تغييرات جذرية.. اقتصاد سوريا بعد آل الأسد في عام 2025

الاقتصاد السوري يظل محور الاهتمام اليومي بعد مرور أكثر من عام على التغيير السياسي في ديسمبر من عام 2024؛ حيث يراقب السوريون عن كثب تقلبات سعر صرف الليرة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وانخفاض القدرة الشرائية أمام الدخول المتواضعة. يتردد في الأحياء والأسواق تساؤل حول ما إذا كان هذا التغيير قد أدى إلى تحسن حقيقي في الحياة اليومية، أم أن التحديات الاقتصادية تفوق أي إيجابيات واضحة في المؤشرات الرئيسية.

تطور الليرة في الاقتصاد السوري وتحديات المعيشة

شهدت الليرة السورية استقرارًا نسبيًا خلال العام الأخير، بعد انهيارها الشديد في نهاية 2024، حيث عادت إلى مستويات أقل توترًا أمام العملات الأجنبية. يبلغ سعر الصرف اليوم 11750 ليرة مقابل الدولار الواحد، و13794 ليرة أمام اليورو، مقارنة بانهيار سابق إلى 22 ألف ليرة. رغم ذلك، يشكو الكثيرون من عدم ترجمة هذا التحسن إلى انخفاض حقيقي في أسعار السلع؛ إذ بقيت التكاليف عالية نسبيًا بالنسبة للدخول. يروي عمر المعراوي، مواطن من حماة، أن التخفيضات في الأسعار تبدو سطحية، ولا تتناسب مع القدرة المالية اليومية، خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار الغذاء والنقل والإيجارات. ومع إقرار زيادات رواتب تصل إلى 200% في يوليو الماضي، رفع الرواتب من 200-300 ألف ليرة إلى 900 ألف-مليون ليرة بدون ضرائب، يرى المعراوي أنها غير كافية لمواجهة الضغوط المستمرة، مما يجعل الحياة تحت وطأة مالية دائمة.

تأثير تسعير الطاقة على ديناميكية الاقتصاد السوري

أدى اعتماد تسعير المشتقات النفطية والغاز بالدولار إلى تحول جذري في قطاع الطاقة، مما رفع الأسعار بالليرة بشكل حاد مقارنة بالدعم السابق؛ وشمل ذلك أسطوانات الغاز والبنزين والمازوت، فارتفعت تكاليف النقل والتدفئة والإنتاج، مما زاد العبء على الأسر والأعمال التجارية والصناعية. في نوفمبر الماضي، أجرت وزارة الكهرباء تعديلات على التعرفة الكهربائية، أعلى مستوياتها منذ عقود، حيث بلغت الزيادات في بعض الشرائح 60 ضعفًا، وفقًا لتقارير إعلامية. تكلفة إنتاج كل كيلوواط ساعة تصل إلى 15 سنتًا أمريكيًا، مما يحمّل الحكومة أكثر من 75 مليون دولار شهريًا؛ والإنتاج الحالي 2200 ميجاواط مقابل حاجة 6000 ميجاواط، مما يعكس فجوة كبيرة تؤثر على الاقتصاد السوري ككل.

توافر الخبز في الاقتصاد السوري وسعره الجديد

أصبح الخبز متوفرًا بشكل أفضل بعد إنهاء الدعم على التوزيع، لكنه ارتفع سعره عدة أضعاف؛ يشير المعراوي إلى تحسن في الإمدادات بعد سنوات من الندرة والازدحام في المخابز. أعلنت وزارة الاقتصاد في نوفمبر رفع سعر الربطة إلى 5500 ليرة في المخابز و6000 لدى المعتمدين، لمواءمة تكاليف الإنتاج مع الأسعار السوقية؛ هذا التغيير يساهم في استقرار الإمداد، لكنه يضيف ضغطًا إضافيًا على ميزانيات الأسر في الاقتصاد السوري الذي يعاني من تقلبات مستمرة.

تحسين الكهرباء ودوره في دعم الاقتصاد السوري

ارتفع عدد ساعات الكهرباء اليومية في الأشهر الأخيرة، مما خفف الاعتماد على المولدات ودعم الأنشطة التجارية؛ يقول مصطفى الحوري، صاحب محل في حمص، إن هذا ساعد في خفض التكاليف التشغيلية، لكنه لم يعوض الارتفاع العام في الأسعار. طبق نظام تسعير جديد بشرائح استهلاكية متعددة، مع مراعاة الفئات الاجتماعية؛ متوسط استهلاك الأسرة 1000 كيلوواط ساعة شهريًا، يؤدي إلى فاتورة تفوق 1.5 مليون ليرة، خاصة مع اقتراب الشتاء وزيادة الاستهلاك، مما يثير مخاوف لدى أصحاب الدخل المنخفض في الاقتصاد السوري.

لتوضيح العبء الاقتصادي اليومي، إليك قائمة بالعناصر الرئيسية التي تؤثر على ميزانية الأسرة السورية:

  • ارتفاع أسعار الغذاء الأساسي مثل الخبز والحبوب بنسبة تزيد عن 200%.
  • زيادة تكاليف النقل بسبب تسعير الوقود بالدولار.
  • رفع الإيجارات في المدن الكبرى إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف السابق.
  • ارتفاع فواتير الكهرباء والغاز مع الاستهلاك الشتوي.
  • ضغوط التعليم الخاص بسبب زيادة الرسوم الدراسية.
  • انخفاض القدرة الشرائية رغم زيادة الرواتب الحكومية.

إلغاء قانون قيصر وتأثيره على الاقتصاد السوري

أقر الكونجرس الأمريكي إلغاء عقوبات قانون قيصر المفروضة منذ 2019، ضمن موازنة الدفاع لعام 2026، كخطوة لدعم التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار؛ يشترط تقارير دورية تثبت محاربة داعش وحماية الأقليات وعدم الاعتداء على الجيران. أعلن الرئيس ترامب عزمه رفع العقوبات في لقاء مع الرئيس الشرع في مايو، مع تعليق مؤقت سابق؛ هذا يفتح آفاقًا لتحسين الاقتصاد السوري بعد سنوات من العزلة. يرى حاكم المصرف المركزي عبدالقادر حصرية أن الإلغاء يزيل قيودًا على التحويلات والتجارة، مما يسهل إدارة الاحتياطات ويقلل التضخم الناتج عن اضطراب الإمدادات.

العنصر الاقتصادي التغيير الحالي
سعر الليرة أمام الدولار 11750 ليرة
الرواتب الحكومية المتوسطة 900 ألف – مليون ليرة
سعر ربطة الخبز 5500 – 6000 ليرة
تكلفة إعادة الإعمار 216 مليار دولار

في الوقت نفسه، ارتفع عدد الشركات المسجلة إلى 11.17 ألفًا حتى سبتمبر، مع 50 فرعًا أجنبيًا و40 وكالة، بفضل تبسيط الإجراءات لجذب الاستثمارات؛ يقدر البنك الدولي تكلفة إعادة الإعمار بـ216 مليار دولار، تغطي الأضرار المباشرة 108 مليارات، مع 52 مليارًا للبنية التحتية وحدها؛ هذه التقديرات تشير إلى حاجة ماسة لدعم دولي يعيد بناء الاقتصاد السوري.