«الجمال الفوضوي» في عاصمة بنغلاديش: إلهام يعكس واقع المدينة اليوم

يُبرز فيلم «مدينة الرمال» اللغة البصرية كأداة رئيسية في السرد السينمائي، حيث يعتمد على تفاصيل الضوء والظل لتجسيد شخصياته وعالمها، ما يجعل تجربة المشاهدة فريدة من نوعها بين أفلام السينما المعاصرة بغض النظر عن كثرة الحوار أو الأحداث المباشرة.

كيف يجسد الضوء شخصية الفيلم في «مدينة الرمال» بأسلوب تصويري فني

يعتبر الضوء في فيلم «مدينة الرمال» العمود الفقري الذي يرتكز عليه سرد الحكاية، إذ لا يعتمد الفيلم على الحوار، بل على الإطارات والظلال المتغيرة التي تنقل المشاعر والأحداث؛ لذلك كان مدير التصوير الفرنسي ماثيو جيو مبيني مهتمًا بالتقاط «طبيعة الضوء» في مدينة دكا، عاصمة بنغلاديش، التي لم يسبق له زيارتها، فدرس صور المدينة المختلفة؛ لاكتشاف الفروق بين ضوء النهار المترب وألوان الليل المتصارعة فوق الأسفلت. هذه الفوضى الضوئية التي وصفها بالجمال غير المنتظم أصبحت جزءًا لا يتجزأ من لغة الفيلم، إذ تجسد حالة الشخصيات وتؤسس أجواءً تسبق الكلمات وتعبر عن النفس والعالم المحيط بهما.

التحديات التقنية والفنية في تصوير «مدينة الرمال» وتأثيرها على جودة العمل

واجه فريق تصوير «مدينة الرمال» قيودًا متعددة، من ضيق الميزانية التي لم تتجاوز 50 إلى 60 ألف يورو إلى صعوبة التصوير في ظروف المدينة المكتظة بالصوت والازدحام؛ إذ تستغرق الرحلات إلى مواقع التصوير ما يصل إلى 8 ساعات بسبب الزحام الشديد رغم أن المسافة لا تزيد عن 65 كيلومترًا. كان الحل أن يتحول المشروع من التصوير على خام إلى الكاميرا الرقمية مع المحاولات المستمرة لاستعادة روح الخام عبر ضبط إعدادات الضوء والتباين والمنحنيات اللونية. كما تم اختيار نسب عرض تصوير غير تقليدية لتعكس رؤية مركزة على النافذة كمركز سردي للفيلم، مع الاهتمام بتفاصيل ارتفاع الكاميرا وتدرجات الضوء، حيث ظهرت شخصية «حسان» متوهجة بين ألوان العدوانية، في حين تم تقديم شخصية «إيما» في بيئة أكثر هدوءًا تحمل دماءً مكبوتة بلون أحمر.

دور مدينة دكا في تعزيز الرسائل الاجتماعية من خلال الصورة السينمائية في «مدينة الرمال»

تمثل مدينة دكا في الفيلم أكثر من مجرد خلفية؛ لقد صارت كائنًا حيًا ينبض بالضجيج والحركة، لكنه يحوّل السكان إلى ظلال غامضة وأشباح تتلاشى فيها العلاقات الاجتماعية وسط ازدحام بشري كثيف يصل إلى 21 مليون نسمة، ما يعكس حالة التوتر والصراع الداخلي بين الفرد وبين المحيط. هذه التصويرية الفريدة إضافة إلى دقة إدارة المخرج مهدي حسن التي تظهر تأثيرها الواضح في اختيار مواقع التصوير، الإضاءة، وحركة الكاميرا، مكنت الفيلم من التعبير عن قضايا اجتماعية عميقة باستخدام لغة سينمائية تدمج بين الجمال الفني والواقعية القاسية، ما جعله ينال جائزة «هنري بركات لأفضل إسهام فني» في مهرجان القاهرة السينمائي.

العنصر الوصف
ميزانية التصوير 50 إلى 60 ألف يورو
مدة التنقل بين المواقع 8 ساعات لمسافة 65 كيلومترًا
النوع المستخدم الكاميرا الرقمية مع محاكاة روح الخام
نسبة العرض المختارة غير شائعة لتعزيز التركيز على النافذة