هل ينتصر الذكاء الاصطناعي ويطيح بالهاتف الذكي؟

الهاتف الذكي التقليدي يواجه خطر الانقراض مع تقدم الذكاء الاصطناعي المدعوم بالحوسبة المُسرّعة، وهو التغيير الذي يعيد صياغة مستقبل التكنولوجيا بشكل جذري، وفقًا لرؤية جنسن هوانغ، مؤسس شركة إنفيديا. خلال السنوات الخمسة عشر الماضية، برزت أنظمة التوصية (REXIS) كمحرك رئيسي يتحكم في المحتوى المعروض على المستخدمين ضمن منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى اقتراحات الإعلانات والكتب والأفلام، وسط فيضان المعلومات الذي لا يمكن لأي جهاز صغير مثل الهاتف الذكي التعامل معه بدون هذا الدعم.

كيف تُعيد أنظمة التوصية المدعومة بالذكاء الاصطناعي تشكيل مستقبل الهاتف الذكي

بحسب هوانغ، يشكل نظام التوصية عماد الإنترنت الحديث، متداخلًا مع الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي بدأ بالاعتماد على وحدات المعالجة المركزية (CPUs) قبل أن ينتقل إلى وحدات معالجة الرسومات (GPUs) التي غيرت قواعد المشهد التكنولوجي خلال العقد الماضي؛ هذه التكنولوجيا مكّنت من بناء حواسيب عملاقة تعتمد على الـ GPUs فقط لتشغيل هذه النظم، مما أتاح ظهور جيل جديد من الذكاء الاصطناعي القائم على الوكلاء مثل “Grok” و”OpenAI” و”Anthropic” و”Gemini”. هذا التطور في الذكاء الاصطناعي يزداد عمقًا، حيث تتحول الحوسبة من نماذج تقليدية إلى حوسبة مسرّعة، وهو الأمر الذي سيغير بشكل جذري تصميم الأجهزة والتطبيقات وأساسات التكنولوجيا الحديثة.

تأثير الحوسبة المسرعة على بقاء الهاتف الذكي والتكنولوجيا المستقبلية

مع هذا التحول، يرى هوانغ أن البنى التي اعتُمدت لدعم الأجهزة الذكية، وعلى رأسها الهاتف الذكي، باتت غير كافية، إذ يتلاشى دور الهاتف كما نعرفه تدريجيًا لصالح منظومة ذكية أكثر تطورًا تعمل عبر سحابة فائقة الأداء وحوسبة مسرّعة موزعة في كل مكان؛ هذا النموذج الجديد يعيد تعريف مفهوم الأجهزة الذكية، حيث تصبح قدرات الحوسبة السحابية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي الركيزة الأساسية لتجربة المستخدم، بدلًا من الاعتماد على المعالجة المحلية داخل الهاتف.

رؤية جنسن هوانغ حول مستقبل التكنولوجيا مع الذكاء الاصطناعي والحوسبة المسرعة

يؤكد مؤسس إنفيديا أن ما نشهده اليوم ليس سوى جزء بسيط من الثورة الأكبر التي تحدث خلف الكواليس؛ التوجه إلى الحوسبة المسرعة والذكاء الاصطناعي يمثل ثورة في كيفية بناء وتصميم التقنية، وهو تحول له أبعاد متعددة تشمل:

• تعزيز أداء التطبيقات عبر الحوسبة المتقدمة
• تمكين الذكاء الاصطناعي من تقديم حلول أدق وأكثر فعالية
• تغيير بنية الأجهزة لتتكيف مع متطلبات الحوسبة الجديدة
• الانتقال من الأجهزة المستقلة إلى منظومات متصلة بالسحابة

هذا التوجه يفتح آفاقًا جديدة في تطوير التكنولوجيا، حيث تتحول الأنظمة إلى كيانات أكثر استقلالية وقدرة على العمل بصورة ذكية ومتواصلة في البيئة الرقمية.

ينقل هذا التشابك بين الذكاء الاصطناعي والحوسبة المسرعة البشرية إلى عصر جديد تقنيًا يجعل الأجهزة القديمة تبدو محدودة وقديمة؛ الهواتف الذكية، كما يشير هوانغ، ستتضاءل أهميتها تدريجيًا، وستحل محلها منظومات ذكية تعتمد بشكل رئيسي على الحوسبة السحابية المُسرّعة.

يتوقع مؤسس إنفيديا أن ما نراه اليوم مجرد البداية، وأن السنوات القادمة ستشهد تغييرات هائلة في عالم التكنولوجيا تضعنا في قلب حقبة جديدة من الابتكار والتقدم؛ هذا التغير لن يؤثر فقط على الأجهزة التي نستخدمها، بل سيتعداه إلى طريقة تفاعلنا مع المعلومات والمحتوى والبيئة الرقمية بشكل عام.