طه درويش: نَلْهَثُ كَالحَمْقى خَلْفَ “كُرَةٍ” تافِهَة.. وَنَصرخ كَالمَجانين عِنْدَ كُلّ هَدَفْ

طه درويش: نَلْهَثُ كَالحَمْقى خَلْفَ “كُرَةٍ” تافِهَة.. وَنَصرخ كَالمَجانين عِنْدَ كُلّ هَدَفْ

طه درويش

مِنّا هُنا .. إِلَيْهِمْ هُناكْ :

لا تُسامِحونا يا سادَةَ هذا العالَم..
لا تُسامِحونا أيّها “الغَزّيّون” النُّبلاء..
لا تَغفري لَنا يا سيّدة المُدُن..
أبَداً لا تَغفري لَنا يا “غَزّة”..

***

ما عُدنا نتسَمَّر أمام “الجّزيرة”..
وما عُدنا نَقْذِف “الريموت” في وَجْهِ “العَرَبِيّة”..
ما عُدنا نحصي أعداد “شُهدائِكُم”..
وَما عُدنا نَرقُب على الفَضائِيّات “جوعكم”..
ما عُدنا “نَتَمَزَّق” لِبُكاءِ أطفالِكُم..
وَما عُدنا نَتَأَلّم لِأنينِ جَرحاكُم..
ما عُدنا نَخْجَل مِنْ عَجْزِنا..
وَما عُدنا “نَستحي” مِنْ هوانِنا على أَنْفُسِنا..

***

هَلْ نَتَجَرّأ وَنُصارِحكُم القَوْلْ؟
أَخَذْنا نَزدادُ “وَقاحَةً”..
وَماء الحياء يَجِفُّ في عُروقِنا..
بَدَأنا نَصرِف أنظارنا عَنْ نَشَراتِ الأَخبار..
وَنَقْبِض على “الرّيموت” باستحياء..
وُنَذهَب دونما خَجَل إلى beIN SPORTS ..
كي نَستمتِع بِ “كلاسيكو الأرض”..
وَنُصَفّق بِبلاهَةٍ عَجيبة لِأَهداف “البرشا والريال”..
كَيْ نَنْسى لَوْنَ دَمِكُم..
وَنَنْسى بُكاء أطفالكم..
وَنَنْسى عويل أمّهاتِكم..
وَنَنْسى استِغاثات “جنازاتِكُم”..

***

لا تَقْلَقوا عَلَيْنا..
وَلا تَسألوا عَنّا..
وَلا “تَنْدَهوا” عَلَيْنا..
فَنَحنُ “عال العال”.. وَفي أحسنِ حالْ..
“إفطارُنا” اليَوْمَ كانَ شَهِيّاً..
كما كان بِالأمس..
وكما سيكون في الغَد..
وموائِدنا عامِرَة بِما لَذَّ وَطابَ مِنْ دَمْعٍ..
وَغَيْظٍ..
وَقَهْرٍ..
وَصَمْتٍ..
وَعار!!

***

تَذَكَّرناكُم “كثيراً” قَبْلَ صَوت “المدفع” – مدفع رمضانِنا – ..
لا ذاك القاذِف حِصاره..
وَقَنابِله..
وَجَحيمه..
وحقده..
نحو صدوركم العارِية..
وَ”دَمْعنا” غَزيراً وساخِناً ذَرَفناهُ “كثيراً”..
بَعدَها.. كَفَفْنا دَمعَنا..
وَإِلى مائدتنا عُدنا..
وَواصَلنا “التهام” ما تَبَقَّى مِنْ كرامَةٍ فينا..
وَعُدنا مِنْ جَديد إلى beIN SPORTS..
لاستقبالِ جَوْلَةٍ جَديدة مِنْ “دوري الأَبطال”..
لِنَلْهَثَ كَالحَمْقى خَلْفَ “كُرَةٍ” تافِهَة..
وَنَصرخ كَالمَجانين عِنْدَ كُلّ هَدَفْ!!

***

اطمئنّوا..
وَعَلَيْنا لا تَقْلَقوا..
فَعارنا مِن وُجودِنا يَكْبُر..
وَخِزْينا مِنْ أَنْفُسِنا يَتَعَمْلَقْ !!

كاتِب وَأكاديمي أردني

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم:

close