رسميًا: انقسام حاد حول اختيار رئيس الفيدرالي المقبل بين ولاء ترامب والاستقلالية

يثير تعيين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكبير مستشاريه الاقتصاديين، كيفن هاسيت، كرئيس محتمل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، جدلاً واسعًا حول مدى استقلالية الفيدرالي القادم مقابل ولاء ترامب، حيث أظهر استطلاع حديث لشبكة CNBC انقسامًا واضحًا في الآراء بشأن هذا القرار.

ولاء ترامب مقابل استقلالية الفيدرالي القادم في السياسة النقدية

يبرز كيفن هاسيت كمرشح قوي لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي بفضل علاقته الوثيقة بالرئيس ترامب وأدائه المميز خلال جائحة كورونا، فترامب يعطي أهمية كبيرة للولاء ويكافئ الحلفاء المقربين منه وفقًا لريتشارد ستاينبرج، كبير استراتيجي الأسواق في Focus Partners Wealth، وهو ما يجعل هاسيت الخيار المنطقي من وجهة نظر ترامب. غير أن المخاوف من فقدان استقلالية الفيدرالي تزداد قوة في أوساط الاقتصاديين، فبحسب آلن سيني من Decision Economics تعيين هاسيت قد يعرض السياسة النقدية لمخاطر بعيدة المدى، لا سيما إذا تم توجيه قرارات الفائدة لخدمة أهداف سياسية ضيقة، ما يهدد الثقة في استقلالية المؤسسة النقدية إن تم النظر إليه كخضوع للإدارة التنفيذية.

انقسام في التوقعات حول استقلالية الفيدرالي في إدارة السياسة النقدية

تشير نتائج الاستطلاع إلى أن 41% من المشاركين يعتقدون أن الرئيس الجديد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي سيحافظ على استقلاليته كاملة عن البيت الأبيض، بينما يرى 37% منهم أنه سيعمل بتنسيق وثيق مع الإدارة، فيما لم يتمكن 22% من تحديد موقف واضح. يعود هذا الانقسام إلى سجل ترامب الطويل في ممارسة ضغوط قوية على الفيدرالي من أجل خفض أسعار الفائدة، حيث وجه انتقادات حادة لرئيس المجلس الحالي جيروم باول، الذي بدوره قاوم مثل هذه الضغوط خوفًا من تفاقم التضخم المرتفع بسبب الرسوم الجمركية والسياسات التجارية المتقلبة.

توقعات خفض الفائدة وتقلبات السياسة النقدية في ظل التوترات الاقتصادية

فيما يتعلق بمستقبل أسعار الفائدة، يتوقع المشاركون في الاستطلاع خفض سعر الفائدة مرتين خلال العام، إحداهما في سبتمبر والأخرى في ديسمبر، رغم استمرار التضخم عند مستويات تفوق الهدف الرسمي المحدد عند 2%، حيث تشير التقديرات إلى بقاء معدل التضخم السنوي لمؤشر أسعار المستهلك عند نحو 3% هذا العام، وانخفاضه إلى 2.9% بحلول 2026، وهو ما يعني استمرار التضخم لفترة طويلة فوق النسبة المستهدفة. يرى ثلثا المشاركين أن التأثير الكامل للرسوم الجمركية على التضخم لم يتضح بعد، ما يشكل ضغطًا إضافيًا على السياسة النقدية. ويصف ريتشارد بيرنشتاين، الرئيس التنفيذي لشركة Richard Bernstein Advisors، الوضع بأنه “بين المطرقة والسندان”، حيث تواجه القيادة الفيدرالية ضغوطًا سياسية لتخفيف الفائدة، إلى جانب المؤشرات الاقتصادية القوية التي قد تدفع إلى تشديد السياسة. ومن المتوقع أن يتسم خطاب باول في مؤتمر جاكسون هول بالحذر والتوازن، إذ إن 70% من المشاركين يتوقعون منه تبني لهجة محايدة، مقابل 14% يرجحون أن يظهر مزيدًا من التيسير، فيما يعتقد 14% أنه سيتجنب التعليق على السياسة النقدية والتوقعات الاقتصادية.

جدل مستمر حول إصلاحات الفيدرالي وسياسات التضخم المستقبلية

تتناول المناقشات حول الفيدرالي مراجعة استراتيجية السياسة طويلة الأجل، خاصةً فيما يخص سياسة “استهداف متوسط التضخم” التي تسمح برفع التضخم بشكل مؤقت تعويضًا عن فترات هبوطه، وهو أمر يثير خلافًا بين المشاركين؛ إذ يؤيد 44% استمرار هذه السياسة، في حين يرى نسبة مشابهة ضرورة إلغائها، معتبرين أنها ساعدت في تراخي الفيدرالي أثناء الجائحة. أما فيما يتعلق بالرسم البياني النقطي الذي يعرض توقعات مسؤولي الفيدرالي لأسعار الفائدة، فقد عبر 41% عن رغبتهم في إلغائه، بينما يفضل 37% الإبقاء عليه، وقد اقترح 19% ربط التوقعات بأسماء المسؤولين لتعزيز الشفافية. ينقسم المشاركون كذلك حول هدف التضخم البالغ 2%، إذ يدعو 52% للإبقاء على هذا الهدف دون تغيير، فيما يشير 44% إلى وجوب استبداله بنطاق مرن يتراوح بين 1.4% و2.7% لضمان تناسق أكبر مع الظروف الاقتصادية المتغيرة.

إن مستقبل السياسة النقدية في الولايات المتحدة يتشابك بين الولاء السياسي واستقلالية الاحتياطي الفيدرالي، ويبدو أن الاختيار القادم لرئيس المجلس سيحدد بشكل كبير نهج إدارة الفوائد وكيفية مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة، وسط تحفّظ واسع بين الخبراء والمشاركين في الاستطلاعات حول قدرة الفيدرالي على المحافظة على استقلاليته في ظل الضغوط السياسية المتزايدة.