وداع غزة.. طلبات مؤثرة من صحفيي المدينة بين علاج زوجة مريضة وهبات ثمينة قبل الرحيل

في قطاع غزة، تعرّض مجمع ناصر الطبي في خان يونس لقصف إسرائيلي مباشر أسفر عن مقتل خمسة صحفيين شباب أثناء تأديتهم عملهم الصحفي، بينهم مريم أبو دقة، حسام المصري، ومحمد سلامة، الذين وثقوا لحظات القصف وهم على الهواء مباشرة؛ حادثة أثارت صدمة واسعة وأظهرت حجم المخاطر التي يواجهها الصحفيون أثناء تغطية أحداث الحرب.

قصة مريم أبو دقة وكيف أصبحت رمزًا للتغطية الصحفية في قطاع غزة

يروي والد مريم أبو دقة، الصحفية التي تجاوز عمرها الثلاثين، تفاصيل اللحظات الأخيرة مع ابنته التي كانت تتابع التغطية في مجمع ناصر الطبي؛ مريم كانت عودتها إلى المنزل قبل الغارة بيوم استثنائية، حيث قضت وقتًا أطول من المعتاد برفقة والدها، مؤمنة قلبه بالدعاء من أجل سلامتها وسط الأزمة. وعندما بدأ القصف على المستشفى، حاول والده الاتصال بها مرارًا، لكنه تلقى صدمة استشهادها من شقيقها بعد فشل الاتصال، شاهداً على الجثمان الحزين الذي نُقل من على الدرج. مريم لم تكن مجرد صحفية مخلصة في عملها، بل كانت أيضًا من أعظم المعطيات لأسرتها؛ فقد تبرعت بكليتها لوالدها المريض رغم تحفظاته، مؤكدة له رغبتها بإرادة حقيقية. عرفت مريم بقوتها الداخلية وكتبت وصيتها لابنها الوحيد الذي أرسلته بعيدًا إلى أبو ظبي لكي يحظى بسلامة، ما جعلها رمزًا لفلسطين كلها؛ فقد تغلبت بإصرارها على الخطر وصنعت ذكرى خالدة تبقى للأجيال القادمة.

كيف وثق حسام المصري عمل الصحفيين في حرب غزة وسط الحصار والمعاناة

يتحدث عز الدين المصري، شقيق الصحفي حسام المصري، عن اللحظات المأساوية التي أفقدته أخاه أثناء القصف على مجمع ناصر الطبي، ويصف كيف حاول البحث عنه في ثلاجة الموتى دون جدوى حتى عثر عليه محمولاً بين الجثامين. حسام، الذي ركّز على تغطية أحداث خان يونس مع وكالة رويترز، شارك في بث مباشر يوثق الاستهداف على الهواء، حيث اختلط دماءه مع معدات العمل، ما جعل موته شهادة حية على التضحيات التي يقدمها الصحفي في مناطق النزاعات. كان حسام يتحمل أعباء صحية في العائلة، إذ اعتنى بزوجته المريضة بمرض السرطان الذي تفاقم معها، وجاب معاناتهما بين أروقة المستشفيات بحثًا عن الدواء. ترك وصية واضحة لمن يعملون في مجال الصحافة بضرورة بذل كل الجهود لعلاج زوجته بالخارج إن يصيبه مكروه أثناء أداء مهمته، ليظل صوت التضامن والرعاية حاضرًا حتى في أصعب الظروف.

محمد سلامة وهلا عصفور: قصة حب وأمل وسط ظلال الحرب والألم

تروي صديقة محمد سلامة وخطيبته هلا عصفور مأساة هذا الثنائي اللذين عملا جنبًا إلى جنب لتوثيق أحداث مجمع ناصر الطبي، وحلما بحياة مشتركة قبل أن تُجهز نار الحرب على حلم الزفاف والعمر المشترك. بعد استشهاد محمد، عانت هلا من فقدانها بشكل مؤلم، تظهر معاناتها في تمسكها بجثمانه همسًا بخططهما التي لم تتحق، ثم فقدت الوعي، وحاول شقيقها تخفيف آلامها الطبية بمهدئات استمرت لساعات. كان من المقرر أن يُعقد حفل زفافهما، لكنهما أرجآ ذلك بسبب الحرب وأملًا بداخلهما في الاحتفال بسلام بعيدًا عن القصف. وصفت ظريفة حالة هلا بأنها لم تعد كما كانت بعد المأساة، مشيرة إلى أن محمد لم يكن فقط خطيبها بل صديقها وشريكها الإعلامي الذي أكملتها في ميدان الصحافة وسط الأوقات العصيبة.

الاسم مكان الاستهداف التاريخ المهنة تاريخ الوفاة
مريم أبو دقة مجمع ناصر الطبي – خان يونس 25 أغسطس 2024 صحفية 25 أغسطس 2024
حسام المصري مجمع ناصر الطبي – خان يونس 25 أغسطس 2024 صحفي 25 أغسطس 2024
محمد سلامة مجمع ناصر الطبي – خان يونس 25 أغسطس 2024 صحفي 25 أغسطس 2024

يسلط استهداف مجمع ناصر الطبي الضوء على المخاطر الكبرى التي تواجه الصحفيين أثناء تغطيتهم للحرب في غزة، حيث تتحول مهنتهم إلى مهمة بطولية في ظل الأجواء التي تخيم عليها الخطر الدائم. تبقى قصص مريم، حسام، ومحمد شاهداً مؤثراً على الثمن الباهظ الذي يدفعه الإعلاميون الشباب في سبيل نقل الحقيقة إلى العالم، وتؤكد أن قتل الصحفيين هو محاولة لإسكات صوت العدالة والحق، حيث لم تنطفئ أضواء ذكراهم بل ازدادت قوة في ضمير الشعوب التي تشاهد الأحداث عبر عدساتهم.