إيقاعات نابضة.. تحولات الموسيقى في دول الخليج العربي 2025

موسيقى الخليج العربي تنبثق من نسيج جغرافي وتاريخي مترابط، حيث تتشابك مع البيئة الطبيعية والموروث الإنساني، فهي تعكس إيقاعات البحر والبر، وتتأثر بتيارات خارجية مثل النوبية الأفريقية والصوفية، مما يجعلها تعبيراً حياً عن هوية المنطقة، كما أبرزت جلسة حوارية حديثة قدمها الفنان حسن الحجيري، مدير قسم الموسيقى في مؤسسة الشارقة للفنون، مشدداً على ضرورة تتبع جذور الآلات والألوان الفنية.

جذور موسيقى الخليج العربي في الثقافة المحلية

تكشف الجلسة الحوارية التي نظمتها مؤسسة الشارقة للفنون عن دور موسيقى الخليج العربي كمحرك اجتماعي، حيث تعبر عن خصائص ثقافية وتراثية مشتركة بين دول المنطقة، مع لمسات فريدة في الألحان والكلمات والإيقاعات، فهي تجسد تشابهاً مع الثقافات العربية الأوسع، وتتأثر بالبيئة المحيطة، سواء كانت سواحل البحر أو الأراضي الداخلية، مما يجعلها قوة تغيير في المجتمعات. يؤكد الحجيري على أهمية قراءة هذه الموسيقى ككيان مترابط مع الجغرافيا والتاريخ، حيث انتشرت الآلات والأداء الحركي عبر تبادلات إنسانية، محافظة على هويتها رغم التأثيرات الخارجية.

تأثيرات جغرافية وعالمية على موسيقى الخليج العربي

يبرز الفنان الحجيري في الجلسة كيف شكلت البيئة الجغرافية ألواناً موسيقية عريقة، مثل فنون النوبان أو الطنبورة ذات الطابع البحري، بالإضافة إلى التأثيرات النوبية الأفريقية والصوفية، فمنطقة الخليج امتصت تنوعاً عالمياً مع الحفاظ على جذورها، مقاومة التيار الغربي بينما تستقبل من العربية والغربية على حد سواء. شهدت موسيقى الخليج تسجيلات مبكرة في مدن مثل مومباي وبغداد ومصر، من قبل فنانين كعبداللطيف الكويتي ومحمود الكويتي ومحمد بن فارس وعبدالله الفرج، مما يعكس انفتاحاً يعزز التعبير الاجتماعي ويجدد الثقافة المحلية، مؤكداً على تلاقي الثقافات في مدرسة خليجية ناضجة.

من أبرز النقاط التي تناولتها الجلسة مقاربات بين التراث المحلي والعالمي، كربط أغاني النهمة بأوبرا الهولندي الطائر لواغنر، أو أغاني البحارة بالسيمفونيات الكبرى، مما يظهر كيف أثرت الجغرافيا في تشكيل الإيقاعات والأهازيج اليومية للقرى والفلاحين، نابعة من ظروف العمل والحياة اليومية.

فنون بحرية في موسيقى الخليج العربي

تسلط الجلسة الضوء على الألوان الغنائية التراثية المرتبطة بالبحر، مثل فن النهمة الذي يرافق عمل البحارة في السفن، ويأتي بأشكال متنوعة كاليامال والخطفة والمداوى والفجري، إلى جانب الأغاني الشعبية الخفيفة والزهيري والموال، حيث يعبر اليامال عن سرد إلقائي مليء بالحزن والتلهف، بينما تضيف الخطفة إيقاعات حية بالتصفيق وهز الأكتاف والرؤوس أثناء التحكم في الأشرعة. يؤكد الحجيري أن هذه الفنون تتبع حركة السفينة، سواء في العمل أو الترفيه، مما يجعل البحارة أساسها، ويدعو إلى إعادة اكتشافها كتراث حي.

تتطرق الجلسة إلى كتب مهمة تركز على موسيقى الخليج العربي، كـ”الموسيقى في البحرين” لبول روفسنغ أولسن، الذي يصف فن الفجري كتعبير عن معاناة البحارة وآلامهم، يؤدى في فرق بقائد، ويستخدم آلات مثل الفجيري الفخارية والطبلة، مع مواضيع الغياب والمخاطر واللقاءات. كما يبرز الفنان البحريني مجيد مرهون، المولود 1945، الذي أسس فرقة في الستينيات، وتأثر بالأكورديون والترومبيت والساكسفون والجيتار، من خلال انضمامه إلى فرق كالأنوار وفرسان العرب، محافظاً على الغربي مع التراثي.

• اليامال: سرد إلقائي يعبر عن الحزن والتلهف أثناء الإبحار.
• الخطفة: إيقاع حيوي يتضمن تصفيقاً وتحريكاً للأجسام مع الأشرعة.
• المداوى: نوع يركز على الترفيه والاسترخاء بعد العمل الشاق.
• الفجري: فن قديم يروي قصص الغوص، مع آلات فخارية وطبل.
• الزهيري: أغانٍ شعبية خفيفة تعكس الحياة اليومية البحرية.

ترتبط موسيقى الخليج العربي بآلاتها الوظيفية في المناسبات الاجتماعية كالأعراس والشفاء والعودة من السفر، وفي العمل كالغوص والزراعة، بالإضافة إلى أغاني الأطفال، متأثرة ببلاد الرافدين وسواحل فارس والهند وأفريقيا، حيث تمتزج الجنسيات واللهجات في فنون قديمة. يناقش الحجيري تأثير التطور الاجتماعي والاقتصادي على هذا الموروث، رغم صموده، محذراً من انحسار المهن التقليدية، ويؤكد الحاجة إلى جهود حفظ فورية لتأطير هذه الفنون قبل فوات الأوان.