ظهور نادر لهدى سلطان.. رحلة فنية متكاملة بين الغناء والسينما والدراما المصرية

هدى سلطان صوتٌ في عالم الغناء والدراما المصرية ترك أثرًا لا يُمحى عبر مشوار فني مميز جمع بين الأداء التمثيلي والعزف على أوتار الطرب الأصيل، ما جعل من اسمها علامة بارزة في تاريخ الفن المصري.

رحلة هدى سلطان الفنية بين الغناء والدراما المصرية

بدأت هدى سلطان مشوارها الفني كصوت شجي يتردد في الحفلات والمناسبات، ثم نالت فرصة الانطلاق رسميًا عندما انضمّت إلى الإذاعة المصرية بفضل دعم الملحن أحمد عبد القادر، على الرغم من رفض أسرتها وخاصة شقيقها الموسيقار محمد فوزي لدخولها مجال الفن. اكتشفها المنتج جبرائيل نحاس عام 1950، وفتح لها باب السينما من خلال فيلم «ست الحسن» مع المخرج نيازي مصطفى. من هنا، توالت أدوارها في أكثر من سبعين فيلمًا ومسلسلات درامية عدة فرضت من خلالها حضورها بقوة بين نجوم الفن في مصر.

المسيرة السينمائية وأثر هدى سلطان في الغناء والتمثيل

تميّزت أفلام هدى سلطان بالتنوع بين الكوميديا، الرومانسية، والتراجيديا، من بينها «نساء بلا رجال»، «مكتوب على الجبين»، «بيت الطاعة»، و«حبيب قلبي» الذي شهد تعاونها النادر مع الموسيقار رياض السنباطي. استطاعت أن تقدم أدوارًا عميقة تحمل بصمة خاصة، ونجحت في خلق ثنائيات فنية ناجحة مع نجمات ونجمات كبار مثل فريد شوقي، كمال الشناوي، وشكري سرحان. إلى جانب التمثيل، شكل صوتها الدافئ علامة فارقة في مشوارها الغنائي؛ فقد وصفها الموسيقار محمد الموجي بأنها صوت بارع وقوي، فيما أبدع رياض السنباطي في كتابة ألحان حفظها الجمهور عن ظهر قلب.

دراما تلفزيونية وأبعاد إنسانية بصوت هدى سلطان

لم تقتصر مبدعات هدى سلطان على السينما والغناء، بل امتدت إلى عالم الدراما التلفزيونية حيث كانت من الأسماء البارزة، خاصة في مسلسلات مثل «المال والبنون» و«عائلة الحاج متولي». تجسيدها للأدوار الإنسانية أعطاها حضورًا قويًا لدى المشاهدين عبر الأجيال المختلفة، مما جعلها ترتبط بالذاكرة الجماعية كرمز فني لا يتلاشى.

واجهت هدى سلطان تحديات شخصية مؤثرة، أبرزها الخلاف مع شقيقها محمد فوزي الذي عارض دخولها الفن بشدة، حتى وصل التوتر إلى حد تهديده لها بسبب عقدها احتكارًا سينمائيًا، ولكنهم تصالحوا في النهاية بعد سنوات طويلة من الخصام. تعكس هذه القصة نجحتها في كسر القيود الأسرية والاجتماعية التي وقفت عائقًا أمامها، مما جعلها أكثر إصرارًا في إثبات ذاتها في عالم الفن المصري.

يبقى إرث هدى سلطان خالدًا صوتًا وأداءً يُحفظ في أذهان محبي الفن والدراما المصرية والعربية على حد سواء، إذ تجمع أعمالها بين الطرب الأصيل والموهبة التمثيلية التي خلقت علامة فريدة منذ بداياتها وحتى رحيلها. اسمها يُذكر دائمًا عندما يُطرح الحديث عن أعمدة الفن الأصيل، لتظل هكذا شاهدة على قوة الإرادة التي تُحرر الموهبة من كل القيود، وتؤكد أن الفن الحقيقي لا يموت بمرور الزمن بل يبقى محفورًا في قلوب وعقول الأجيال.