الرياضة القتالية في لبنان 2025: هل تشكل بديلاً للشباب عن الألعاب الجماعية؟

تُعتبر الرياضات الفردية في لبنان خيارًا مميزًا للشباب الباحث عن فرصة للتألق وسط تحديات كبيرة تُواجه الرياضات الجماعية، مثل ضعف البنية التحتية وغياب الملاعب ووضع غير مستقر للإدارة المالية، حيث يتجه الجيل الجديد إلى هذه الرياضات لأنها تمنح استقلالية ومسؤولية شخصية، بالإضافة إلى سهولة الممارسة وقلة التكاليف مقارنة بالرياضات الجماعية.

أسباب صعود الرياضات الفردية في لبنان وانتشارها

شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في إقبال الشباب على ممارسة الرياضات الفردية مثل فنون القتال المختلطة (MMA) والجودو والكيك بوكسينغ، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل مهمة تجعل هذه الرياضات خيارًا جذابًا. أولاً، لا تتطلب الرياضات الفردية ملاعب كبيرة أو فرقًا متكاملة، حيث يكفي توفر نادٍ صغير ومدرب متخصص لتدريب اللاعب، ما يسهل على الشباب بدء ممارسة هذه الرياضات دون عوائق لوجستية. ثانيًا، توفر هذه الألعاب شعورًا بالمسؤولية والانضباط، إذ يتحمل اللاعب وحده المسؤولية عن نتائجه، بعكس الرياضات الجماعية التي قد تشهد انقسامات داخلية تدخل في إطار من “الشلات” التي تعيق تقدم المواهب الجديدة. ثالثًا، ساعد انتشار النوادي المختصة خلال العقد الأخير في مختلف المدن اللبنانية مثل بيروت، طرابلس وصيدا على تلبية الطلب المتزايد على التدريب في هذه الرياضات الفردية. فضلاً عن ذلك، تعتبر التكاليف الشهرية في هذه النوادي أقل تكلفة بشكل ملحوظ مقارنة بالأكاديميات الخاصة بكرة القدم أو كرة السلة، ما يجعلها واقعية لمختلف الشرائح الاجتماعية.

نماذج لبنانية بارزة ترفع راية الرياضات الفردية عالميًا

برز لبنان على الساحة الدولية ببطولات وإنجازات لافتة في رياضات الفنون القتالية المختلطة وغيرها، ويعد محمد فخر الدين من أبرز أبطال هذه الرياضة، حيث أصبح أول مقاتل عربي يتوّج بثلاثة ألقاب عالمية في MMA، وحصل على لقب “المقاتل العربي الأول” بفضل إنجازاته في بطولات مثل BRAVE CF 96 التي حقق فيها الفوز بضربة قاضية. تضم الرياضات الفردية فنونًا متعددة مثل الملاكمة، الكيك بوكسينغ، المصارعة البرازيلية والمواي تاي، مع حاجة كل لعبة لمدرب متخصص لضمان مستوى التدريب. بالإضافة إلى فخر الدين، لامع اسم مازن قيس في الملاكمة، وآدم السن وأمير السن في المواي تاي، مع وجود مقاتلين متميزين مثل أحمد لبّان الملقب بـ”ذا شادو” الذي يحظى بخبرة واسعة في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية بفضل تدريبه مع فريق “أميريكان توب تيم زغرب”. عكست إنجازات المنتخب اللبناني للفنون القتالية في بطولة العالم للشباب 2025 في أبو ظبي، حيث حصد 10 ميداليات من بينها ميداليات ملونة متعددة، حجم التقدم الكبير الذي تحققه هذه الرياضة. كما تبرز زينب خاتون كسفيرة للرياضة النسائية، حيث بدأت في المواي تاي وMMA ثم انتقلت للملاكمة محققة عدة ألقاب في آسيا.

تحديات وآفاق الرياضات الفردية في لبنان بين الواقع والآمال

تعد الرياضات الفردية متنفسًا ضروريًا لشباب لبنان في ظل الأزمات الاقتصادية والهجرة، إذ تساعد في بناء الثقة بالنفس وتحويل الطاقة السلبية إلى نشاط رياضي منظم بعيدًا عن العنف. رغم ذلك، تواجه هذه الرياضات تحديات بارزة مثل ضعف الدعم الرسمي لقلة التمويل، وضعف التغطية الإعلامية حيث يختزل التركيز في الإعلام على كرة القدم والسلة، مما يقلل من فرص تسليط الضوء على إنجازات الأبطال الفرديين وتشجيع الموهوبين للبقاء في لبنان. يضطر كثير من الرياضيين الموهوبين إلى البحث عن فرص احترافية خارج البلاد بسبب محدودية الإمكانات المحلية. مع ذلك، ومع الانهيار المستمر في رياضات الفرق التقليدية، تختزن الرياضات الفردية إمكانية كبيرة لتكون مستقبل الرياضة اللبنانية، خاصة مع وجود نماذج ناجحة واضحة. يؤكد عدد أكاديميات الفنون القتالية التي بلغ 30 أكاديمية حتى مايو 2025، بزيادة تتجاوز 7% عن 2023، على التوسع السريع في هذا القطاع، حيث تتركز هذه الأكاديميات في جبل لبنان وبيروت والشمال، مع سيطرة 93% منها على يد مؤسسين مستقلين يديرونها غالبًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي على حساب تطوير المواقع الإلكترونية.

المنطقة عدد الأكاديميات النسبة المئوية
جبل لبنان 19 63%
بيروت 5 17%
الشمال 4 13%

تشكل الرياضات الفردية في لبنان فرصة لجيل جديد يطمح لتحقيق الإنجاز والتألق في عالم الرياضة، وسط ظروف معقدة وآمال تُرتبط بشكل كبير بالدعم والاهتمام لتنمية هذه الرياضات والتي تبدو أقدر على صقل المواهب والمحافظة عليها داخل البلاد.