سعر جرام الفضة الآن.. قفزة تاريخية جديدة مع تراجع المخزونات العالمية

يسجل سعر جرام الفضة ارتفاعات ملحوظة في الأسواق المحلية والعالمية، مقتربًا من مستويات قياسية لم يشهدها منذ أغسطس 2011، ويأتي هذا الصعود اللافت مدعومًا بمزيج من العوامل المؤثرة، أبرزها تزايد الرهانات على تخفيض وشيك لأسعار الفائدة الأمريكية واستمرار الطلب الاستثماري والصناعي القوي على المعدن الأبيض، مما يثير اهتمام المستثمرين الذين يراقبون تحركاته اليومية عن كثب.

تحركات سعر جرام الفضة محليًا وعالميًا

وفقًا للبيانات والتقارير البحثية الصادرة عن مراكز متخصصة مثل “الملاذ الآمن”، شهد السوق المصري تباينًا في تحركات أسعار الفضة، حيث أظهر سعر جرام الفضة عيار 800 ارتفاعًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي ليصل إلى 52 جنيهًا مصريًا، بعد أن كان عند مستوى 51.25 جنيهًا، ورغم استقراره عند هذا الحد خلال تعاملات أغسطس، تستمر الأسعار في عكس الاتجاه الصعودي العالمي الذي يضغط على السوق المحلي، ويقدم الجدول التالي نظرة تفصيلية على الأسعار المسجلة لمختلف العيارات في السوق المصري.

النوع / العيار السعر المسجل (جنيه مصري)
فضة عيار 800 52.00
فضة عيار 925 60.00
فضة عيار 999 65.00
جنيه الفضة (عيار 925) 480.00

على الصعيد العالمي، لم تكن الصورة مختلفة كثيرًا، حيث افتتحت أوقية الفضة تعاملات الأسبوع عند مستوى 38.76 دولارًا أمريكيًا، لتواصل الصعود وتغلق عند ذروة بلغت 39.61 دولارًا، وهو أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من عقد من الزمان، وفي حين يُعد هذا الرقم لافتًا، إلا أن السعر التاريخي الأعلى المسجل للمعدن الأبيض لا يزال عند 49.77 دولارًا، وهو المستوى الذي بلغته في أبريل 2011، مما يترك مساحة للمزيد من النمو المحتمل.

هل يؤثر صعود الذهب على سعر جرام الفضة عالميًا؟

يسير المعدنان الثمينان جنبًا إلى جنب في مسار صعودي متزامن، حيث أنهى الذهب تعاملات الأسبوع الماضي عند مستويات قياسية غير مسبوقة تجاوزت 3,440 دولارًا للأوقية، وفي الوقت نفسه، كان سعر الفضة يقترب بثبات من حاجز 40 دولارًا، وهو ما يؤثر مباشرة على سعر جرام الفضة في الأسواق المختلفة ويعيد تأكيد الدور التقليدي لهذه المعادن كملاذات آمنة يلجأ إليها المستثمرون في أوقات عدم اليقين الاقتصادي، فهذا الأداء القوي يعكس ثقة السوق في قيمتها الجوهرية.
تزايد الطلب على الذهب بشكل ملحوظ بعد دخول صندوق هارفارد الاستثماري بحصة مؤثرة في صندوق SPDR Gold، الذي يُعد أكبر صندوق مدعوم بالذهب في العالم، وعلى نحو موازٍ، شهدت الفضة تدفقات استثمارية مؤسسية ضخمة، كان أبرزها استثمار البنك المركزي السعودي بقيمة 30.5 مليون دولار في صندوق iShares Silver Trust، بالإضافة إلى استثمار آخر بقيمة تقارب 10 ملايين دولار في صندوق Global X Silver Miners ETF، مما يؤكد أن الاهتمام العالمي لا يقتصر على الذهب وحده.

لماذا تتزايد جاذبية الفضة كملاذ آمن واستثماري؟

على الرغم من أن الذهب يظل المعدن المفضل لدى البنوك المركزية حول العالم، إلا أن العديد من المحللين يرون أن الفضة تقدم حاليًا قيمة نسبية أكبر للمستثمرين؛ والدليل على ذلك هو تراجع نسبة سعر الذهب إلى الفضة، فبعد أن تجاوزت النسبة 104 في أبريل الماضي، انخفضت حاليًا إلى حوالي 86، وهو رقم لا يزال أعلى من المتوسط التاريخي الذي يتراوح بين 50 و60، وهذا الانخفاض يشير إلى أن سعر جرام الفضة لديه فرصة أكبر للنمو مقارنة بالذهب لسد هذه الفجوة.
ما يميز الفضة بشكل فريد هو دورها المزدوج، فهي ليست مجرد أصل استثماري بل هي أيضًا معدن صناعي لا غنى عنه في قطاعات حيوية ومتنامية، حيث يدخل في صناعة الألواح الشمسية والإلكترونيات الدقيقة والمركبات الكهربائية، وهذا الطلب الصناعي المتزايد يسهم في تقليص المخزونات العالمية بشكل مستمر، على عكس الذهب الذي يظل استخدامه الصناعي محدودًا للغاية، مما يمنح الفضة أساسًا قويًا للطلب بغض النظر عن تقلبات الأسواق المالية.

كيف يؤثر الطلب العالمي على توقعات أسعار الفضة؟

يُظهر تقرير معهد الفضة الدولي نموًا ملحوظًا في الطلب المادي على المعدن الأبيض، حيث ارتفع الاستثمار المادي في الفضة بنسبة 34% منذ بداية عام 2025، متفوقًا بذلك على الذهب الذي سجل نموًا بنسبة 28% والبيتكوين الذي لم يتجاوز 18%، ويعتبر هذا القطاع الأكثر تقلبًا في السوق، حيث تراوحت أحجامه خلال الخمسة عشر عامًا الماضية بين 157.2 مليون أوقية في 2017 وذروة بلغت 337.6 مليون أوقية في 2022، مما يعكس حساسية المستثمرين للأوضاع الاقتصادية ومتغيرات سعر جرام الفضة.
تتوزع خريطة الطلب العالمي على الفضة بين عدة أسواق رئيسية لكل منها خصائصها الفريدة، ويلعب هذا التوزيع دورًا مهمًا في تحديد مسار الأسعار عالميًا.

  • الولايات المتحدة: لا تزال أكبر سوق عالمي للاستثمار المادي، حيث اشترى المستثمرون الأفراد حوالي 1.5 مليار أوقية بين عامي 2010 و2024، لكن حالة التشبع أدت إلى تراجع الطلب على السبائك الجديدة في 2025 لأدنى مستوى منذ سبع سنوات.
  • الهند: تعد ثاني أكبر سوق بفضل تقاليد ثقافية راسخة في امتلاك السبائك، حيث بلغ الطلب التراكمي فيها 840 مليون أوقية بين 2010 و2024، مع ارتفاع حيازات المنتجات المتداولة محليًا إلى 58 مليون أوقية حتى يونيو 2025.
  • ألمانيا: تحتل المرتبة الثالثة ويهيمن عليها الطلب على العملات الفضية، ورغم تباطؤ السوق بعد إلغاء الامتيازات الضريبية، تشير التوقعات إلى تعافيه جزئيًا في 2025 بنمو متوقع قدره 25%.
  • أستراليا: صعدت بقوة منذ عام 2019 لتصبح لاعبًا مهمًا، حيث قفز الطلب من 3.5 مليون أوقية إلى 20.7 مليون أوقية في 2022، مستفيدة من بيئة ضريبية مشجعة للمستثمرين.

توقعات مستقبلية: إلى أين يتجه سعر جرام الفضة؟

يرى المحللون أن الفضة مؤهلة تمامًا لتحقيق قفزة نوعية خلال الفترة المقبلة، مدعومة بمجموعة من العوامل الدافعة مثل التوترات الجيوسياسية المستمرة، وتزايد الديون الحكومية عالميًا، والتوجه العالمي المتسارع نحو الطاقة الخضراء، بالإضافة إلى تزايد قناعة المستثمرين بأن المعدن الأبيض مقوّم حاليًا بأقل من قيمته الحقيقية، وكلها عوامل تزيد من جاذبية الاستثمار وتدعم توقعات ارتفاع سعر جرام الفضة.
تعزز البنوك الاستثمارية الكبرى هذه النظرة المتفائلة، فقد رجح سيتي بنك أن يصل سعر الفضة إلى 40 دولارًا للأوقية خلال الستة إلى اثني عشر شهرًا المقبلة، مع وجود إمكانية لتجاوز حاجز 46 دولارًا بنهاية الربع الثالث من عام 2025، وهذه التوقعات تستند إلى تحليل عميق للأساسيات الاقتصادية والصناعية التي تدعم المعدن الأبيض في مواجهة التحديات العالمية.

لم تعد الفضة مجرد أداة ادخارية تقليدية، بل تحولت إلى أصل دفاعي وصناعي حيوي يمنح المستثمرين فرصة للتحوط من التضخم بتكلفة أقل من الذهب، ومع توقعات بتجاوز الطلب العالمي 1.2 مليار أوقية بنهاية 2025؛ فإن هذا الزخم قد يؤدي إلى تحولات إيجابية في سعر جرام الفضة عالمياً.