ما تشهده البشرية حالياً من كوارث ليس هو الأسوأ، فالمستقبل القريب والبعيد لن يكون صديقاً للإنسان. فالبشرية تتآكل وتتضاءل أهمية الإنسان أمام سطوة وسيطرة الأنظمة الآلية والذكاء الاصطناعي والبيانات، وما تفرزه من منافسات يتجسّد في حمّى التحسين المستمر للكفاءات والتقليل الدائم في التكاليف، وهذا ليس داخل الشركات أو بينها، بل تجلّى في تدهور العلاقات بين الدول وفي المجتمعات بشكل غير مسبوق. وما تزخر به شبكات التواصل من سموم عابرة للمجتمعات والدول هو مقبلات لما هو قادم مع تدحرج كرة الثلج لحروب الرأسمالية المتوحشة والضحية المحورية للرأسمالية دائماً هو الإنسان، الذي كان ولا يزال وسيلة وأداة رأسمالية وليس هدفاً وغاية لها.
ليس صدفة أو مفاجأة ما تمر به العلاقات الأمريكية-الأوروبية، والعلاقات الأمريكية-الدولية ككل من تدهور، فكل القوانين الدولية التي تم وضعها من قبل الدول الاستعمارية الغربية لصالحها والتي تم فرضها على بقية دول العالم أصبحت فجأة حبراً على ورق أمام الرأسمالية المتوحشة المحتدمة والتي سرّع بتفشيها سطوة التقنية وتغول الذكاء الاصطناعي وحمّى النظام الآلي العالمي، وهذا هو العنصر الجديد الذي سيجعل العالم على شفير حرب عالمية ثالثة ليست بسبب الحرب في أوكرانيا أو تايوان أو فلسطين، بل بسبب المنافسة الاقتصادية الأمريكية- الأوروبية، والأمريكية-الصينية، والأمريكية-البريكس.
الحقيقة ليس في تاريخ أمريكا ما يدعو للاعتقاد بأهمية السلام في العالم، لكنها المعادن والثروات المعدنية النادرة في أوروبا وأفريقيا التي أصبحت هي الركيزة الاقتصادية في المدى المنظور ما يجعل إطفاء الحرائق المشتعلة هدفاً مؤقتاً في مختلف مناطق العالم.
إن ما يجعل الشركات العملاقة في الدول الرأسمالية تسرح عشرات الآلاف من موظفيها، هو ما يجعل حكومات ذات الدول تقوم بطرد اللاجئين من دول اللجوء وترحيل المهاجرين منها. رغم القيمة الاقتصادية للمهاجرين واللاجئين النوعيين، والذي يعد من ضمن «الأصول الرأسمالية» إلى ما قبل ثورة الذكاء الاصطناعي وأتمتة الشركات بوقت قصير.
في الغالب، الإنسان مجرد أداة في الرأسمالية لتحقيق الأرباح والنمو الاقتصادي سواء في الإنتاج أو الخدمات، وما يتعرّض له الإنسان في الدول الرأسمالية يؤكد أن الإنسان ليس هدفاً أو غاية بل هو مجرد أداة. فالإبادات الجماعية التي يتعرّض لها الإنسان في فلسطين بمشاركة فاعلة ومباشرة من الدول الاستعمارية الغربية، ينسجم تماماً مع مبادئ الرأسمالية والفكر الرأسمالي أو هو لا يتعارض معها. ليس هناك في هذا الشأن بين اليمين واليسار، يتساوى تقريبا في هذا الشأن الجمهوري والديموقراطي، وليس هناك اختلاف جوهري، فالأول يتصالح مع إبادة السكان الأصليين في فلسطين أو في أمريكا أو أستراليا باعتبارها وسيلة أما الثاني فيرى الإبادة الجماعية للسكان الأصليين في فلسطين أو في أمريكا أو أستراليا باعتبارها غاية.
فالإبادة الجماعية للسكان الأصليين في فلسطين، هو نفس الدافع وراء الإبادة الجماعية التي تقوم بها الشركات العملاقة من تسريحها لمئات الآلاف من موظفيها، ومثلما هي الدوافع في الإبادة من خلال طرد تلك الدول لملايين المهاجرين واللاجئين، بعد أن أصبحوا عديمي الجدوى الاقتصادية، مع ثورة الذكاء الاصطناعي والأتمتة حيث البديل الاقتصادي الأجدى لليد العاملة من اللاجئين والمهاجرين، وبعد أن أصبحت المعادن النادرة بديلاً اقتصادياً أكثر جدوى من الحروب العسكرية المباشرة وفقاً للنسخة المحدثة للرأسمالية المتوحشة.
أخبار ذات صلة
يديعوت أحرونوت: الاجتماع الأمني الذي دعا إليه نتنياهو لن يتناول قضية التباد
القرار المصرى مستقل ولا يقبل أية إملاءات خارجية
تعرف على موعد أذان المغرب اليوم السبت 1 رمضان 2025.. ودعاء الإفطار
«نمو للاستدامة المالية».. 6 مليارات ريال لتعزيز استثمارات «الأوقاف» - أخبار السعودية
الهولندي "هوغربيتس" يُحذِّر من زلازل مدمرة ونشاط بركاني بمنطقة البحر المتوسط
سويسرا تفرض تجميداً إضافياً على أصول الأسد ودائرته المقربة
فيديو | الأهلي يهزم سموحة بثنائية ويعتلي صدارة الدوري المصري
تباين مؤشرات البورصات الخليجية خلال تعاملات الأسبوع
300 أتوبيس سنويا.. خبر سار من وزير قطاع الأعمال عن النصر للسيارات
دعاء الصباح اليوم الجمعة 14-2-2025
الاتحاد الليبي يوضح لـ"بطولات" حقيقة طلب إرسال طاقم تحكيمي لإدارة مباراة الأهلي والزمالك