تهديد أمني عاجل يضرب العراق.. كيف تؤثر المخاطر الحالية على الاستقرار الوطني؟

شهد العراق في السنوات الأخيرة تحولات مناخية غير مسبوقة أثرت بشكل مباشر وخطير على مختلف القطاعات الحيوية، ما جعل أزمة التغير المناخي تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن الوطني والاستقرار الاجتماعي، حيث أضحت هذه التحديات البيئية تؤدي إلى موجات نزوح وارتفاع معدلات الفقر وتدهور بيئي يصعب تجاهله.

تأثير التغير المناخي على الأمن الوطني في العراق وأبعاده الاقتصادية والزراعية

يُعتبر التغير المناخي في العراق من أخطر التحديات التي تواجه الأمن الوطني، إذ سجلت درجات الحرارة في محافظات الوسط والجنوب ارتفاعات تجاوزت 50 درجة مئوية خلال صيف 2023 و2024، مع توقعات مماثلة لعام 2025، ما جعل العراق يحتل المرتبة الخامسة عالميًا في شدة التأثر بهذه الظاهرة؛ حيث ارتفع معدل حرارة الجو بنحو 0.48 درجة مئوية لكل عقد، وهو ضعف المعدل العالمي تقريبًا، ما يحمل مخاطر بيئية مستمرة. كما انخفض تدفق نهري دجلة والفرات بنسبة تتراوح بين 30% و40% مقارنة بالمستويات الطبيعية، الأمر الذي تسبب في نقص الموارد المائية، وزيادة التصحر وتبخر المياه، مسهمًا في تقويض الموارد الزراعية والغذائية الحيوية.

انهيار الإنتاج الزراعي ونزوح السكان بسبب موجات الجفاف المتزايدة في العراق

كان للظروف المناخية الحادة أثر بالغ على القطاع الزراعي الذي يُعتبر من أهم الركائز الاقتصادية؛ فقد انخفض إنتاج القمح بنسبة 37% والشعير بنسبة 30% عام 2022، في حين سجلت بعض المناطق تراجعًا فادحًا بلغ 50% في الإنتاج الكلي. واجبر جفاف عام 2023 نحو نصف المزارعين على تقليص المساحات المزروعة وتقليل استخدام المياه، وارتفعت نسبة الأراضي المعرضة للجفاف الكامل إلى 71% عام 2024، مع فقدان أكثر من 100,000 دونم من الأراضي الصالحة بسبب التصحر سنويًا. هذه التأثيرات أدت إلى نزوح حوالي 130,000 شخص من المناطق الريفية إلى المدن خلال الفترة 2022–2023، مع تخلّي ما يقارب 40% من المزارعين عن مهنتهم عام 2024، ما زاد من الاعتماد على المساعدات الإنسانية والقروض الغذائية.

الحلول المقترحة لتعزيز الأمن الوطني العراقي عبر مواجهة التغيرات المناخية المستمرة

في مواجهة هذا التحدي، دعا مركز حقوق الإنسان إلى تنفيذ مبادرات بيئية قوية مثل مشروع “مبادرة العراق الأخضر” الذي يهدف إلى زراعة 5 ملايين شجرة للحد من التصحر، إضافةً إلى تطوير مشاريع للطاقة الشمسية لتوليد 1 غيغاواط كهرباء، وتحسين تقنيات الري بأحدث الأساليب، وابتكار خطة وطنية شاملة للتكيف مع التغير المناخي تشمل استراتيجيات مائية وزراعية ممولة. من الضروري أيضًا توفير دعم مباشر للمزارعين من خلال صناديق طوارئ زراعية وطنية، والانتقال الفوري إلى الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي وخفض الانبعاثات الضارة، بالإضافة إلى إعادة تأهيل الأراضي المتصحرة باستخدام مشاريع تشجير وحصاد مياه الأمطار، مع دمج التغير المناخي في السياسات الاقتصادية وربطها بالتخطيط المالي والاجتماعي، وتعزيز التعاون الدولي لتأمين تمويل مستدام يساعد العراق على تخطي أزمته المناخية.

أدت موجات الحرارة والغبار المتكررة إلى ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي وضربات الشمس، حيث سجلت حالات دخول للمستشفيات أكثر من 5 آلاف خلال يومين فقط في إحدى العواصف الترابية عام 2022، كما تعرض قطاع تربية المواشي لضربة قوية، خاصة في أعداد الجاموس التي انخفضت من 150,000 رأس في 2015 إلى أقل من 65,000 رأس في 2024، مرافقةً لتراجع تربية الأغنام والأبقار بفعل تدهور المراعي وارتفاع تكاليف الأعلاف، مما أثر سلبًا على سلة الغذاء الوطنية.

العام انخفاض إنتاج القمح (%) انخفاض إنتاج الشعير (%) نسبة الأراضي المهددة بالجفاف (%)
2022 37 30 غير محدد
2023 غير محدد غير محدد غير محدد
2024 غير محدد غير محدد 71