قمر العلي: تنويع محافظ الاستثمار هو المفتاح للنجاح في عالم الأعمال | اقتصاد
مراجعات نهائية.. أسئلة تقييم الأسبوع الرابع الرياضيات البحتة الصف الثاني الثانوي
فيصل جلول: تأملات من قمة “جبل التنهيدة” الحكام العرب على خطى أبي عبدالله الصغير
فيصل جلول
وصلت الأسبوع الماضي إلى غرناطة مرورا ب مالقة ورُندة واشبيلية وقرطبة, وشاءت الصدف أن تكون إقامتي في فندق يقع وسط ” تل الريحان” المشرف على المدينة والمعروف ايضا ب “جبل التنهيدة” حيث يُروى (دون سند قوي) أن أبا عبد الله الصغير الزغابي (المشؤوم) آخر ملوك المدينة قد تنهد بقوة في هذا المكان وطافت دموعه مودعا للمرة الأخيرة قصر الحمراء الذي سلمه بكامل محتوياته ل إيزابيلا ملكة قشتالة وزوجها فرديناند ملك ليون في العام 1492 م وكان كريستوف كولومبوس مكتشف أمريكا شاهدا على تلك الواقعة بعد أن شارك بحصار غرناطة. وتشير الأسطورة إلى أن السيدة عائشة والدة “الصغير” نهرته قائلة بما معناه : “ابك كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال”.( 1)
وتشاء الصدف أيضا أن أطل من شرفتي في الفندق على “حي البائسين” الواقع على سفح ” قصر الحمراء” و هو مازال يحتفظ باسمه منذ إنشائه قبل سبعة قرون وكان يضم (حتى سقوط غرناطة) منازل العرب الذين هجروا من ممالك الطوائف المتساقطة بيد الأسبان منذ القرن الحادي عشر ابتداء من طليطلة (1085 م) واشبيلية (1236 ) و صولا إلى قرطبة ( 1249) وغيرها من المدن والقلاع الفرعية وقد استقر (البائسون) أهل المدن الساقطة أو من رغب منهم في ذلك الحي في غرناطة المنيعة والقريبة من الشواطئ المغاربية حيث كان من السهل نجدتها الأمر الذي يفسر صمودها لحوالي قرنين ونصف بعد سقوط قرطبة.
والشائع أن معظم العرب الذين يزورون هذه الحواضر هم من الباكين على الأطلال الأمر الذي يصعب التحقق منه وإن كنت لا استبعد ذلك فما بقي من الأندلس العربية لا يعدو كونه أطلالا رائعة تليق بوصف طرفة بن العبد “.. كباقي الوشم في ظاهر اليد” وبالتالي تثير الحزن على مغيب حضارة متسامحة غنية ومتعددة الوجوه ( كان عدد سكان قرطبة يفوق المليون ونصف ويقطنها اليوم اقل من 300 ألف نسمة).
ولعل الرغبة بالبكاء تنجم أيضا عن ماض عربي جميل وطليعي مقابل حاضر مقيت لا يردع عدوا ولا يسر صديقا علما أن الناس بطبيعتهم يفضلون المفاخر في سيرتهم سواء كانت ماضية أم معاصرة.
وعلى الرغم من عظمة تلك الحضارة وتأثيرها الحاسم في النهضة الأوروبية لاسيما عبر ابن رشد وعلماء الأندلس البارزين في الطب والنبات و الفلك والهندسة وتخطيط المدن وسائر العلوم فإننا نبكيها بدلا من التأمل العقلاني في انجازاتها ومصائرها السياسية.( 2 )
ولو تأملنا حقا فأننا سنكتشف مذهولين أن عربيا بارعا تمكن قبل ألف عام في قرطبة أو في غرناطة من أن يبني قصرا أو مسجدا ينساب إليه الضؤ الطبيعي بطريقة ميسرة وان يمده بالنوافير عبر نظرية الأواني المستطرقة ويزوده بتقنيات التدفئة عبر المياه الساخنة فيما عربي آخر في بيروت بنى بعد ألف عام مطارا دوليا مقفلا أمام ضؤ الشمس وينار بواسطة الكهرباء التي يعاني اللبنانيون من انقطاعها اليومي منذ ثلاثة عقود. وأخال الفارق بين العربي البيروتي و العربي القرطبي أن الثاني كان سيدا حرا في تفكيره و تصميمه فيما البيروتي تابعا تقتضي ثقافته المؤطرة و المشروطة أن ينسخ مطار السيد الأوروبي المصمم لبلاد ضبابية غير عابيء بتناقض المنسوخ مع الطبيعية اللبنانية المشعة معظم أيام السنة.
وكان الحاكم العربي في قرطبة قبل أكثر من ثمانية قرون يطلب من قاضيه المسلم أن يكتب له مذكرة عن منطق أرسطو وبعد ثمانية قرون يفتي قاضي الحاكم حرفيا بما يلي:
” س :هل التاجر الذي لبس بنطلون سروال النصارى ليحفظه من ضرر موظفي الجمرك والبوليس ولم يكن ذلك لبسته عادة، بل ضنًا لماله وحفظًا لعرضه لكون لا بسه أعز عندهم من غيره، هل هو مشرك بذلك أو عاص؟
ج ـ إذا كان لبسه لما ذكر في السؤال فلا شيء في ذلك، ولا يكون به مشركًا ولا عاصيًا بفعله هذا؛ لمـا يحققه من المصلحة.. ويدفع عنه الضرر وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد العزيز بن باز مفتي الحرمين الراحل
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء” 3
و كان الصيدلي العربي محمد الغافقي يجري في قرطبة قبل ثمانية قرون عمليات جراحية ضد “الكتاراكت” أو مرض الساد المعروف ب “الماء الابيض” بواسطة ” أشواك” السمك وبعد ثمانية قرون يذهب الطلاب العرب إلى ألغرب لتحصيل علوم في فروع الطب المختلفة هي في قسمها الأساسي من اثر أسلافهم في الأندلس و بغداد والقاهرة ودمشق دون أن ينتبه أي جيل منهم إلى وجوب توطين هذه العلوم باللغة العربية التي كان على الأطباء الأوروبيين تعلمها لان أفضل كتب الطب كانت عربية حتى القرن الثامن عشر
كما يؤكد المستشرق لويس يونغ.( 4 )
وإذا كانت القرون الأندلسية الثمانية عامرة بالانجازات الحضارية المشرفة فإنها لا تختلف كثيرا في المجال السياسي عن بؤسنا المشرقي الشنيع.
كان الأندلسيون أسيادا تقاتلوا و تمكنت منهم الفتن (عرب ـ بربر) حتى صاروا “نسيا منسيا” أما نحن فقد ظهرنا على المسرح الدولي بعد أربعة قرون من سيطرة عثمانية قاتلة( 5) خاضعين للأجنبي الذي خلق في جوف عالمنا قاعدة صهيونية محمية بالأسواق الكلية القدرة وترسانة الغرب المدمرة فلا يكاد ينهض احدنا حتى نحتشد لإسقاطه بالتواطؤ مع الأجنبي أو مع وكلائه المحليين الكثر وكأن ملوكنا وحكامنا يقتفون حرفيا أثر أبي عبدالله الصغير .
عندهم في الأندلس سقطت طليطلة لان أهلها ثاروا ضد الحاكم فعاقبهم باللجؤ إلى ملك قشتالة الاسباني وحثه على احتلال المدينة فاحتلها وطرد الحكام والمحكومين منها وسقطت اشبيلية بتواطؤ ملك قشتالة الاسباني مع حاكم قرطبة وسقطت الأخيرة بالتواطؤ مع حكام آخرين وسقطت مالقة بعد أن تعهد ملك غرناطة بالامتناع عن نجدتها علما أن عمه كان حاكمها وسقطت غرناطة بعد فتنة شهيرة بين الأم عائشة والزوج الحاكم أبا الحسن الذي عشق حسناء اسبانية والعم الذي طمع بالحكم والابن الذي أطاع أمه وتخلص من أبيه وعمه. وهذه تفاصيل لا نعدم ما يشبهها بين “حكام ” طوائفنا في المشرق فقد سلح معمر القذافي الراحل جنوبيي السودان ودعمهم بأمواله الطائلة ضد النظام السوداني وعاد من بعد لرعاية الانشقاق في دارفور فكان أن تقسم السودان إلى شمال وجنوب وقد يعود إلى الانقسام ثانية وساهم “ملك الملوك” في إشعال الفتن في نواحي المشرق والمغرب إلى أن اجتمع معاونوه القدامى وضحاياه وانقلبوا عليه بدعم من الحلف الأطلسي وها هم يتحولون إلى ملوك مدن ويتصارعون مع بعضهم البعض لا تعصمهم “ديمقراطية” ولا من يحزنون.
وفي سوريا يتحالف حكام ضد رئيسها ويقسم احدهم على إسقاطه ولو كلفه ذلك ثروة بلاده النفطية كلها وصاحب القسم محمي من القوة الأعظم في هذا العصر فيما عم الحاكم السوري يعيش في بلاد الأجانب ويشترك معهم لإطاحة ابن أخيه فضلا عن نائب الرئيس السابق اللاجئ في باريس بعد أن حكم دهرا لكنه مازال راغبا في المزيد وقد انتهى الامر الى سقوط الرئيس ومن كان يرغب في اسقاطه من المنشقين عن حكمه. وفي قطر خلع الأخ أخيه من الحكم ثم خلع الابن أبيه ومن ثم خلعت الزوجة ابن ضرتها وأقامت ابنها في ولاية العهد وذلك كله وسط حماية وإشراف قاعدة عسكرية أمريكية هي الأهم والأكبر في الشرق الأوسط.
وفي أروقة الأمم المتحدة تفيدنا الوثائق الدبلوماسية عن إلحاح النفطيين سرا على قتل جمال عبد الناصر في أزمة السويس عام 1956 وهم الذين تحالفوا مع الأجانب في احتلال العراق وقتل الرئيس صدام حسين.( 6 )
. كذلك يعمل عدد من ” ملوك طوائف” هذه الأيام مع الأمريكيين والصهاينة من اجل قلب نظام الحكم في إيران وإيقاظ الفتنة السنية الشيعية تمهيدا لضرب التيار المقاوم وإخضاع كامل العالم العربي لأمريكا وتل أبيب…
من أعلى “جبل التنهيدة” يمكن للمرء أن يكتفي بتفسير الشاعر “أبي البقاء الرندي” الذي رثا الأندلس بقصيدته الشهيرة” لكل شيئ إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان” ويمكنه أيضا أن يحذر ملوك طوائف عصرنا من مصير مماثل إن هم اعتقدوا أن أمر العرب يؤول إليهم حصرا عبر نشر الفتنة في العراق ولبنان والإطاحة بالنظام السوري والنظام اليمني وتحطيم المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية وإخضاع مصر والسودان والجزائر. ذلك أن إسقاط هذه الدول سيضع ملوك العرب بمواجهة بعضهم البعض وسيكون الأجنبي جاهزا لمساعدتهم على تدمير أنظمتهم الواحد بعد الأخر تماما كما حصل لغرناطة حليفة القشتالين بعد سقوط طليطلة و اشبيلية وقرطبة.
والراجح أن سقوط ملوك العصر سيفتح شهية القوى الإقليمية المحيطة بنا – التركية و الإيرانية و الحبشية و حتى الصهيونية – على تقاسم العالم العربي وجعل أهله خدما معاصرين في سياق مسخرة جديدة اسمها ” ديمقراطية الشرق الأوسط المتعددة الأعراق والأديان” ، مسخرة أشبه بالوعد الذي أعطي لأبي عبد الله الصغير قبل تسليم غرناطة بان يعيش أهلها المسلمون أحرارا فكان أن اجتثتهم محاكم التفتيش بعد استرقاق نسائهم وبيع أطفالهم وتطهير ارض الأندلس من كل اثر لهم و لإسلامهم..
……………
فصل من كتابي ” ان تكون عربيا اليوم ” الصادر عن دار المسيرة في تونس.
1 ـ على الرغم من انتشار هذه العبارة على نطاق واسع فان المؤرخين الجديين لا يحملونها على محمل الجد لجهة ظروف ومكان قولها ذلك ان الظرف ماكان يسمح بمثل هذا التبادل بين الصغير ووالدته والراجح ان تكون قد قيلت في مكان آخر او ان تكون من مخيلة العرب او البربر الذين قاتلوا الى جانب القشتاليين وربما تكون من تاليف المنتصرين انفسهم.
اما مصير ابي عبدالله الصغير فلا اجماع حوله الا لجهة قضاء القسم الاخير من حياته في الجزائر حيث يقال انه قضى في شجار مع احد اقاربه.
2 ـ بنت دول خليجية منذ اعوام قليلة مسجدا صغيرا في حي البائسين وذلك بعد مضي خمسة قرون عى سقوط غرناطة.
3 ـ جزء 24 صفحة 40 موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والافتاء. http://www.alifta.net/default.aspx
4 ــ لويس يونغ ” العرب واوروبا” دار الطليعة بيروت 1979 .
5 ــ يروي رفاعة الطهطاوي في كتابه “تخليص الابريز في تلخيص باريز ” ان الفرنسيين ما كانوا يعرفون العربي في القرن التاسع عشر او على الاقل لا يميزون بينه وبين التركي وكانوا ينادونه “توركو” اي تركي وهذا يبين الى اي حد كان العرب مغيبين في ظل الخلافة العثمانية.
6 ـ ــــــــ “مصر بعيون الفرنسيس” فيصل جلول . الدار العربية للعلوم . بيروت . 2007 .
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم:
تفتيش سفينة شحن للاشتباه بضلوعها في إتلاف كابل بحري
سبورت ليب | 2 مارس..بدء تسليم 214 عمارة سكنية للفائزين بمشروع «جنة» بمدينة المنصورة الجديدة
سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 28 فبراير 2025 بيعًا وشراءً
✓ اتحاد طنجة يتغلب على ضيفه أولمبيك آسفي
تحديث مباشر لـ العملة الخضراء.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 12-2-2025
إمام عاشور يعلن انضمام لاعب الزمالك إلى الأهلي ويهنئه