بعد فراق 9 أعوام.. نازح سوري يصعب عليه التعرف على حلب

بعد فراق 9 أعوام.. نازح سوري يصعب عليه التعرف على حلب

حلب/ الأناضول
عقب اضطراره للنزوح من مسقط رأسه بمدينة حلب عام 2016، عاد السوري جاسم أبو محمد إلى حيه بعد 9 أعوام، حاملا معه آمالا وأحلاما كبيرة، غير أنه وجد صعوبة في التعرف على مأواه الأول نتيجة أكوام الأنقاض التي خلفتها هجمات نظام الأسد .
اندلعت شرارة الحرب في سوريا في مارس/ آذار 2011 واستمرت حتى سقوط نظام الأسد يوم 8 ديسمبر/ كانون الأول عام 2024، تاركة تأثيرا كبيرا على مدينة حلب التي تحولت بعد حصارها عام 2016 إلى أنقاض نتيجة القصف العنيف والاشتباكات.
وخلال سنوات الحرب، أُجبر آلاف المدنيين على مغادرة منازلهم على أمل العودة إلى ديارهم يوما ما، ومن بينهم جاسم أبو محمد، وهو أب لسبعة أطفال ومقيم في حي النيرب.
** خيبة أمل
قصة أبو محمد مع النزوح القسري بدأت بالتوجه إلى مخيم شمارين في ريف المدينة الشمالي، حيث كافح هناك من أجل البقاء داخل خيمة أقام فيها مع عائلته لمدة 9 سنوات تقريباً.
وعقب سقوط نظام الأسد، عاد أبو محمد إلى منزله، لكنه أصيب بخيبة أمل عند مشاهدته حيه القديم الذي جاء إليه بآمال كبيرة.
ولم يتمكن أبو محمد من العثور على أي شيء يدل على أن شوارع الحي هذه هي نفسها التي قضى فيها طفولته، حيث كانت الشوارع مليئة بالركام وأنقاض الأبنية المنهارة.
خيبة الأمل صدمت أبو محمد الذي اضطر للعودة إلى المخيم الذي جاء منه مصطحباً معه خيبة أمله وأشلاء من حطام آماله.
** أنقاض فقط
وفي حديث للأناضول، أعرب أبو محمد عن خيبة أمله بالمشهد الذي واجهه عندما زار حيّه في مدينة حلب بعد 9 أعوام.
وأضاف أن حيّه أصبح مدمرا نتيجة القصف الذي شنته قوات النظام عليه خلال السنوات السابقة، ولم يبق من منزله سوى “الأنقاض والركام”.
وذكر أبو محمد أنه لم يتمكن من العثور على أي أثر لبيته أو ماضيه، وأن جيرانه القدامى لم يعودوا موجودين واستبدلوا بوجوه لا يعرفها.
ووصف الوضع هناك قائلا: “عندما عدنا إلى حيّنا، وجدناه مدمراً بالكامل. سألتُ عن جيراني ومعارفي، فأخبروني أنه لم يبقَ أحد، وأن الجميع قد رحل”.
وزاد: “لم أجد أيّاً من أصدقاء طفولتي وجيراني. حتى منزلنا دُمر، وبعض المنازل دُمر بالكامل”.
وقال أبو محمد إنه اضطر للعودة إلى المخيم لأنه لم يتمكن من إيجاد مأوى في الحي المغطى بالركام، مبيناً أن كل آماله تبددت.
وأردف قائلا: “عدت إلى المخيم لأنني لا أستطيع تحمل تكاليف الإيجار، وليس لدي أي شيء، ولم يتبقَّ لي شيء. لقد دُمّر منزلي ودُمِّرت حياتي تماما”.
** حياة المخيم مأساوية
وسرد أبو محمد الظروف الصعبة التي يعيشها هو وعائلته في المخيم الذي لجأوا إليه، وضعف البنية التحتية وصعوبة توفير الاحتياجات الأساسية فيه.
وأكد أنهم يقضون كل يوم في حالة من عدم اليقين ويكافحون من أجل التمسك بالحياة، مشيراً إلى أن “الحياة في المخيم أكثر مأساوية مما يتم تخيله”.
وأوضح أبو محمد أن الظروف الصحية في المخيم سيئة للغاية؛ فالمراحيض مشتركة، ويعانون في بعض الأحيان من نقص المياه.
وأشار إلى أن نزلاء المخيم يواجهون مشاكل في التدفئة خلال أشهر الشتاء، داعياً السلطات إلى اتخاذ التدابير اللازمة وتقديم المساعدات بهذا الشأن.
وأضاف أن أطفاله تأثروا أيضاً بهذه الظروف الصعبة، قائلا: “عانيت كثيراً مع أطفالي في برد الشتاء. كنا نتنقل من مركز صحي إلى آخر، ومعلوم للجميع أن الخدمات الصحية في المخيم ضئيلة جدا”.
وذكر أنه اضطر إلى تزويج ابنه في غرفة صغيرة داخل الخيمة التي كانوا يقيمون فيها، وذلك بسبب الصعوبات المالية.
وتعبيراً عن المعاناة التي يواجهها سكان المخيم، قال أبو محمد: “المأساة التي نعيشها تأكُلنا من الداخل”.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من حزب البعث و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم:

close