أكد الباحث الفلسفي الأردني محمد برهومة، أن الحضارة العربية الإسلامية، استوعبت ثنائية الفقيه الموسيقي، والفقيه الأديب، والحرّ المبدع، فيما لم تتمكن أيّة حركة إسلامية معاصرة من تقديم نموذج ناضج يوحي بتصالح الحياة المسلمة مع الفنون والآداب.
وقال: وإذا صحّ هذا، فإنه ربما يجيز لنا الحديث عن علاقة طردية بين انتشار أفكار التنوير والحداثة مع انتشار الآداب والفنون بين صفوف الناس، وأخذها قسطاً مميزاً في المناهج المدرسية والجامعية، وفي أصناف الترفيه والتسلية وقضاء أوقات الإجازات الأسبوعية والسنوية، لافتاً إلى تبوؤ المفكرين والفلاسفة والفنانين والموسيقيين وأهل الأدب والصحافة في المجتمعات المتقدمة، المكانة المميزة التي يحتلها المخترعون والعلماء وأهل السياسة والمال، في حين أن المكانة ذاتها (مكانة الفنانين والمفكرين وأهل الأدب) تتراجع في المجتمعات المتأخرة فكرياً وعلمياً.
موضحاً، أنه يمكن إقامة رابط أساسي بين انتشار الآداب والفنون في مجتمع من المجتمعات، من عدمه، في ظل رسوخ التحرر الاجتماعي، واحترام المرأة، وانخراطها الفاعل داخل المجتمع، أو انتشار المحافظة والتشدد والانغلاق في ذاك المجتمع.
وأكد، أن المرجح أن الآداب والفنون بأنواعها العديدة، متى ما ابتعدت عن غايات التعبئة الأيديولوجية والتحشيد القطيعي، تسهم في «أنسنة» الأفكار والمشاعر والميول، وتهذيب الذوق، وإشاعة التحضر والتمدين والقيم الحضارية، وقبول الآخر وتسوية الخلافات معه فكرياً، لا مادياً، وأضاف، لنا أن نقارن كيف أسهم التقدم الثقافي والاجتماعي، والحداثة المؤسسية، والتحضّر العام في دول شرق أوروبا ووسطها قبل تفكك الاتحاد السوفيتي في قيام ديمقراطيات مستقرة في تلك الدول بعد انهياره، فيما نرى في الشرق الأوسط والعالم العربي، ضعف البنى المجتمعية المؤسسية، ورسوخ المحافظة والتشدد. ما أسهم في العجز عن تقديم نموذج أوليّ، أو ملامح نموذج جاذب للإصلاح والحرية واحترام الإنسان والتعددية الفكرية والسياسية.
و ذهب إلى منطقية التلازم والترابط العضوي بين التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والحرية الفردية والابتعاد عن النظرة إلى المرأة من منظور جنسي أو في سياق عقلية وثقافة أبوية ذكورية، وعبر التاريخ، يكاد الخلاصيون، دينيون وغير دينيين، يجتمعون على ضرورة القبض على الجسد، والبدء بهندسة اجتماعية، تضيّق الخناق على المختلف والمتنوع والمستقل والحرّ، فالحرية والمرأة والجسد والأخلاق والشك والنقد وإثارة الدهشة عناصر أساسية في معمار الفنون والآداب الإنسانية، ومن دون تقديم الفكر الديني مقاربات لها متسقة مع العصر والتقدم الحاصل في العالم: علوماً ومناهج وأدوات تحليلية، يصعب أن نجد انجذاباً من قبل هذا الفكر الديني للفنون والآداب، أو تقديراً لرسالتها ودورها المركزي في صقل وعي الإنسان وبناء الحضارات وتهميش التطرف والعنف.
ويرى برهومة، أن الإسلام لا يفصل الفن والتسلية والترفيه عن الأخلاق بالمطلق، لكن ما من توجيه إسلامي يبرر وجوب التضييق على الفن باسم الأخلاق وخنقه وتحريمه. والترفيه يشمل المطالعة والموسيقى والرياضة، والرسم والدراما والخيال والسياحة الروحية والتأمل، وهذا كله ليس شيئاً تافهاً، والترفيه والفن يقومان على الثقة بالنفس البشرية، والبعد عن عقدة تأثيمها الدائم، كما تفعل أدبيات الحركات الإسلامية بعامة.
أخبار ذات صلة
تصرف غريب من رافينها بعد إصابة مبابي في مباراة برشلونة وريال مدريد
بدء تدريبات السلامة المهنية للعاملين بالكهرباء
رئيس الأركان الروسي يزور وحدات مقاتلة في شرق أوكرانيا
السفير الياباني يزور الجامعة المصرية اليابانية لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي
حماس تبث مقطع فيديو لرهينة إسرائيلي على قيد الحياة موجها رسالة الى عائلته
"mosa.ly".. رابط التسجيل في منحة الزوجة والأبناء ليبيا 2024 والشروط المطلوبة
قرار لبناني بترحيل القرضاوي إلى الإمارات.. ما القصة؟
مسئول حكومى: مليار دولار وفرا فى استهلاك الوقود لتوليد الكهرباء العام الماضى
القوى المسيحية اللبنانية تتمسك بقانون الانتخاب
موعد أذان الفجر يوم 13 رمضان.. أخروا السحور
لا شبهة جنائية في العثور على جثة خمسيني بالشيخ زايد
حسام حسن يشيد بقرار الوقوف دقيقة حداد في مباريات الدوري: واجب وطني