1.8 تريليون جنيه.. البنك المركزي يواجه أزمة سيولة قبل قرار الفائدة المهم

سحب 1.8 تريليون جنيه من السوق قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية يبرز دور البنك المركزي في ضبط السيولة وتوجيه أسعار الفائدة ضمن تحركاتته للحد من التضخم المستمر في الاقتصاد المصري

موعد اجتماع لجنة السياسة النقدية وأهدافه في 2025

تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري اجتماعها الخامس في 28 أغسطس الجاري، حيث يُنتظر أن تناقش توجهات أسعار الفائدة التي تستقر حاليًا عند 24% للإيداع و25% للإقراض؛ إلى جانب تثبيت سعر العملية الرئيسية والائتمان والخصم عند 24.5%، وتأتي هذه الجلسة في إطار جهود البنك للتحكم في ضخ السيولة وسعر النقود بما يحقق الاستقرار الاقتصادي ويساعد في مواجهة الضغوط التضخمية المتزايدة

آلية سحب الفائض من السوق والسيطرة على السيولة

في الفترة التي تسبق اجتماع لجنة السياسة النقدية، نفذ البنك المركزي سلسلة من عمليات السحب بلغت نحو 1.8 تريليون جنيه خلال عدة عطاءات سوق مفتوحة، حيث تم استقبال حوالي 7 عطاءات بدءًا من 15 يوليو وحتى منتصف أغسطس، توزعت على النحو التالي:

  • سحب 310.4 مليار جنيه في 15 يوليو
  • استقطاب 502.4 مليار جنيه في 22 يوليو
  • سحب 154.7 مليار جنيه في 29 يوليو
  • حصل على 224 مليار جنيه في 5 أغسطس
  • سحب 193.6 مليار جنيه في 12 أغسطس
  • استقطب 263 مليار جنيه الثلاثاء الماضي
  • سحب 226.7 مليار جنيه اليوم

تعكس هذه السحوبات احترافية البنك المركزي في إدارة السيولة المتاحة لدى البنوك الحكومية والخاصة، مما يسهم في منع التضخم من التصاعد ويخلق التوازن بين المعروض النقدي وسعر الفائدة

دور البنك المركزي في التوجه نحو خفض التضخم وتحسين أسعار الفائدة

يرى الخبير المصرفي محمد بدرة أن تلك السحوبات كانت السبب الرئيس في تراجع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في يوليو 2025، إذ انخفض معدل التضخم في المدن المصرية من 14.9% في يونيو إلى نحو 13.9%، وهو ثاني انخفاض بعد سلسلة ارتفاعات مستمرة خلال ثلاثة أشهر؛ وأضاف أن عمليات السوق المفتوحة تمثل السياسة المثلى التي يتبعها البنك المركزي لترشيد السياسة النقدية، مبينًا أن تعديل آلية العملية الرئيسية لربط الوديعة الأسبوعية عزز من قدرة البنك على امتصاص السيولة بطريقة أكثر فاعلية مقارنة بفترة ما قبل التعديل؛ هذا التوجه يدعم بشكل كبير توقعات لجنة السياسة النقدية لخفض أسعار الفائدة في اجتماعها المقبل، ما ينعكس إيجابيًا على تحفيز القطاعات الاقتصادية المختلفة

تحديثات البنك المركزي على آلية السوق المفتوحة لإدارة السيولة

في أبريل 2024، قام البنك المركزي المصري بإجراء تغييرات مهمة على قواعد تنظيم عمليات السوق المفتوحة بهدف تحسين ضبط السيولة؛ إذ أصبح يتم قبول جميع العطاءات المقدمة بهدف الحفاظ على متوسط سعر عائد لليلة واحدة بالقرب من سعر العملية الرئيسية، المعروف بسعر “الكوريدور”، مما يضمن توازن السوق النقدي ويعزز أدوات البنك في السيطرة على الأسعار؛ وتعتمد هذه الآلية على استثمار ودائع أسبوعية كأداة أساسية لإدارة السيولة، إذ تمكن البنك من امتصاص الفائض النقدي لدى البنوك، وبالتالي تقليل المعروض النقدي المتداول للجنيه المصري، وهو ما يسهم بدوره في السيطرة على معدلات التضخم

يظهر التحرك الأخير للبنك المركزي كمؤشر حاسم على استراتيجيته للسيطرة على سوق المال عبر توزيعات مدروسة للسحب النقدي، وهو ما يوفر فرصًا لإعادة هيكلة أسعار الفائدة بما يتناسب مع التمويل الحقيقي والاحتياجات الاقتصادية، وهذا التكامل بين السيولة، سعر الفائدة والتضخم يعكس احترافية إدارة السياسة النقدية لضمان استقرار الاقتصاد الوطني وتحقيق النمو المستدام