بعد 7 عجاف.. أمطار المغرب تحيي الآمال بإنقاذ الزراعة

بعد 7 عجاف.. أمطار المغرب تحيي الآمال بإنقاذ الزراعة

الرباط / الأناضول
بعد 7 سنوات متتالية من الجفاف، أحيت الأمطار الغزيرة التي هطلت على المغرب منذ أزيد من أسبوع، الآمال بتحسن إيجابي في قطاع الزراعة وموارد المياه في البلاد.
التحسن في هذين القطاعين يلقي بظلاله الإيجابية على الاقتصاد حيث تمثل الزراعة المحرك الأساسي له وعصب الناتج المحلي باعتبارها المصدر الرئيسي لدخل نحو 40 بالمئة من عمالة البلاد، وفق إحصائيات وزارة الفلاحة.
وعلى مدى تلك الأعوام السبعة، شكلت أزمة الجفاف التي تترافق مع تسجيل درجات حرارة مرتفعة، أحد أبرز التحديات التي تواجه قطاع الزراعة في المغرب.
وأفاد مسؤول حكومي بأن تحسن موسم الزراعة الحالي من شأنه أيضا أن ينعكس إيجابيا على أسعار الخضراوات في الأسواق المحلية.
يأتي ذلك في وقت طالب فيه خبير بيئي بضرورة الاعتماد على تقنيات جديدة من أجل تجميع المياه مثل “حصاد الأمطار”.
وفي 21 فبراير/ شباط الماضي، قالت المندوبية السامية للتخطيط (هيئة رسمية معنية بالإحصاء)، إن التضخم في المغرب ارتفع 2 بالمئة خلال يناير/ كانون الثاني السابق.
وأضافت في بيان أن “الرقم المسجل للتضخم جاء بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية 3.3 بالمئة، وأسعار المواد غير الغذائية 1.1 بالمئة”، وفي مقدمتها الطاقة وسط تواصل الجفاف.
** أمطار غزيرة
منذ أيام، يشهد المغرب أمطارا غزيرة مع توقعات بمنخفضات جوية جديدة مصحوبة بأمطار من المقرر أن تضرب البلاد خلال مارس/ آذار الجاري.
وتتوقع المديرية العامة للأرصاد الجوية (حكومية)، في نشرة، تسجيل أمطار قوية خاصة بكل من “الحسيمة والمضيق والفنيدق وتطوان وطنجة وأصيلة ووزان والعرائش وفحص-أنجرة وشفشاون (شمال)، وتازة وتاونات (شرق)” طوال مارس.
هذه الهطولات أحيت الآمال لدى المغاربة خاصة المزارعين بعد تقديرات حكومية أفادت في فبراير الماضي بضعف معدل الأمطار المتساقطة.
وفي 7 فبراير الماضي، قال وزير الفلاحة أحمد البواري، خلال اجتماع المجلس الحكومي آنذاك، إن الموسم الزراعي الحالي شهد تساقطات مطرية ضعيفة مقارنة بالمعدل المسجل خلال العقود الثلاثة الماضية.
ويبلغ معدل الأمطار بالمغرب 349 ميليمترا في السنوات العادية، إلا أنه سجل في 2024 نحو 104 ميليمترات فقط، وفق وزارة الفلاحة.
وبحسب إحصاءات الوزارة، فقد بلغ معدل الأمطار بالمغرب 134 ميليمترا خلال 2023، و260 في 2022، و249 خلال 2021.
وتشكل الزراعة العمود الفقري للاقتصاد المغربي بسبب مساهمتها الكبيرة في النمو، وارتباط مختلف القطاعات بها، خاصة الصناعات الغذائية التي يتم تصدير جزء كبير منها.
** تحسن الموسم الزراعي
قال المدير الجهوي للفلاحة بالدار البيضاء (حكومي) احساين رحاوي، إنه ورغم تأخر هذه التساقطات المطرية فإن تأثيرها الإيجابي يبدو واضحا على مخزون السدود والمياه الجوفية ومختلف القطاعات الفلاحية والرعوية.
وتابع رحاوي، في تصريح لوكالة أنباء المغرب الرسمية، أن هذه التساقطات “تدعم التوقعات بتحسن الموسم الفلاحي الحالي والذي يبقى رهينا بمزيد من الغيث لتعزيز الإنتاج الفلاحي خلال الأشهر المقبلة”.
وأوضح أنه بفضل “الظروف الملائمة، سيعمل عدد كبير من الفلاحين من أجل تهيئة الأراضي استعدادا للزراعات الربيعية، مثل زراعة الذرة والحمص، مع توقع توسع المساحات المزروعة لتعويض الحبوب التي تأثرت بالجفاف في بعض المناطق”.
وهذه التساقطات ستساعد كذلك على تحسين نمو زراعات الخضراوات الربيعية، وتقليل تكاليف السقي بالتنقيط مؤقتا، ما سيساهم بدوره في تخفيف الضغط على استعمال مياه الآبار لهذه المزروعات، وفق المسؤول نفسه.
ولفت المدير الجهوي للفلاحة بالدار البيضاء إلى أن تحسين إنتاج الخضراوات والمزروعات الربيعية قد ينعكس إيجابيا على أسعارها في الأسواق المحلية.
وأشار إلى أن “هذه التساقطات المطرية المهمة تسهم بانتعاش المراعي، بفضل استعادة الغطاء النباتي لحيويته، وبالتالي يوفر الكلأ ويخفف العبء على الفلاحين من خلال تقليص حجم تكلفة الأعلاف”.
بدوره، قال الخبير في البيئة والمناخ مصطفى بنرامل، في حديث للأناضول، إن “هذه الأمطار تأتي في سياق التقلبات المناخية التي تعرفها البلاد والعديد من الدول الأخرى”.
واعتبر أن هذه التقلبات تتخذ عدة أشكال، مثل الأمطار العاصفة، والجفاف الذي ضرب البلاد 7 سنوات على التوالي مع بعض الأمطار خلال فترات قصيرة المدة.
وذكر أن “الأمطار جاءت في أواخر فصل الشتاء، في حين أن النصف الأول من هذا الفصل كان حارا تخللته أمطار ضعيفة بين الفينة والأخرى”.
وأوضح بنرامل أن “لهذه الأمطار تأثيرا إيجابيا على الموارد المائية” في المملكة.
وتابع: “نسبة ملء السدود انتقلت إلى 30 بالمئة بعدما سجلت أدنى مستوى لها سابقا وهو 23 بالمئة”.
وتوقع الخبير المغربي ارتفاع الموارد المائية مع استمرار التساقطات المطرية، وهو ما يجعل تأثيرها إيجابيا على العديد من الأودية والأنهار والعيون وعلى التنوع البيولوجي مثل اخضرار الهضاب والجبال.
** مطالب باستغلال مياه الأمطار
ودعا الخبير في البيئة والمناخ بنرامل إلى اعتماد تقنيات جديدة من أجل تجميع المياه، مثل حصاد الأمطار.
وقال إن “هناك تقنية حصاد الأمطار، عبر تشييد قنوات خاصة لتجميع مياه الأمطار، وتوجيها إلى سدود عبر قنوات في مناطق معينة”.
وأشار إلى أنه ممكن استعمال هذه المياه، التي سيتم تجميعها، في توليد الطاقة الكهربائية أو تخزينها أو استغلالها في بعض المزروعات.
وبخصوص المدن، لفت إلى إمكانية تجميع هذه المياه في قنوات معينة، وهي تشبه التقنية المستعملة في الرباط (غرب) وتطوان (شمال) من خلال معالجة المياه العادمة، واستعمالها في سقي المساحات الخضراء.
فيما يطالب مراقبون في المغرب بالعمل على تشييد سدود جديدة من أجل تجميع مياه الأمطار.
واعتمد المغرب منذ عقود على السدود ضمن استراتيجيته المائية لضمان تزويد السكان والزراعة بالمياه.
ويوجد في المملكة 149 سدا كبيرا، تساعد على تخزين الماء وسقي مساحات واسعة من الحقول، فضلا عن توفير مياه الشرب والكهرباء.

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم:

close