مديحة كامل.. كيف صنعت أمجادها الفنية وسط أبطال الروايات المصرية الشهيرة؟

بدأت مديحة كامل مسيرتها الفنية في السينما المصرية كواحدة من أبرز نجمات الدراما الإنسانية المركبة، وقد تميزت بأدوارها المستوحاة من الروايات والمسرحيات الأدبية المحلية والعالمية، مما جعلها تترك أثرًا قويًا في ذاكرة المشاهدين الذين يبحثون عن التمثيل الواقعي والعميق. هذا النجاح جعل من اسمها علامة بارزة في عالم الفن، بفضل اختيارها المتقن لأدوارها التي تعكس تعقيدات النفس البشرية وتجارب الحياة.

تاريخ مديحة كامل مع الأعمال الأدبية: بداية مشوارها مع الكلمة المكتوبة

في عام 1970، دخلت مديحة كامل عالم السينما عبر فيلم “دلال المصرية”، والذي شكّل نقطة تحول في مسيرتها، إذ شارك في كتابته نجيب محفوظ، مما أكد الربط الوثيق بينها وبين الأدب العالمي منذ بداياتها. في نفس العام، شاركت في فيلم “الاختيار”، الذي أخرجه يوسف شاهين وكتب بالاشتراك مع محفوظ أيضًا، حيث تعرض من خلاله موضوع انفصام الشخصية ضمن سياق بوليسي نفسي، ما أضاف بعدًا جديدًا لأدوارها. استمرت في تقديم أدوار تناسب القضايا الاجتماعية والنفسية، وكان أبرزها دورها في فيلم “السكرية” عام 1973، المقتبس من ثلاثة أجزاء ضمن ثلاثية نجيب محفوظ، حيث جسدت شخصية موظفة في دار نشر وزوجة تتناول التغيرات الاجتماعية لجيل جديد.

مديحة كامل وتجسيد الكلاسيكيات العالمية في شخصيات معقدة

ما بين أواخر السبعينات وبدايات الثمانينات، اتجهت مديحة كامل إلى تقديم أعمال مأخوذة من أدب عالمي شهير، مما أتاح لها فرصة تجسيد شخصيات ذات أبعاد نفسية وإنسانية عميقة. مثلاً، بطولتها في فيلم “دعاء المظلومين” عام 1977، الذي استند إلى المسرحية الفرنسية “الولدان الشريدان” لبيير كورسيل، رسمت صورة من الصراعات الداخلية التي تواجهها شخصيات الأدب الكلاسيكي. في فيلم “الرغبة” عام 1980، جسدت “هالة” المستوحاة من “ديزي” في رواية “غاتسبي العظيم”، حيث مزجت بين الحنين والمشاعر المعقدة المرتبطة بالحب والثراء. كما شاركت في “أشياء ضد القانون” عام 1982 المُقتبس عن رواية “البعث” لتولستوي الروسي، مستعرضة موضوعات الضمير والعدالة. كذلك أبدعت في “عيون لا تنام” عام 1981 المقتبس عن مسرحية “رغبة تحت شجرة الدردار” لأوجين أونيل، عبر شخصية متشابكة بين الطمع والعاطفة والأمومة الزائفة.

شخصيات نسائية قوية.. مديحة كامل في الأدب المصري المعاصر

لم تقتصر اختيارات مديحة كامل على الأدب العالمي فقط، بل شاركت في أدوار مأخوذة عن الأدب المصري المعاصر، ما أتاح لها تقديم نماذج نسائية حقيقية متعددة الأبعاد. في فيلم “بعيدًا عن الأرض” (1976)، قدمت شخصية “سعاد” المستوحاة من رواية إحسان عبد القدوس، بينما في “أمواج بلا شاطئ” (1976) جسدت “سوزي” من رواية ثروت أباظة، إلى جانب نجوم كبار مثل شادية ومحمود مرسي. ثم في “ولكن شيئًا ما يبقى” (1984)، أدّت دور “زينات”، عشيقة المحتال “عزيز”، مستعرضة عالم الخداع والانهيار الأخلاقي في عمل مأخوذ عن رواية فتحي أبو الفضل، مما أضاف لأدوارها عمقًا دراميًا إنسانيًا لا يُنسى.

مديحة كامل لم تكن مجرد امرأة جميلة على الشاشة، بل كانت فنانة تملك رؤية واضحة تحترم عقل المشاهد، بجمعها بين الجاذبية والعمق في تجسيد الشخصيات. وبينما رحلت عن عالمنا في عام 1997، فإن إرثها الفني، الذي يتخلله التأثر العميق بالأدب المحلي والعالمي، يظل خير شاهد على مكانتها كواحدة من أبرز نجمات الشاشة العربية، اللواتي قدمن صورة ناجحة ومعبرة للأنثى المتعددة الطبقات.