وفاة الفنان أحمد الحجار.. خسارة كبيرة للفن المصري

أحمد الحجار في ذمة الله، والفن المصري يودع أحد أعمدته التي صنعت بصمة لا تُمحى في عالم الطرب والموسيقى العربية، بعد مسيرة تجاوزت ثلاثة عقود من العطاء الإنساني والفني. رحل الحجار عن الحياة بعد معاناة طويلة في صمت مع مرض السرطان، تاركًا خلفه إرثًا غنيًا من الأغاني التي تأبى النسيان وأثرًا عميقًا في قلوب محبيه وزملائه.

كيف كان الصراع الصامت لأحمد الحجار مع المرض؟

عانى الفنان أحمد الحجار في صمت تام دون أن يبوح بمعاناته لأصدقائه أو جمهوره، حسب ما أكده حلمي عبد الباقي، عضو نقابة المهن الموسيقية، الذي وصف حالته بأنها تدهورت فجأة بعد طول فترة من الكفاح الداخلي والصبر. لم يظهر الحجار إلا بمظهر الفنان المبتسم، مثبتًا إيمانه العميق وقناعته بأن الرضا سبيله في مواجهة المرض، ولم يشتكِ يوماً من ألمه رغم شدته، محافظًا على هدوئه ووقاره وهو يعاني المرض.

ردود فعل الوسط الفني على رحيل أحمد الحجار

لم يكن خبر وفاة أحمد الحجار مجرد خبر عابر، بل كانت صدمة حقيقية هزّت الوسط الفني المصري والعربي، وتدفقت كلمات العزاء والتقدير من الأصدقاء والزملاء، وأبرزهم مصطفى كامل نقيب الموسيقيين، الذي أعرب عن حزنه العميق عبر صفحته الرسمية على “فيس بوك” قائلاً: “لا إله إلا الله محمد رسول الله.. خبر وفاتك صدمني، الله يرحمك يا أحمد يا حجار، ويغفر لك ويسكنك فسيح جناته”. تتالت الرسائل التي جسّدت مدى المحبة والاحترام الذي حظي به الفنان، وهو الذي اختار الصمت في محنته وظل حتى الرمق الأخير فنانًا إنسانًا راقيًا.

إرث أحمد الحجار وأثره في الموسيقى العربية

يرتبط اسم أحمد الحجار بواحدة من أبرز العائلات الفنية في مصر؛ فهو شقيق الموسيقار علي الحجار وابن الموسيقار الراحل إبراهيم الحجار، وكان من الجيل الذي أضاف روحًا جديدة إلى الموسيقى العربية بمزجه بين الطرب الأصيل والكلمة الرفيعة. تعاون مع كبار الشعراء والملحنين، وأسهم في إثراء المشهد الموسيقي بأغانيه التي خلّدت في الذاكرة، كما شارك في تأليف الموسيقى التصويرية للعديد من الأعمال الدرامية، الأمر الذي أكسبه تقديرًا واحترامًا واسعًا في الوسط الفني. جملة من الإنجازات التي يمكن تلخيصها في الآتي:

• تقديم عشرات الأغاني التي رسخت اسمه في قلوب المستمعين
• المشاركة في الموسيقى التصويرية للأعمال الدرامية المتنوعة
• المزج بين الطرب التقليدي والكلمات ذات الطابع الراقي
• التعاون مع كبار الأدباء والموسيقيين المصريين والعرب

كانت وفاة أحمد الحجار حلقة حزن متسلسلة، إذ جاءت بعد رحيل الفنانين أحمد عامر وضياء عز الدين، مما زاد الألم في الوسط الغنائي المصري، الذي فقد في زمن قصير ثلاثة من أخوته. تحولت صفحات التواصل الاجتماعي إلى منصات للترحم واستعادة الذكريات الجميلة، حيث تلاقى الفنانون والجمهور على حب فقيدهم.

حرصت نقابة المهن الموسيقية على إصدار بيان رسمي للتعزية، عبّر فيه النقيب مصطفى كامل عن الألم لفقدان قامة فنية مثل أحمد الحجار، مؤكداً أنّه ترك علامة لا تُمحى في سجلات الموسيقى والمسرح العربي، خاصة أنه رحل في نفس اليوم الذي غادر فيه الموسيقار اللبناني زياد الرحباني، مما فاقم من وقع الحزن على الوسط الفني بأكمله.

يبقى إرث أحمد الحجار حيًا بيننا من خلال صوته الذي أثّر في الكثيرين، وأعماله التي تجسد خلود الطرب الأصيل، وهو الذي اختار أن يترك الفن يتحدث عنه بعد رحيله، كما كان صامتًا في مواجهة معاناته، مما يجعل حضوره لا يغيب طالما بقيت الأغاني شاهدة على تميّزه وعظمة إنسانيته.