ابتكارات غير مسبوقة في تصميم سفن فضائية جديدة تتيح للبشر السفر بين النجوم

انطلقت مسابقة تصميم سفن الأجيال المأهولة في نوفمبر 2024، حيث اجتمع فريق عالمي من المهندسين والمعماريين وعلماء الاجتماع لتقديم تصاميم مبتكرة تتيح الوصول إلى النجوم المجاورة بوسائل قابلة للتنفيذ، وقد نظمت المسابقة “مبادرة الدراسات بين النجمية” (i4is) في المملكة المتحدة، بهدف دفع حدود الاستيطان الفضائي واستخدام الروبوتات والبشر في اكتشاف الكواكب الخارجية.

جائزة مالية لأفضل تصاميم رفعت مفهوم سفن الأجيال إلى آفاق جديدة

في 23 يوليو 2025، أعلنت منظمة i4is عن الفائزين الثلاثة الأوائل من بين مئات المشاركات التي جاءت من مختلف أنحاء العالم، وتم اختيار التصاميم بناءً على تكاملها الفني، ودقة تفاصيلها، وقدرتها على الجمع بين الهندسة المعمارية والعلوم الاجتماعية، مع التركيز على تكوين مجتمعات مستقرة مستدامة داخل سفن الأجيال، قادرة على العيش لقرون في بيئة فضائية محدودة الموارد، وصولًا إلى كوكب صالح للسكن.

التحديات الأساسية التي تواجه سفر سفن الأجيال بين النجوم

تمثل مسافة السفر بين النجوم عقبة ضخمة مقارنة باستكشاف الفضاء القريب، ويرجع ذلك إلى المسافات الشاسعة، ومستويات الإشعاع العالية، وصعوبة إعادة الإمداد، فضلًا عن الضغط النفسي الناتج عن العيش داخل سفينة مغلقة لسنوات أو حتى قرون عديدة، وأشارت الدراسات إلى أن أقرب نجم لنا، ألفا قنطورس، يستغرق بين 1,000 و81,000 سنة باستخدام التقنيات الحالية، فيما تبقى تقنية الدفع بالليزر الوحيدة القادرة على إرسال مركبات خفيفة بسرعة تقارب سرعة الضوء، كما يجري في مشروع “بريكثرو ستارشوت”.

شروط التصاميم المشاركة في مسابقة سفن الأجيال المأهولة

حدد منظمو المسابقة متطلبات دقيقة للتصاميم المشاركة تضمنت:

  • إمكانية احتواء ما بين 500 إلى 1,500 شخص بشكل مستدام على متن السفينة لعدة قرون.
  • وجود جاذبية صناعية تُنتج بواسطة دوران السفينة لضمان حياة صحية.
  • مجتمع متكامل يلبي جميع الاحتياجات الأساسية للسكان.
  • أنظمة دعم حياة مستقلة تشمل الماء، الغذاء، وإدارة النفايات.
  • آليات فعالة لنقل المعرفة والحفاظ على الثقافة خلال الأجيال.
  • قدرة على بلوغ سرعة تعادل 10٪ من سرعة الضوء (0.1c) للوصول إلى كوكب بروكسيما ب خلال 250 عامًا.

التصاميم الفائزة وتجسيد رؤية سفن الأجيال المستقبلية

حصدت إيطاليا المركز الأول بتصميم “كرايساليس” الذي يتميز بهيكل أسطواني معياري يبلغ طوله 58 كم وقطره 6 كم، ويزن 2.4 مليار طن، مزودًا بنظام دفع بالاندماج المباشر يستخدم الهيليوم-3 والديوتيريوم، ويحاكي دوران الهيكل الجاذبية الأرضية، مع تخصيص مناطق للإنتاج الغذائي، السكن، والمساحات المجتمعية، ويبرز “قبة كونية” تُتيح للركاب مراقبة النجوم وسط بيئة ذات جاذبية منخفضة، إضافة إلى نظام دوران بديل لتقليل الاضطرابات الناتجة عن الحركة.

أما المركز الثاني فكان من نصيب “WFP Extreme” البولندي، الذي يعتمد على حلقتين متضادتين للدوران بقطر 500 متر لكل منهما، من أجل خلق جاذبية صناعية متوازنة والتخفيف من تأثير قوة كوريوليس، ويتضمن التصميم ستة أحياء متكاملة مع مسارات مشي ومساحات تواصل، ويحتوي القلب المركزي على مزرعة مائية ومراكز تحكم، مع تركيز خاص على الجوانب الثقافية والاجتماعية كالملابس والمساحات الروحية، إلى جانب أفكار مبتكرة مثل “كبسولة تاكسي” وتصاميم ملابس شخصية تعزز الطابع الإنساني للحياة على السفينة.

وفي المركز الثالث، قدمت كندا تصميم “Systema Stellare Proximum” وهو سفينة فضائية مدمجة داخل كويكب مجوف، مزودة بنظام ملاحة يعتمد على الذكاء الاصطناعي الكمي، يبدأ بالدفع النووي النبضي ويتحول بعد ذلك إلى الدفع الأيوني، مستوحى من المحاكاة الحيوية لقنديل البحر، مع درع إشعاعي يحاكي “جرس” قنديل البحر، وتقنيات إصلاح ذاتي تمنح السفينة القدرة على مواجهة المخاطر، إضافة إلى أنظمة استزراع مائي وتحويل النفايات إلى غذاء وأكسجين، ونظام دفاع بالليزر ضد النيازك الدقيقة، حيث يعكس التصميم رؤية متكاملة تجمع بين التقنية والاجتماع والثقافة في عالم يعيش بين النجوم.

إلى جانب الفائزين، نالت العديد من المشاركات إشادات خاصة في مجالات مثل التنمية المستدامة، الابتكار التقني، والجوانب النفسية والاجتماعية، مما يعكس تنوع الرؤى وعمق الأفكار التي يحملها مفهوم سفن الأجيال المأهولة ضمن التحديات الهائلة التي تواجه السفر بين النجوم.