أشرف عبد الغفور.. تأثير هادئ في الدراما يعكس حكمة الفن المصري

أشرف عبد الغفور، الفنان الذي رسخ اسمه في تاريخ المسرح والدراما المصرية، يحتفل اليوم الأربعاء بذكراه الثانية بعد رحيله؛ فقد غادرنا رمزًا للالتزام الفني والرصانة على مدار ستة عقود كاملة. بموهبة نادرة وخبرة متراكمة، شكل نموذجًا يُحتذى به في الأداء الديني والتاريخي، محافظًا على حضوره في أذهان الجمهور كعمود يدعم تراث الدراما العربية الغني.

بدايات أشرف عبد الغفور في عالم الفن

ولد أشرف عبد الغفور في 22 يونيو 1942 بمدينة المحلة الكبرى، ثم هاجر إلى القاهرة حيث التحق بمدرسة الجيزة الثانوية. هناك، أدرك ناظر المدرسة محمد فريد صقر، الذي يُعرف بحبه الشديد للفنون، موهبته المبكرة؛ فدعاه للانضمام إلى فرقة التمثيل المدرسية، التي كانت تقدم عرضًا مسرحيًا كل شهرين بدلاً من الاقتصار على مسرحية سنوية واحدة في حفل التخرج. سرعان ما تعاون مع زميله المخرج محمود سامي خليل، الذي أصبح لاحقًا من الراحلين، ليُقدما مسرحية مسلسلة قصيرة مدتها ربع ساعة، تعرض يوميًا أثناء فترة الراحة المدرسية؛ هذا التعاون الأولي أشعل شرارة شغفه بالتمثيل، وفتح أبوابًا لم يكن يتوقعها.

دراسة أشرف عبد الغفور ودخوله العالم المسرحي

انخرط أشرف عبد الغفور في المعهد العالي للفنون المسرحية بقسم التمثيل، حيث تلقى تدريبًا مكثفًا تحت إشراف المخرج محمد كريم والفنان عبد الوارث عسر؛ الأخير غرس فيه حب فن الإلقاء واللغة العربية الفصحى، مما أثرى أسلوبه التمثيلي بعمق ثقافي. تخرج عام 1963، وبينما كان يدرس، انضم إلى مسرح التليفزيون، مشاركًا في مسرحية “جولفدان هانم” عام 1962 إلى جانب الفنان محمد عوض. تخلى بعد ذلك عن مسيرة أكاديمية واعدة كمعيد في معهد السينما، ليختار طريق المسرح القومي؛ هناك وقف على الخشبة مع أساطير مثل حسين رياض، فؤاد شفيق، عبد المنعم إبراهيم، وحسن البارودي، مما صقل مهاراته وسط بيئة فنية نابضة.

أعمال أشرف عبد الغفور المسرحية البارزة

ساهم أشرف عبد الغفور في حفلة من الإنتاجات المسرحية الاستثنائية، منها “سليمان الحلبي”، “ثلاث ليال”، “موتى بلا قبور”، “مصرع جيفارا”، “وطني عكا”، و”النار والزيتون”؛ هذه الأعمال عكست قدرته على تجسيد الشخصيات المعقدة بإحساس عميق. ورغم جذوره المسرحية القوية، امتد تأثيره إلى الدراما التلفزيونية، خاصة في الأدوار الدينية والتاريخية، حيث برع في إحياء شخصيات مثل ورقة بن نوفل في “ساعة ولد الهدى”، الوليد بن عبد الملك في “عمر بن عبد العزيز”، وموسى الهادي في “هارون الرشيد”، بالإضافة إلى بطولة “الليث بن سعد”. كما شارك في أوبريت “الليالي المحمدية”، وحلقات برنامج “أسماء الله الحسنى”، وأداء صوتي في سلسلة “الكتاب المسموع”، مما أضاف لمسة فريدة إلى إرثه الصوتي والمرئي.

مسيرة أشرف عبد الغفور في السينما والدراما

امتد نشاط أشرف عبد الغفور إلى أكثر من 300 عمل فني متنوع، يشمل المسرح والسينما والتلفزيون؛ من أبرز الأفلام “قصر الشوق” عام 1966، “الشيطان” عام 1969، و”برئ في المشنقة” عام 1971. أما في الدراما، فقد سطّر حضورًا في مسلسلات مثل “الكنز” عام 1969، “عادات وتقاليد” عام 1972، “المدينة الهادئة” عام 1977، “الإمام البخاري” عام 1982، “جمال الدين الأفغاني” عام 1984، “كنوز لا تضيع” عام 1990، “عمر بن عبد العزيز” عام 1994، “نوادر العرب” عام 1996، “دعاة الحق” عام 2001، “فارس بلا جواد” عام 2002، “الظاهر بيبرس” عام 2005، “حضرة المتهم أبي” عام 2006، “حدف البحر” عام 2009، “الإمام الغزالي” عام 2012، “جبل الحلال” عام 2014، “طاقة نور” عام 2017، “بت القبائل” عام 2020، و”حرب الجبالي” الذي عرض بعد وفاته. تولى أيضًا منصب نقيب الممثلين لثلاث سنوات، من 2012 إلى 2015، مدافعًا عن حقوق المهنة بجدية.

  • سليمان الحلبي: مسرحية تاريخية تعكس الروح الوطنية.
  • ثلاث ليال: عمل درامي يستكشف الصراعات الإنسانية.
  • موتى بلا قبور: قصة عن الكفاح والنسيان.
  • مصرع جيفارا: تجسيد للثورة والمثالية.
  • وطني عكا: إحياء للتراث الفلسطيني.
  • النار والزيتون: رمزية الصراعات السياسية.
العمل الفني السنة
قصر الشوق 1966
الشيطان 1969
برئ في المشنقة 1971
الإمام البخاري 1982
عمر بن عبد العزيز 1994

بعد رحيله في 3 ديسمبر 2023، عن 81 عامًا، جراء حادث سير أثناء سفره مع زوجته ابنة عمه، نقل إلى مستشفى الشيخ زايد بمدينة 6 أكتوبر، لكن محاولات الإنقاذ فشلت بعد توقف القلب؛ أقيمت الجنازة في مسجد الشرطة هناك، ودُفن في مقابر الأسرة بطريق الواحات. ترك ثلاثة أبناء: ريهام عبد الغفور الفنانة، تامر، وريم. نال تكريمات ما بعد الرحيل، مثل احتفالية “الرواد” في نوفمبر 2023 من المركز القومي للمسرح، وأخرى موسعة في أبريل 2024 بمسرح القومي، شملت فيلمًا تسجيليًا “شكرا أشرف عبد الغفور” ودرعًا لأسرته بحضور فنانين بارزين. إرثه يظل حيًا في أعماله الدينية، نموذجًا للالتزام والصمود.