4 مفاعلات معطلة.. تأثير كائن منقرض يوقف العمل في محطات الطاقة النووية الفرنسية

توقفت أربعة مفاعلات في محطة غرافيلين النووية في فرنسا بسبب اجتياح كثيف لقناديل البحر التي تسببت في انسداد أنظمة التبريد، ما أثر على سير العمل في المحطة الواقعة على ساحل بحر الشمال، مما يعكس تحدياً بيئياً تقابله التكنولوجيا النووية في البلاد.

تأثير كثافة قناديل البحر على توقف مفاعلات محطة غرافيلين النووية في فرنسا

شهدت محطة غرافيلين النووية، إحدى أكبر المحطات في أوروبا، توقّف أربعة من مفاعلاتها البالغة ستة مفاعلات نتيجة وجود أعداد هائلة من قناديل البحر التي غزت أنظمة التبريد الخاصة بالمحطة، مما تسبب في انسدادها وتعطيلها. هذا التوقف تمثل في إيقاف ثلاثة مفاعلات بشكل تلقائي، بالإضافة إلى إغلاق مفاعل رابع يدويًا، ما أدى إلى تشغيل مفاعلين فقط يخضعان لصيانة دورية. تبلغ قدرة كل مفاعل حوالي 5.4 غيغاواط، وبالتالي فإن هذه التوقّفات أثرت بشكل كبير على الإنتاج الكهربائي. ومع ذلك، أكدت شركة الكهرباء الفرنسية “إي دي إف” أن المشكلة لم تلحق أي خطر بالمنشأة أو البيئة، حيث أن الانسدادات حدثت في الجزء غير النووي من المحطة، وتحديدًا في مرشحات محطات الضخ التي تعتمد على ضخ مياه بحر الشمال لتبريد المفاعلات.

العوامل البيئية وراء اجتياح قناديل البحر لمحطة غرافيلين وتأثيرها على التكنولوجيا النووية

يربط الخبراء البيئيون تزايد أعداد قناديل البحر حول السواحل الفرنسية بعدة عوامل متداخلة، أبرزها ارتفاع درجات حرارة الماء بسبب التغير المناخي، الذي يسرع من تكاثر هذه الكائنات البحرية، إلى جانب تغيّر مستويات الملوحة والصيد الجائر الذي أدى إلى انخفاض أعداد الكائنات المفترسة لقناديل البحر، مثل السلاحف البحرية وبعض أنواع الأسماك. هذا التوازن البيئي المخالف خلق بيئة مناسبة لازدياد كثافة هذه القناديل، ما يعرض استقرار محطات التبريد النووية لخطر متزايد. وقد تكررت مشاهد ظهور قناديل البحر بكثافة على الشواطئ المحيطة بمحطة غرافيلين خلال السنوات الأخيرة، مع ارتفاع ملحوظ في أعدادها هذا العام، وهو مؤشر على هشاشة الأنظمة القائمة أمام تغيرات البيئة البحرية المتسارعة.

أنواع قناديل البحر المسؤولة عن تعطل أنظمة التبريد النووية في فرنسا

يشير خبراء بحرية إلى أن هناك ثلاثة أنواع رئيسية لقناديل البحر تسببت في الأزمة التي تعرضت لها محطة غرافيلين النووية، وهي القنديل القمري الآسيوي الذي يعتبر نوعًا غازيًا استقر في بحر الشمال منذ 2018، والقنديل “القرنبيط” المحلي الذي يكثر ظهوره في فصل الصيف خصوصًا شهر أغسطس، بالإضافة إلى كائن “عنب البحر” الصغير الذي رغم حجمه إلا أنه قادر على سد أنظمة التبريد عند تكاثره بشكل كثيف. على الرغم من أن تزايد أعداد قناديل البحر خلال الصيف يعد أمرًا طبيعيًا، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت ازديادًا ملحوظًا في كثافتها، مدفوعة برفع حرارة المياه، تراجع أعداد المفترسات بسبب الصيد الجائر، والرياح التي ساعدت في دفع هذه الكائنات نحو الشواطئ. ويعد ظهور هذه القناديل بهذا الشكل دافعًا لإعادة التفكير في أساليب حماية التكنولوجيا النووية البحرية والتعامل مع التأثيرات البيئية المتغيرة.

نوع القنديل البحري المنطقة والتوزيع تأثيره على التبريد النووي
القنديل القمري الآسيوي بحر الشمال منذ 2018 انسداد أنظمة التبريد بسبب الكثافة العالية
قنديل القرنبيط المحلي السواحل الفرنسية خصوصًا في أغسطس تراكم على المرشحات يؤدي إلى تعطيل المفاعلات
عنب البحر موجود في المنطقة مع تكاثر كثيف يسد أنظمة التبريد رغم صغر حجمه

تهدد هذه الظاهرة الطبيعية قدرة محطات الطاقة النووية على العمل بكفاءة، ما يدفع إلى البحث عن حلول مبتكرة لضمان استمرارية تبريد المفاعلات بشكل فعال في ظل تزايد التحديات البيئية. تعد قناديل البحر كائنات قديمة نجت من الانقراضات الكبرى، وهي ترمز إلى التأثيرات الحادة التي يخلفها تغير المناخ والتدخل البشري في النظام البيئي البحري، ما يفرض على القطاع النووي إعادة التفكير في استراتيجيات الحماية والتكيف مع المستقبل.