صعود جديد في أسعار النفط مدفوعة بآمال تجارية وتراجع المخزونات الأمريكية.. ما تأثير ذلك على السوق؟

ارتفعت أسعار النفط بدعم من آمال تجارية وتراجع المخزونات الأمريكية بشكل يفوق التوقعات، مما عزز التفاؤل بخصوص تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية وسط مؤشرات إيجابية على صعيد المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، إلى جانب البيانات الأخيرة التي كشفت عن انخفاض ملحوظ في مخزونات الخام الأمريكية.

تطورات أسعار النفط اليوم وتأثير آمال تجارية

شهدت أسعار النفط زيادة طفيفة خلال تداولات الخميس، حيث صعدت عقود خام برنت الآجلة بمقدار 21 سنتًا أو ما يعادل 0.3% لتصل إلى 68.72 دولارًا للبرميل، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 22 سنتًا ليبلغ 65.47 دولارًا للبرميل، مسجلاً ارتفاعًا نسبته 0.3%، وهي تحركات جاءت بدعم مباشر من تفاؤل الأسواق بشأن المفاوضات التجارية الأمريكية التي تعزز أجواء الإيجابية الاقتصادية، إضافة إلى توجهات سوق النفط نحو استيعاب انخفاض المخزونات الأمريكية، ما أسهم في رفع الطلب العقودي على النفط.

الآفاق التجارية ودورها في ارتفاع أسعار النفط بدعم من آمال تجارية وتراجع المخزونات الأمريكية

أكد هيرويوكي كيكوكاوا، كبير الاستراتيجيين في “نيسان سيكيوريتيز إنفستمنت”، أن عمليات الشراء في سوق النفط جاءت بدوافع تفاؤلية تجاه تقدم المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي قد تسهم في تجنب سيناريوهات سلبية محتملة على الاقتصاد العالمي؛ مع ذلك أشار إلى أن الغموض لا يزال قائمًا بسبب عدم اليقين حول محادثات التجارة بين أمريكا والصين، إضافة إلى مستجدات الصراع الروسي الأوكراني، التي تؤثر على أداء السوق، حيث يتوقع البقاء ضمن نطاق سعري يتراوح بين 60 و70 دولارًا للبرميل في المدى القريب. تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة أحرزت تقدمًا ملحوظًا مع الاتحاد الأوروبي في سبيل إبرام اتفاق قد يشمل فرض رسوم أمريكية أساسية بنسبة 15% على السلع الأوروبية مع منح بعض الإعفاءات، وذلك عقب الاتفاق التجاري الأخير مع طوكيو.

بيانات المخزونات الأمريكية وتأثيرها في ارتفاع أسعار النفط بدعم من آمال تجارية وتراجع المخزونات الأمريكية

كشفت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن انخفاض مفاجئ في مخزونات النفط الخام الأسبوع الماضي بمقدار 3.2 مليون برميل لتصل إلى 419 مليون برميل، وهو تراجع يفوق توقعات المحللين التي كانت تشير إلى انخفاض قدره 1.6 مليون برميل فقط، فضلًا عن تراجع مخزونات البنزين بمقدار 1.7 مليون برميل إلى 231.1 مليون برميل، وهو معدل ضعف التوقعات، بينما ارتفعت مخزونات المقطرات كالديزل وزيت التدفئة بمقدار 2.9 مليون برميل لتستقر عند 109.9 مليون برميل، ولا تزال قرب أدنى مستوياتها الموسمية المسجلة منذ عام 1996، ما يشير إلى قوة الطلب خلال الصيف في نصف الكرة الشمالي، حسب تحليلات مصرف ANZ. توضح البيانات التالية وضع المخزونات الأمريكي:

• تراجع غير متوقع في مخزونات النفط الخام والبنزين يعزز قوة الطلب
• مخزونات المقطرات بالرغم من ارتفاعها، تحافظ على مستويات منخفضة موسميًا منذ أعوام
• بيانات المخزونات تستند إلى استهلاك قوي في فصل الصيف بنصف الكرة الشمالي

توترات جيوسياسية وتأثيرها على ارتفاع أسعار النفط بدعم من آمال تجارية وتراجع المخزونات الأمريكية

تتواصل التوترات على الصعيد الدولي مع استمرار محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول، حيث تناولت النقاشات تبادل الأسرى رغم بقاء النقاط الخلافية المتعلقة بوقف إطلاق النار دون حلول نهائية، مما يخلق حالة من الحذر في الأسواق. وفي خطوة ذات صلة، مُنعت ناقلات النفط الأجنبية مؤقتًا من التحميل في الموانئ الروسية الرئيسية على البحر الأسود بسبب تطبيق لوائح جديدة، ما أدى إلى توقف فعلي لصادرات النفط من كازاخستان عبر كونسورتيوم شارك فيه شركات أمريكية. في المقابل، أعلن وزير الطاقة الأميركي عزم الإدارة دراسة فرض عقوبات جديدة على النفط الروسي بهدف الضغط لإنهاء الصراع، فيما وافق الاتحاد الأوروبي مؤخرًا على حزمة عقوبات جديدة تشتمل على خفض سقف أسعار النفط الروسي ضمن الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات ضد موسكو. هذه التطورات الجيوسياسية تبقى عاملًا رئيسًا يؤثر بشكل مباشر على سعر النفط وأداء الأسواق.

تتفاعل هذه العوامل كلها معًا لتعكس واقعًا ديناميكيًا في سوق النفط العالمي، حيث تلعب المفاوضات التجارية وتراجع المخزونات الأمريكية دورًا حيويًا في ارتفاع الأسعار، مقابل تحديات البيئة الجيوسياسية التي ترسم مسارًا حذرًا في مراقبة تحركات الخام، وسط توقعات لمزيد من التقلبات والتأثر بسياسات وضغوط دولية مستمرة.