العطش يجتاح جنوب العراق.. أزمة مياه حادة تهدد السكان (صور)

أزمة العطش في جنوب العراق تجبر الأهالي على قطع مسافة 3 كيلومترات للحصول على قطرة ماء نظيفة، مما يعكس حجم الكارثة التي يعيشها سكان مناطق مثل قضاء الشطرة بمحافظة ذي قار. منذ 2021، توقفت مياه الشرب بشكل كامل في قرى نائية، مع توقف الزراعة التي تُعتبر المصدر الرئيسي للمعيشة، ما أثّر بشدة على حياة السكان وزاد من تفاقم مشاكل الجفاف القاسية التي تطال جنوب العراق.

تفاصيل أزمة العطش في جنوب العراق وتأثيرها على الزراعة والقرى الريفية

يواجه سكان جنوب العراق أزمة عطش حادة أجبرتهم على البحث عن مصادر مياه نظيفة لمسافات تصل إلى 3 كيلومترات يوميًا، كما هو الحال مع صادق عاشور من قرية آل ملال التي تقع جنوب محافظة ذي قار؛ حيث تأثرت القرية بشدة بسبب الجفاف الذي أدى إلى وقف الزراعة بشكل شبه تام. تعاني المنطقة من انقطاع مياه الشرب منذ عام 2021، وتعتمد العوائل على شراء المياه من سيارات المياه السطحية التي تأتي أحيانًا إلى القرية، وسط غياب حلول حكومية فعالة رغم محاولات محدودة مثل مشروع مياه التنقية RO الذي لم يستمر في تقديم المياه منذ بداية مارس 2024.

تسبَّب جفاف الأهوار والأنهار المجاورة بتضرر واسع في القرى المنتشرة في محافظتي ذي قار وميسان، مما زاد من معاناة سكان الريف وتدهور أوضاعهم المعيشية، وأكدت وزارة الموارد المائية أنه رغم التحديات الكبيرة للجفاف، هناك جهود تُبذل للحد من آثاره في المناطق الحيوية. إلا أن الواقع على الأرض لا يزال صعبًا بسبب قلة المياه المتوفرة.

عواقب الجفاف وهجرة السكان بسبب أزمة العطش في جنوب العراق

يبرز جفاف الأهوار في جنوب العراق باعتباره أزمة بيئية حادة لم تشهدها المنطقة من قبل، حسب تصريحات جاسم الأسدي مسؤول منظمة طبيعة العراق، الذي بيّن أن مناسيب نهر الفرات في قضاء الجبايش بلغت 55 سنتيمتراً مقارنة بـ194 سنتيمتراً في 2019، مما أدّى إلى انخفاض نسبة إغمار الأهوار إلى 25% فقط من حاجتها الفعلية.

يُجبر هذا الوضع مربي الجاموس على التنقل أربع مرات سنويًا بين مواطنهم القديمة والجديدة بحثًا عن الماء، إضافة إلى هجرة السكان باتجاه مناطق خارج الأهوار بسبب الآثار السلبية الجسيمة على المناطق الزراعية وتفشي الأمراض الجلدية بين السكان. ويصف الأسدي الوضع المائي في الأهوار والأنهار بـ”الكارثة”؛ إذ وصلت كمية المياه في السدود الرئيسية إلى أقل من 8 مليارات متر مكعب، وهي أقل نسبة منذ 80 عامًا.

تترافق الأزمات بعطش شديد، وانعدام الزراعة، وانتشار الأمراض، فضلاً عن تداعيات سلبية على التنوع الإحيائي والاقتصاد المحلي بعد توقف صيد الأسماك وقص الحشائش. ويشير خبراء المياه إلى أن الأسباب الرئيسية وراء جفاف المياه تتمثل في سوء إدارة الموارد وتبذيرها، خاصة في زراعة الشلب، فضلاً عن الاكتفاء بمحصول الحنطة فقط.

خسائر مائية وحيوانية ضخمة وتأثير أزمة العطش في جنوب العراق على المعيشة

أثرت أزمة العطش التي تواجه جنوب العراق بشكل مباشر على الموارد الزراعية والحيوانية، حيث أشار حسن وريوش، عضو مجلس النواب العراقي، إلى أن سوء إدارة ملف المياه تسبب في تراجع الخزين الاستراتيجي في البلاد لأقل من 9 مليارات متر مكعب، مع انخفاض إطلاقات المياه إلى الأهوار والأنهار مما أضر بمرافق الحياة وأدى إلى موجة هجرة واسعة في مناطق جنوب الناصرية والمناطق المحيطة بها.

من جانبه، أكد محمد عباس، مدير زراعة ذي قار، أن الخسائر في الثروة الحيوانية وصلت إلى نفوق أكثر من 14 ألف رأس جاموس، كما انخفضت الثروة السمكية بنسبة 85%، الأمر الذي يمثل كارثة بيئية واقتصادية. ويضيف نجم الغزي، الأكاديمي، أن 85% من مياه الناصرية هي مياه مجاري وبزل، ونهر الغراف الذي تزود المدينة منه أصبح ملوثًا وسامًا بسبب تدني الإطلاقات وارتفاع نسبة مياه المجاري من دون اتخاذ تدابير فورية.

تُعتبر مناطق الحمار والجبايش والجبايش والدجيلة بين أكثر المناطق تضرراً، مع نزوح معظم سكانها لبحثهم عن حياة كريمة بعدما انهارت مواردهم المائية والزراعية.

• انخفاض مستوى المياه في الأنهار والأهوار بنسبة تجاوزت 75%
• نفوق آلاف رؤوس الجاموس والثروة السمكية المتراجعة
• هجرة واسعة للسكان بسبب تدهور الأوضاع المعيشية
• تفشي الأمراض الجلدية بين الأهالي
• اعتماد المدن على مياه ملوثة وغياب حلول عاجلة

بينما يؤكد الحاج رضوان عبد علي أن موسم الجفاف الحالي يعد الأسوأ منذ أجيال، حيث يُضطر السكان لقطع مسافات طويلة للحصول على مياه صالحة للشرب والاستخدام، مع تزايد موجات النزوح إلى مراكز المدن مثل الناصرية التي تستقبل أعداداً متزايدة من العوائل الباحثة عن الماء والغذاء. ويرى المختصون ضرورة اعتماد سياسات مائية مستدامة تشمل ترشيد استهلاك المياه، تطوير أنظمة الري، وتبني تقنيات زراعية حديثة لوقف تفاقم أزمة العطش التي تضرب جنوب العراق بكل قوتها، ما يحتم اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع تكرار هذه الكوارث مستقبلاً.