الصدارة الرقمية.. كيف تتصدر الصين مشهد تطوير البنية التحتية الرقمية عالميًا؟

تعد البنية التحتية الرقمية في الصين من أكثر المجالات تطورًا عالميًا، حيث تركز البلاد على تسريع بناء هذه البنية وتعميق الإصلاحات المرتبطة بالتخصيص السوقي لعناصر البيانات الرقمية؛ وهو ما يعزز قوى الإنتاج الحديثة ويدعم توجهات بناء “الصين الرقمية”

تعزيز تداول البيانات وأثره على الاقتصاد الرقمي في الصين

يشكل تداول البيانات ركيزة أساسية في تعزيز الاقتصاد الرقمي الصيني، حيث تسعى الصين إلى إنشاء سوق بيانات وطني متكامل يسمح بمحاكاة قيمة الموارد الضخمة للبيانات، ويحفز استخدامها بشكل فعال في مختلف القطاعات الاقتصادية، هذا إلى جانب تيسير المعاملات وتطوير صناعة البيانات بشكل متسارع. وأكد ليو ليه هونج، رئيس الهيئة الوطنية للبيانات، على ريادة الصين العالمية في تطوير البنية التحتية الرقمية وإنجازاتها البارزة خلال الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021-2025)، حيث تم إنشاء نحو 4.55 مليون محطة قاعدية لتقنية الجيل الخامس بنهاية يونيو 2024، وبلغ عدد مستخدمي النطاق العريض السريع الذي يصل إلى سرعة الجيجابت 226 مليون مستخدم، فيما حلّت قوة الحوسبة الإجمالية للصين في المرتبة الثانية عالميًا، ما يدل على مدى تطور البنية الرقمية التي تمكّن من تداول البيانات بكفاءة عالية وتدفع النمو الاقتصادي.

دور الذكاء الاصطناعي وصناعة البيانات في تعزيز البنية التحتية الرقمية للصين

باتت الصين صاحبة الحصة الأكبر عالميًا من براءات اختراع الذكاء الاصطناعي، حيث تمتلك ما يقرب من 60% من مجموع البراءات على مستوى العالم، إلى جانب تحقيقها تقدمات بارزة في التقنيات الرئيسية مثل الرقائق وأنظمة التشغيل المحلية وكذلك الروبوتات البشرية، ويُعزى ذلك إلى نمو صناعة البيانات السريع والتي تمثل حلقة وصل مهمة ضمن الاقتصاد الرقمي. ووفقًا للتقارير، فإن عدد شركات البيانات في الصين تجاوز 400 ألف في عام 2024، مع حجم سوق يبلغ 5.86 تريليون يوان (ما يعادل 817 مليار دولار أمريكي)، ما يشير إلى زيادة تفوق 117% مقارنة بنهاية الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016-2020). وتشير التوقعات إلى استمرار نمو هذه الصناعة بوتيرة عالية، خاصة مع الاستراتيجيات الحكومية التي تدعم مشاريع تجريبية لمجموعات صناعة البيانات وتطوير كيانات تجارية متنوعة تدفع بعجلة إنتاج قوى حديثة النوع وتعزز محركات النمو الجديدة، حيث بلغ حجم إنتاج البيانات في الصين 41.06 زيتابايت في العام الماضي فقط، وشكلت القيمة المضافة للصناعات الأساسية المرتبطة بالاقتصاد الرقمي حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي.

الترقيات الصناعية من خلال دمج البيانات في الاقتصاد الرقمي الصيني

يشدد أو يانج ري هوي، مساعد رئيس المركز الصيني لأبحاث اقتصاد الإنترنت في الجامعة المركزية للمالية والاقتصاد، على أن البيانات أصبحت عامل إنتاج جديد يدخل بشكل سريع في مجالات الإنتاج والتداول والاستهلاك، مما يعزز دورها المحوري في دفع الترقيات الصناعية على مستوى الاقتصاد. ويعكس التطور السريع في البنية التحتية الرقمية وصناعة البيانات اتجاهًا متناميًا نحو دمج أعمق لعناصر البيانات مع الاقتصاد الحقيقي، وبذلك تتحقق استفادة فعالة ومتزايدة من موارد البيانات المتاحة، في وقت يُضخ فيه زخم كبير لدعم التنمية عالية الجودة ضمن قطاع الاقتصاد الرقمي، سواء من حيث الابتكار أو الإنتاجية أو التنافسية، مما يجعل الصين نموذجًا رائدًا في تحقيق التحول الرقمي وصناعة البيانات ضمن بيئة اقتصادية متطورة ومستدامة.