا به خلال محادثاتهم مع دمشق.

ويقول بالانش لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لن تندمج (قوات سوريا الديمقراطية) بالطبع مع (هيئة تحرير الشام)» الفصيل الذي تزعمه الشرق، وقاد الهجوم الذي أطاح الأسد، لكنها «ستحاول التنسيق معها ضد تنظيم (داعش) على سبيل المثال، ومنع أي قتال بين الطرفين».

والاتفاق الذي تم توقيعه برعاية أميركية، وفق ما قال مصدر كردي، يمنح الأكراد، الأقلية العرقية الكبرى في البلاد والأكثر تنظيماً عسكرياً وسياسياً، اعترافاً بدورهم وهويتهم.

ويوضح جيفير أوغلو أنه بعد توقيع الاتفاق «لم يعد ممكناً تهميش الأكراد في صياغة مستقبل سوريا».

ونما نفوذ الأكراد بعد اندلاع النزاع عام 2011، وإنشائهم إدارة ذاتية، سرعان ما توسّعت مساحتها بعدما شكلوا، بدعم أميركي، قوة رئيسية في دحر «داعش» من مناطق واسعة في شمال وشرق البلاد.

لكن توسعهم قرب الحدود مع تركيا جعلهم عرضة لهجمات دامية شنتها أنقرة مع فصائل سورية موالية لها منذ 2016، لإبعادهم عن حدودها؛ ما أحدث موجات نزوح واسعة.

ويأمل المسؤولون الأكراد إعادة سكان عفرين ومناطق أخرى إلى بلداتهم، بموجب الاتفاق. ويأملون أيضاً أن يجنبهم المزيد من هجمات تركيا التي كثيراً ما عدَّتهم امتداداً لحزب «العمال الكردستاني».

وجاء توقيع الاتفاق على وقْع المحادثات بين تركيا و«العمال الكردستاني»، الذي أعلن زعيمه عبد الله أوجلان، الشهر الماضي، وقف النار مع تركيا، وحل الحزب.

close