واشنطن تصدر تحذيراً شديد اللهجة لبغداد بشأن تأثير قانون الحشد على التعاون الأمني بين البلدين – ما هي التداعيات؟

تستدعي قضية تشريع قانون الحشد الشعبي في العراق اهتمامًا دوليًا واسعًا، إذ تُعتبر هذه الخطوة محور جدل يؤثر على طبيعة الشراكة الأمنية الثنائية بين بغداد وواشنطن، وهو ما يعكس المخاوف الأمريكية من توسع نفوذ الفصائل المسلحة على حساب الدولة.

الآثار المحتملة لتشريع قانون الحشد الشعبي على الشراكة الأمنية بين العراق والولايات المتحدة

تشير وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن تمرير قانون الحشد الشعبي سيؤدي إلى تغيّر جذري في طبيعة التعاون الأمني مع العراق، بعد أن تعبر واشنطن عن رفضها القاطع لهذا القانون الذي يعزز وجود جماعات مسلحة مرتبطة بإيران ومنظمات مصنفة إرهابية على الساحة العراقية، حسب تصريحات تامي بروس، المتحدثة باسم الوزارة خلال مؤتمر صحفي عقد في واشنطن. هذه الخطوة تواجه اعتراضًا أمريكيًا صارمًا لأنها قد تضعف جهود الإصلاح الأمني وتهدد سلطة الدولة على العناصر المسلحة، مما يفتح الباب أمام منح الحشد غطاءً قانونيًا يُستخدم لتبرير تحركاته المستقلة عن الحكومة العراقية.

الضغوط الأمريكية والتداعيات المحتملة على التعاون العسكري مع بغداد

تتضمن الاستراتيجية الأمريكية للرد على تشريع قانون الحشد الشعبي فرض عقوبات استهدفت قادة الحشد المقربين من إيران، إضافة إلى تجميد بعض أوجه التعاون العسكري، وربط استمرار الدعم الأمريكي بتحقيق إصلاحات أمنية صلبة تضمن احتكار الدولة للسلاح. وأكد تقرير معهد “واشنطن” لسياسات الشرق الأدنى أن إقرار القانون يُضعف المؤسسات الأمنية العراقية، ويمنح قوات الحشد المشروعية التي تضر بأمن البلاد واستقرارها. في الوقت ذاته، أعربت السفارة الأمريكية في بغداد عن قلقها العميق من تقدم التشريع، وهو موقف يتكرر عبر ضغوط الدبلوماسية الأمريكية المباشرة التي تحاول منع إقراره خشية تعزيز نفوذ فصائل تُعتبرها واشنطن إرهابية وتشكل تهديدًا للجيش العراقي والسيادة الوطنية.

التوترات السياسية الداخلية وتأجيل التصويت على قانون الحشد الشعبي

لا تزال الخلافات العميقة داخل المكونات السياسية العراقية، خاصة الشيعية، تمنع التوافق حول صيغة القانون، إذ تواجه فكرة دمج الحشد ضمن المؤسسة العسكرية الرسمية مع قيادة متدرجة في السلم العسكري رفضًا من بعض الفصائل النافذة داخل الحشد نفسه. وأوضح مصدر سياسي مطلع أن الخلافات في بنية القانون تعكس صراعات مصالح سياسية متشابكة، ما أدى إلى تأجيل التصويت عليه لدورة نيابية مقبلة. وهو ما يدعمه التصريح الأخير لرئيس البرلمان محمود المشهداني، الذي أكد بأن الرفض الأمريكي لتشريع القانون بصيغته الحالية يُعتبر عاملًا رئيسيًا في هذا التأجيل. كما أن مساعي إقناع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بأبعاد القانون الخطيرة على سيادة العراق تشير إلى تعقيدات الموضوع، الذي لا يقتصر على بعد داخلي بل يتداخل مع حسابات دولية إقليمية وشمولية.

الحدث التفاصيل
تاريخ تأسيس الحشد الشعبي منتصف 2014 بناءً على فتوى الجهاد الكفائي للمرجع علي السيستاني
تشريع قانون الحشد الشعبي الأول نوفمبر 2016، بعد اجتياح داعش للموصل
المخاوف الأمريكية تعزيز نفوذ فصائل مسلحة مرتبطة بإيران ومنظمات إرهابية
الأدوات الأمريكية للضغط فرض عقوبات، تجميد التعاون العسكري، ربط المساعدات بالإصلاحات الأمنية

تعود جذور الحشد الشعبي إلى حرب استنزاف ضد تنظيم داعش عقب سقوط الموصل، حيث اتحدت فصائل عدة استجابة لفتوى دينية لتكوين قوة شعبية لعبت أدوارًا بارزة في معارك تحرير الأراضي العراقية؛ لكن غياب الإطار القانوني والتنظيمي الواضح منع ضبط هذه التشكيلات بشكل منهجي داخل الجيش العراقي، ما منحها امتيازات سياسية وأمنية أزعجت العديد من الأطراف الوطنية والدولية، وأدى إلى مطالبة مستمرة بتعديل قانون الحشد لضبط دوره ومكانته. تظل المواضيع المتعلقة بشراكة العراق الأمنية مع الولايات المتحدة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمستقبل هذا القانون في ظل الضغوط الدولية والتوازنات السياسية الداخلية التي تشهد تغيرات مستمرة.