تتجلى مشاكل أتلتيكو مدريد الفنية في مرحلة البناء بوضوح في حالة الفريق التي يمكن وصفها بـ “أريد ولا أستطيع”، حيث يعود الفريق مرارًا وتكرارًا من مبارياته معتمدًا على الروح القتالية فقط دون تقديم الأداء الفني المقنع على أرض الملعب، وهو ما تكرر في مواجهات عديدة مثل مباراة فيتوريا وإلتشي، مما يترك انطباعًا بأن الفريق يفتقر إلى حلول حقيقية تتجاوز الحماس ويحتاج إلى جودة أعلى.
أسباب ظهور مشاكل أتلتيكو مدريد الفنية في مرحلة البناء
يبدو أن أتلتيكو مدريد لا يزال غارقًا في دوامة من التناقض بين الرغبة في تحقيق الانتصارات والقدرة الفعلية على حسم المباريات، فهذه الحالة ليست وليدة الصدفة بل هي نتاج طبيعي لتواجد العديد من الوجوه الجديدة ضمن تشكيلة تمر بمرحلة إعادة تأسيس معقدة، فالفريق يفتقر بشكل ملحوظ للفعالية الهجومية والجودة الفردية التي تسمح باستغلال أنصاف الفرص وتحويلها إلى أهداف، وهذا العجز المستمر عن ترجمة السيطرة الميدانية أحيانًا إلى نتائج إيجابية يثير شكوكًا متزايدة حول المستوى العام للفريق وقدرته على المنافسة بقوة في ظل هذه الظروف، فالحماس وحده لا يكفي لصناعة فريق بطل، وهنا تكمن أبرز مشاكل أتلتيكو مدريد الفنية في مرحلة البناء التي يمر بها حاليًا.
أداء اللاعبين الفردي وتأثيره على مشاكل أتلتيكو مدريد الفنية
على مستوى الأداء الفردي وسط هذا الأداء الجماعي الباهت، يمكن اعتبار المدافع هانكو والمهاجم جوليانو بمثابة النجمان الوحيدان اللذان قدما ما هو منتظر منهما، فالمدافع الذي تم توظيفه في مركز الظهير قدم مباراة متزنة للغاية، حيث كان يختار دائمًا الحلول الأكثر أمانًا وفاعلية دون اللجوء إلى المخاطرة غير المحسوبة، مما أضفى بعض الصلابة على الخط الخلفي، بينما واصل جوليانو إظهار إصراره وروحه القتالية العالية في كل كرة وصلت إليه، محاولًا خلق الخطورة من أقل الفرص المتاحة، إلا أن هذا التألق الفردي المحدود لم يكن كافيًا لتغطية القصور الجماعي الذي يعاني منه الفريق، وهو ما يثبت أن الحلول الفردية لا يمكنها معالجة مشاكل أتلتيكو مدريد الفنية العميقة.
في المقابل، لم يقدم بقية اللاعبين أي إضافة تذكر على أرض الملعب، حيث بدت المجموعة ككل عاجزة عن إيجاد الإيقاع المناسب أو فرض أسلوب لعب واضح، فالفريق لم يجد بعد اللاعبين القادرين على “شراء الوقت” الذي تحتاجه أي تشكيلة في طور التأسيس، أي أولئك الذين يمتلكون المهارة الكافية للاحتفاظ بالكرة تحت الضغط أو صناعة الفارق بلمسة فنية غير متوقعة، وهذا العجز الجماعي يتجسد في عدة نقاط ضعف واضحة تعيق تطور الفريق وتحد من خطورته.
- عجز واضح في الاختراق من الأطراف، مما يجعل اللعب متوقعًا وسهل الدفاع.
- بطء شديد في منطقة بناء اللعب والإبداع، مما يمنح الخصوم وقتًا لتنظيم دفاعاتهم.
- غياب الدعم الهجومي الكافي من لاعبي الوسط، وتحديدًا عدم قيام جوليان بمساندة سوروث بالشكل المطلوب.
هذه النقاط مجتمعة تكشف عن حجم التحديات التي تواجه الطاقم الفني وتؤكد أن مشاكل أتلتيكو مدريد الفنية في مرحلة البناء تتطلب حلولًا جماعية وليست مجرد تألق فردي متقطع.
خطة إعادة الهيكلة وغموض مستقبل أتلتيكو مدريد في مرحلة البناء
إن خطة النادي للموسم المستقبلي 25-26 لم تقدم بدورها حلولًا سريعة قادرة على انتشال الفريق من وضعه الحالي وتحقيق الانتصارات المطلوبة بشكل فوري، فمشوار إعادة البناء الذي بدأ بنبرة تفاؤل عالية مع وصول لاعبين مثل ألمادا وباينا وكاردوسو وهانكو، بدأ يفقد بريقه تدريجيًا مع كل تعثر جديد، فبدلًا من أن يتقدم الفريق خطوات إلى الأمام، يبدو وكأنه يتراجع أو في أفضل الأحوال يراوح مكانه، وهذا الجمود يثير القلق بشكل خاص اليوم، لا سيما مع اكتمال قائمة الفريق تقريبًا، حيث كان من المفترض أن تبدأ ملامح المشروع الجديد بالظهور بوضوح أكبر، لكن ما يحدث هو العكس تمامًا، إذ تترك هذه المرحلة أسئلة أكثر بكثير من الإجابات التي تقدمها، مما يضع مستقبل الفريق على المدى المتوسط في دائرة من الغموض.
تقع المسؤولية الكبرى الآن على عاتق المدرب دييغو سيميوني لإيجاد المفتاح السحري الذي يمكنه فك شفرة هذه الأزمة المعقدة، فالرهان الحالي لم يعد فقط على الفوز في المباراة القادمة، بل على قدرة “تشولو” على تحويل هذه المجموعة من اللاعبين من فريق تتحكم فيه حالة “أريد ولا أستطيع” إلى كيان كروي متكامل يجسد شعار “أريد وأستطيع” بالفعل، وتجاوز كل مشاكل أتلتيكو مدريد الفنية في مرحلة البناء التي تعيقه عن استعادة مكانته الطبيعية.