الألعاب الإلكترونية تفرض نفسها كقوة اقتصادية سعودية جديدة في المنطقة

تُظهر رياضة الألعاب الإلكترونية في السعودية نموًا هائلًا، حيث استضافت المملكة مهرجان Gamers8 في الرياض، مما جذب ملايين المتابعين حول العالم ومكّنها من فرض مكانتها كمنصة إقليمية وعالمية لهذه الصناعة، كما تجلى الدعم السياسي المباشر لهذا القطاع حين كرم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الفائزة في إحدى البطولات العالمية، ما يعكس رؤيته لتطوير قطاع الألعاب ضمن مشروع التحول الوطني.

نمو قطاع الألعاب الإلكترونية وأثره الاقتصادي في السعودية

ينعكس نمو قطاع الألعاب الإلكترونية في السعودية على الاقتصاد بشكل واضح، إذ لم تعد الألعاب مجرد ترفيه عابر، بل أصبحت جزءًا أساسياً من اقتصاد معرفي متكامل يشمل ريادة الأعمال وتطوير المحتوى الرقمي والابتكار التكنولوجي، إضافةً إلى دورها في جذب السياحة الترفيهية وفتح آفاق جديدة للعمل للشباب؛ ففي عام 2024 استحوذت المملكة على نحو 20% من إيرادات سوق الألعاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع تقدير قيمة السوق السعودي لما يزيد عن 1.8 مليار دولار، وتشير التوقعات إلى إمكانية مضاعفة هذا الرقم بحلول 2030 بفضل زيادة قاعدة اللاعبين والاستثمارات المتنامية.

الاستراتيجية الوطنية للألعاب الإلكترونية ودورها في تعزيز السوق السعودي

انطلقت في 2022 الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، والتي تهدف إلى وضع السعودية كمركز عالمي لهذا القطاع بحلول 2030، مع خلق أكثر من 39 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة؛ وتعزز التركيبة السكانية لهذا التوجه، إذ يمثل الشباب 67% من السكان، وهم الفئة الأكثر إقبالًا على الألعاب، مما يوفر قاعدة صلبة للنمو المستدام. وتلعب الاستثمارات الحكومية دوراً محورياً في ذلك، حيث أسست المملكة Savvy Games Group برأسمال يبلغ نحو 37 مليار دولار، مستحوذةً على حصص في شركات عالمية كبرى مثل “Activision Blizzard” و”Electronic Arts”، إلى جانب دعم استوديوهات محلية لتطوير الألعاب السعودية.

التحديات والحلول لتحقيق استدامة قطاع الألعاب الإلكترونية في السعودية

على الرغم من هذا النمو الكبير، تواجه صناعة الألعاب الإلكترونية في السعودية تحديات تتطلب حلولًا فاعلة لضمان استدامة النجاح، من أبرزها الحاجة إلى تأهيل كوادر محلية قادرة على المنافسة عالمياً، وتحديث البيئة التنظيمية لتشجيع الابتكار وحماية حقوق اللاعبين والمطورين؛ كما يظل تطوير البنية التحتية الرقمية، لا سيما توفير الإنترنت عالي السرعة، ضرورة لا غنى عنها لتجربة ألعاب سحابية متقدمة، ويؤكد الجدول التالي أهمية عوامل تطوير القطاع:

العامل الأهمية التأثير على القطاع
تأهيل الكوادر المحلية مرتفع تعزيز القدرة التنافسية العالمية
تطوير البيئة التنظيمية مرتفع تشجيع الابتكار وحماية الحقوق
البنية التحتية الرقمية مرتفع دعم الألعاب السحابية وتحسين الأداء

تعكس التجارب العالمية، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، أن النجاح في صناعة الألعاب يتطلب منظومة متكاملة من التعليم والتدريب والإبداع، بالإضافة إلى شراكات فعالة بين القطاعين العام والخاص، والسعودية اليوم تواصل السير في هذا المسار، مستفيدةً من قوتها الاستثمارية الكبيرة ودعم القيادة السياسية المباشر، فضلًا عن دبلوماسية اقتصادية نشطة وشراكات إقليمية وعالمية تعزز مكانة المملكة ضمن خارطة الصناعة الرقمية.

أصبحت الألعاب الإلكترونية في السعودية أكثر من مجرد وسيلة تسلية؛ فهي أداة استراتيجية لتنويع الاقتصاد وتهيئة فرص وظيفية للشباب، كما تعزز موقع المملكة عالمياً من خلال القوة الناعمة الرقمية، وبفضل الاستثمارات المتواصلة في البنية التحتية ورعاية القيادة العليا، تتجه السعودية بثقة نحو أن تصبح مركزًا عالميًا بارزًا في صناعة الألعاب الإلكترونية خلال العقود المقبلة.