أقوى انفجار كوني مسجل حتى الآن.. فلكيون يوضحون سر الغموض العلمي في 2024

في 9 أكتوبر 2022، شهد علماء الفلك رصد أقوى انفجار أشعة غاما تم تسجيله حتى الآن، والذي عُرف لاحقاً باسم “جي بي آر 221009 إيه”، وكان هذا الانفجار شديد القوة إلى درجة أثرت على الغلاف الجوي للأرض رغم بُعده 2.4 مليار سنة ضوئية، ما جعله يمثل حدثاً فلكياً فريداً يستحق لقب ألمع انفجار أشعة غاما على الإطلاق.

تفاصيل وأسرار أقوى انفجار أشعة غاما تم رصده في الكون

توضح مونيكا سيجلار، الباحثة في معهد فيزياء الطاقات العالية بإسبانيا، أن قوة هذا الانفجار كانت قادرة على إطلاق طاقة تعادل ما أنتجته الشمس خلال 10 مليارات سنة خلال ثوان معدودة فقط، وهو ما يجعل من تتبعه أمراً معقداً نظراً لانخفاض شدة أشعة غاما عند عبورها مسافات هائلة في الفضاء، ما يفسر صعوبة تحديد مصادر هذه الانفجارات التي تقع خارج مجرتنا درب التبانة. ويُعرف انفجار أشعة غاما عادةً بنبضة سريعة تتبعها توهجات من الممكن أن تمتد لساعات أو أشهر، ويُقسم إلى نوعين رئيسيين؛ الأول طويل الأمد وينتج عن انهيار النجوم العملاقة لتحولها إلى مستعر أعظم، والثاني قصير الأمد يحدث بسبب اندماج النجوم النيوترونية، وأكثر الانفجارات سطوعاً على الإطلاق يُعتقد أنه نجم هائل الحجم يفوق الشمس بحوالي 30 مرة، منهياً حياته بانفجار مخلّفاً ثقوباً سوداء.

كيفية تتبع ودراسة أقوى انفجار أشعة غاما في التاريخ

تتابع فرق علماء الفلك بفحص هذا الانفجار باستخدام تلسكوبات فضائية مثل “فيرمي” و”سويفت” التابعين لوكالة ناسا، بالإضافة إلى تلسكوبات أرضية مثل تلسكوب “شيرينكوف” في جزيرة لا بالما بإسبانيا، حيث استمر تتبع الوميض ولمدة وصلت إلى 20 يوماً، مسجلاً أطول متابعة لانفجار أشعة غاما عالي الطاقة. وأتاحت هذه المتابعة إمكانية تحديد حدود انبعاثات أشعة غاما القوية والتعرف أكثر على خصائص الانفجار، رغم أن النتائج كانت مخالفة لبعض النماذج السائدة المتعلقة بتكوّن نفاثات الغاز المؤين التي تنبعث من هذه الانفجارات، إذ تبين أن النفاثة ليست على شكل حرف “تي” كما كان يُعتقد، وإنما نفثة مركزية سريعة محاطة بمادة أبطأ حركة، الأمر الذي يغير فهمنا لطبيعة هذه الظواهر الطاقوية.

أفكار ونظريات جديدة حول طبيعة أقوى انفجار أشعة غاما في الكون

قدمت الملاحظات التي سجلها تلسكوب “إل إس تي 1” صورة معقدة وطبيعية مختلفةً لعالية الطاقة، حيث أظهرت زيادة طفيفة في تدفق أشعة غاما، رغم عدم كفايتها لإعلان اكتشاف رسمي، إلا أنها فتحت آفاقاً جديدة في فهم آليات توليد الطاقة الضخمة في انفجارات أشعة غاما، وتدعم فكرة النفاثة متعددة الطبقات التي تضم نواة ضيقة فائقة السرعة محاطة بغلاف أبطأ من المادة، كما ساعدت على استبعاد بعض النماذج النظرية التي توقعت حدسات أشعة غاما أعلى كثيراً مما تم رصده، ما يُضيق نطاق الدراسات المستقبلية. ويُشكل هذا الاكتشاف تحدياً لنظريات “القبعة العلوية” التي كانت تفسر النفاثات الكونية كتوزيع منتظم للإشعاع، ويعطي أدلة مهمة على طبيعة المحرك المركزي الذي يولد هذه الانفجارات الهائلة، ويكشف كذلك عن آليات معقدة لتكوين النفاثات في المستعرات العظمى واندماجات النجوم النيوترونية.

  • زيادة تدفق أشعة غاما تدل على تعقيد النفاثات الكونية
  • تأكيد وجود نفاثات متعددة الطبقات بسرعات مختلفة
  • استبعاد نماذج تنبأت بأشعة غاما قوية جداً لم تُرصد
  • تحدي النظريات السابقة حول توزيع الإشعاع في النفاثات
  • تقديم رؤى جديدة عن المحرك المركزي للانفجارات الهائلة

يسهم التقدم في تكنولوجيا تلسكوبات أشعة غاما، مثل التلسكوبات الجديدة التي تُبنى حاليًا والتي ستعمل في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي، في تطوير قدرة الإنسان على مراقبة هذه الانفجارات بدقة وفعالية أكبر، مع تقليل الوقت اللازم لتنبيه المجتمعات الفلكية لاستغلال لحظات الرصد الحرجة. رغم ضخامة هذا الانفجار وفرادته، فإن كل رصد جديد لانفجارات أشعة غاما يزيد من فهمنا لآليات توليد الطاقة القصوى في الكون، ما يجعل هذه الظواهر من أهم الكيانات التي يدرسها علماء الفلك حديثاً لتعميق المعرفة حول المراحل الأخيرة لحياة النجوم وأصل الثقوب السوداء ذات الكتلة النجمية.